تعرضت خدمات رقمية حيوية في فرنسا، بما في ذلك تلك المقدمة من مكتب البريد الوطني الفرنسي وخدمته المصرفية “لا بانك بوستال”، لهجوم إلكتروني واسع النطاق. وقد أدى هذا الهجوم السيبراني، الذي يُشتبه بأنه من نوع حجب الخدمة الموزعة (DDoS)، إلى تعطيل عمليات التسليم وإحداث اضطرابات في المدفوعات والتحويلات المالية عبر الإنترنت، خاصةً مع اقتراب فترة الأعياد وزيادة الطلب على هذه الخدمات. وتأتي هذه الهجمات في ظل تصاعد المخاوف الأمنية الرقمية في البلاد.
تأثير الهجوم السيبراني على الخدمات اللوجستية والمالية
أعلن مكتب البريد الفرنسي، يوم الاثنين 22 ديسمبر 2025، عن توقف خدماته الإلكترونية نتيجة للهجوم. وأكدت الشركة أن بيانات العملاء لم يتم اختراقها، إلا أن عمليات فرز وتسليم البريد والطرود، بما في ذلك الشحنات العاجلة، قد تأثرت بشكل ملحوظ. وبحسب تقارير إعلامية فرنسية، فقد واجه المواطنون صعوبات في إرسال الطرود أو استلامها من مكاتب البريد.
بالتزامن مع ذلك، ذكرت “لا بانك بوستال” أن الهجوم يعيق الوصول إلى الخدمات المصرفية عبر الإنترنت والتطبيق الخاص بالهواتف المحمولة. ومع ذلك، أكدت الشركة أن عمليات الدفع باستخدام البطاقات في المتاجر والأجهزة الصرافة لا تزال تعمل بشكل طبيعي. كإجراء احترازي مؤقت، تتطلب المدفوعات عبر الإنترنت حاليًا التحقق عبر رسالة نصية قصيرة.
هجمات إلكترونية متتالية تستهدف البنية التحتية الفرنسية
لم يكن مكتب البريد والخدمة المصرفية وحدهما المستهدفين. فقد أعلنت مجموعة “بي بي سي إي”، التي تضم بنكي “بانك بوبيولير” و”كاس ديبارغن”، عن عطل تقني صباح الاثنين، تم حله في وقت لاحق من اليوم نفسه. تأتي هذه الأحداث بعد أسبوع من استهداف وزارة الداخلية الفرنسية بهجوم إلكتروني أدى إلى ضعف الأمن القومي.
وتحقق السلطات حاليًا في هذا الهجوم الأخير على وزارة الداخلية، حيث أوقفت شخصًا يُشتبه في تورطه في القضية. ووفقًا لتصريحات وزير الداخلية لوران نونييز، فقد تمكن المشتبه به من الوصول إلى “عشرات الملفات الحساسة” وتفاصيل سجلات الشرطة والأفراد المطلوبين. يرجع الوزير هذا الحادث إلى “الإهمال” الداخلي.
ادعاءات باختراق كبير للبيانات الشرطية
أفادت تقارير إعلامية بأن مجموعة “أنونيموس” تباهت باختراق بيانات سرية من ملفات شرطية فرنسية مختلفة، تقدر بنحو 70 مليون سجل. وزعمت المجموعة أن هذا الخرق يؤثر على 16.4 مليون مواطن فرنسي، وشمل تفاصيلًا حول هوياتهم وبياناتهم المسجلة في قواعد البيانات الحكومية. التحقيقات جارية للتحقق من صحة هذه الادعاءات وتحديد حجم الضرر.
بالإضافة إلى ذلك، يجري تحقيق في مخطط هجوم إلكتروني محتمل استهدف نظام الكمبيوتر الخاص بعبّارة دولية لنقل الركاب، وذلك وفقًا لما قاله المدعون العامون. ويواجه أحد أفراد طاقم العبّارة، وهو من لاتفيا، اتهامات بالعمل لصالح جهة أجنبية لم يتم تحديدها بعد.
تصاعد التوترات والاتهامات
تأتي هذه الهجمات في ظل اتهامات متزايدة لروسيا بشن “حرب هجينة” ضد فرنسا والدول الأوروبية الأخرى، بما في ذلك الهجمات الإلكترونية. السلطات الفرنسية والأوروبية تدرس بعناية هذه التهديدات وتعمل على تعزيز الدفاعات الأمن السيبراني. كما تواجه شركات خاصة، مثل شركة الاتصالات “إس إف آر” وسلسلة متاجر الأدوات المنزلية “ليروي ميرلين”، هجمات مماثلة، مما يشير إلى اتساع نطاق التهديد.
من المتوقع أن تستمر التحقيقات في هذه الهجمات المتتالية خلال الأيام والأسابيع القادمة. وتتركز الجهود حاليًا على تحديد الجهات الفاعلة وراء هذه الهجمات، وتقييم الأضرار الناجمة عنها، وتعزيز الأمن السيبراني على المستوى الوطني. وستراقب السلطات الفرنسية عن كثب التطورات المتعلقة بالهجوم وستعمل على استعادة الخدمات المتوقفة في أقرب وقت ممكن.












