أنهت هيئة المنافسة الإسرائيلية تحقيقًا مطولًا في سياسات التسعير التي اتبعتها شركة “إل عال” للطيران خلال فترة الحرب، مما قد يؤدي إلى فرض غرامة مالية كبيرة. يركز التحقيق على شبهات استغلال الشركة لموقعها المهيمن في سوق الطيران، خاصةً بعد انسحاب العديد من شركات الطيران الأجنبية من إسرائيل، وارتفاع أسعار تذاكر الطيران بشكل ملحوظ. هذا التحقيق يثير تساؤلات حول ممارسات التسعير في ظل الظروف الاستثنائية.
التحقيق الذي استمر لعدة أشهر، ركز بشكل خاص على خطوط الطيران الرئيسية التي كانت “إل عال” تعمل عليها بشكل شبه حصري خلال فترة الحرب، مثل الرحلات إلى أمريكا الشمالية وشرق آسيا. تدرس الهيئة ما إذا كانت الشركة قد استغلت غياب المنافسة لفرض أسعار غير عادلة على المسافرين، وهو ما قد يشكل انتهاكًا لقوانين المنافسة.
مسار قانوني تمهيدي وغرامة محتملة على “إل عال”
وفقًا لصحيفة غلوبس، فإن المرحلة التالية تتضمن توجيه اتهام رسمي إلى “إل عال”، يليه جلسة استماع حيث يمكن للشركة تقديم دفاعها. يمكن للهيئة أن تخفض قيمة الغرامة المحتملة إذا اقتنعت بوجود ظروف مخففة، قبل اتخاذ قرار نهائي بشأن حجم العقوبة. الغرامة القصوى التي يمكن فرضها تصل إلى 118 مليون شيكل (حوالي 37 مليون دولار).
وتشير التقارير إلى أن احتساب الغرامة يعتمد على عدة عوامل، بما في ذلك التدفقات النقدية للشركة، وخطورة المخالفة، ومدتها، وتكرارها. هذا يعني أن المبلغ النهائي قد يكون أقل من الحد الأقصى المحدد، مع الأخذ في الاعتبار الظروف الخاصة التي مرت بها الشركة خلال فترة الحرب.
تحقيق معقد في سوق الطيران المضطرب
أكدت هيئة المنافسة أن التحقيق كان معقدًا للغاية، نظرًا للظروف الاستثنائية التي شهدها سوق الطيران الإسرائيلي. شهدت الفترة الماضية تراجعًا حادًا في المنافسة بعد إلغاء العديد من شركات الطيران الأجنبية لرحلاتها إلى إسرائيل، مما أدى إلى زيادة الاعتماد على “إل عال”.
ركز الفحص على ما إذا كانت “إل عال” قد اكتسبت وضعًا احتكاريًا فعليًا على بعض الخطوط، مما سمح لها بفرض أسعار مرتفعة. وتشير المصادر إلى أن الهيئة تدرس بعناية ما إذا كانت الشركة قد استغلت هذا الوضع لتحقيق أرباح غير عادلة على حساب المسافرين.
وتشير غلوبس إلى أن قانون المنافسة يهدف بشكل أساسي إلى معالجة إقصاء المنافسين من السوق، وليس بالضرورة إلى التدخل في ارتفاع الأسعار الناتج عن صدمات مفاجئة في العرض والطلب. ومع ذلك، فإن القانون يسمح باتخاذ إجراءات إنفاذ حتى في حالة عدم إعلان احتكار رسمي، إذا ثبت أن شركة ذات قوة سوقية كبيرة قد فرضت أسعارًا غير عادلة.
أسعار تذاكر الطيران ارتفعت بشكل ملحوظ خلال فترة الحرب
على الرغم من دفاع “إل عال” عن سياساتها، إلا أن الأرقام التي نشرتها غلوبس تكشف عن ارتفاع كبير في أسعار تذاكر الطيران خلال فترة الحرب. تراوحت أسعار التذاكر الاقتصادية ذهابًا فقط إلى وجهات في شرق المتوسط (أثينا، لارنكا، بافوس) بين 150 و469 دولارًا، وإلى وجهات في شرق أوروبا (بوخارست، براغ، بودابست) بين 158 و637 دولارًا.
كما ارتفعت أسعار التذاكر إلى غرب أوروبا (روما، ميونخ، برشلونة) لتتراوح بين 259 و659 دولارًا، بينما وصلت أسعار التذاكر إلى باريس ولندن إلى ما بين 353 و880 دولارًا. أما بالنسبة للرحلات إلى شرق آسيا (بانكوك، فوكيت، طوكيو) فقد تراوحت الأسعار بين 770 و1689 دولارًا، في حين وصلت أسعار التذاكر إلى أمريكا الشمالية (نيويورك، لوس أنجلوس) إلى ما بين 799 و1900 دولار.
هذه الزيادات الكبيرة في الأسعار تثير تساؤلات حول مدى استجابة “إل عال” للظروف الاستثنائية، وما إذا كانت قد استغلت الوضع لتعظيم أرباحها. وتشير بعض التحليلات إلى أن الشركة قد تكون قد فرضت أسعارًا أعلى بكثير مما كان متوقعًا في ظل الظروف العادية.
رد “إل عال” على الاتهامات
أكدت “إل عال” أنها لم تتلقَّ بعد إخطارًا رسميًا من هيئة المنافسة، وأنها تعمل دائمًا وفقًا لجميع القوانين، بما في ذلك قوانين المنافسة. وشددت الشركة على قناعتها بأنه “لا يوجد أي خلل في سلوكها”، وأنها تصرفت خلال فترة الحرب بدافع التضامن والالتزام تجاه الجمهور.
وأشارت “إل عال” إلى أنها فرضت سقوفًا سعرية على بعض الوجهات وزادت عدد الرحلات القصيرة قدر الإمكان، وذلك بهدف توفير خيارات سفر للمواطنين الإسرائيليين. ومع ذلك، فإن هذه الإجراءات لا تزال قيد التدقيق من قبل هيئة المنافسة، التي تسعى إلى تحديد ما إذا كانت كافية لتبرير الأسعار المرتفعة.
من المتوقع أن تصدر هيئة المنافسة قرارها النهائي بشأن هذا التحقيق في غضون الأسابيع القليلة القادمة. سيكون هذا القرار حاسمًا في تحديد ما إذا كانت “إل عال” ستواجه غرامة مالية كبيرة، وما إذا كانت ستضطر إلى تغيير سياساتها التسعيرية. يجب مراقبة التطورات المتعلقة بهذا التحقيق عن كثب، حيث يمكن أن يكون لها تأثير كبير على سوق الطيران الإسرائيلي ومصالح المستهلكين. كما أن هذا الأمر قد يضع سابقة لتنظيم أسعار تذاكر الطيران في حالات الطوارئ والأزمات.












