الخرطوم – تصاعدت الأزمة الإنسانية في السودان بشكل حاد بسبب الحرب المستمرة، حيث كشف وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية السوداني، معتصم أحمد صالح، عن أرقام مقلقة تتعلق بالنازحين واللاجئين، بالإضافة إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية. وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 16 مليون شخص نزحوا داخل البلاد، بينما لجأ حوالي 5 ملايين سوداني إلى دول الجوار، في ظل ارتفاع عدد الذين يعيشون تحت خط الفقر إلى 23 مليون نسمة. هذه الأزمة المتفاقمة تتطلب استجابة إنسانية عاجلة وفعالة.
وأكد الوزير أن الوضع في مدينة الفاشر، التي شهدت تصعيدًا كبيرًا في العنف، ليس حالة منفردة، بل هو جزء من نمط أوسع من الجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها قوات الدعم السريع في مناطق مختلفة من السودان، بما في ذلك دارفور والخرطوم وولايتي الجزيرة وسنار. وأشار إلى أن حجم المعاناة الحقيقي أكبر بكثير مما يظهر للعلن.
تدهور الأوضاع الإنسانية وارتفاع أعداد النازحين
وفقًا لوزير الموارد البشرية، فإن الأزمة الإنسانية في السودان تتجاوز قدرة الاستيعاب المحلي والإقليمي. وقد أدت الاشتباكات العنيفة في الفاشر إلى موجات نزوح كبيرة، حيث يواجه عشرات الآلاف من السكان صعوبة في مغادرة المدينة بسبب القيود التي تفرضها قوات الدعم السريع. وقد تدفق حوالي 50 ألف نازح من الفاشر وغرب كردفان إلى الولاية الشمالية، وخاصة منطقتي الدبة ودنقلا، معظمهم من النساء والأطفال وكبار السن.
وأضاف الوزير أن هذه الأزمة ليست مقتصرة على الفاشر، بل تمتد لتشمل مناطق أخرى في السودان، مما يؤدي إلى تفكك الأسر وتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. وتشير التقارير إلى أن الحرب أدت إلى تدمير البنية التحتية وتعطيل الخدمات الأساسية، مما فاقم من معاناة السكان.
الجهود الدولية والاستجابة للأزمة
على الرغم من الجهود الدولية المبذولة، يرى الوزير أن الاستجابة الإنسانية الحالية لا تزال غير كافية لمواجهة حجم الكارثة. وقد قدمت بعض الوكالات الدولية ودول شقيقة وصديقة دعمًا مهمًا، إلا أن الاحتياجات لا تزال هائلة. ويؤكد الوزير على ضرورة تدخل دولي يتناسب مع حجم الأزمة، وليس مجرد تدخلات متفرقة ومحدودة.
وتشير بيانات برنامج الأغذية العالمي إلى أن السودان يواجه أكبر أزمة انعدام أمن غذائي في العالم، وأن هناك حاجة ماسة لتمويل إضافي للوصول إلى حوالي 5 ملايين شخص. ومع ذلك، تواجه المنظمات الإنسانية صعوبات في الوصول إلى المحتاجين بسبب القيود الأمنية والبيروقراطية.
شروط الحكومة لقبول الهدنة الإنسانية
أكد معتصم أحمد صالح أن الحكومة السودانية ترحب بأي هدنة تهدف إلى تخفيف معاناة المدنيين، لكنها تضع شروطًا واضحة لقبولها. ويجب أن تضمن الهدنة وقفًا حقيقيًا لإطلاق النار والانتهاكات، بالإضافة إلى السماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى جميع المحتاجين دون استثناء. كما يجب أن تمنع الهدنة أي محاولة لإعادة تسليح قوات الدعم السريع.
وشدد الوزير على أن الحكومة ملتزمة بحماية المدنيين، لكنها ترفض أي ترتيبات تكافئ من ارتكبوا جرائم جماعية. وتعتبر الحكومة أن محاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم أمر ضروري لتحقيق العدالة والسلام.
التحديات المتعلقة بمرور المساعدات الإنسانية
أشار الوزير إلى بعض التحديات المتعلقة بمرور المساعدات الإنسانية، مثل بطء الإجراءات الداخلية الخاصة بالمنظمات والبيروقراطية التي تعيق عملية التحرك. كما أشار إلى أن بعض التدخلات الإنسانية تركز على مناطق دون أخرى، مما يؤدي إلى تفاقم التفاوتات. بالإضافة إلى ذلك، هناك ضعف في الاستثمار في برامج التعافي الاقتصادي، مع التركيز بشكل كبير على توزيع الغذاء فقط.
وفيما يتعلق بمعبر أدري الحدودي مع تشاد، أوضح الوزير أن النقاش يدور حول ضمان الرقابة الفعالة على الشحنات ومنع وصول المساعدات إلى قوات الدعم السريع. وتؤكد الحكومة السودانية على أهمية الحفاظ على سيادتها وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها فقط.
من المتوقع أن تستمر الأزمة الإنسانية في السودان في التدهور خلال الأشهر المقبلة، ما لم يتم تحقيق تقدم كبير في جهود السلام وتوفير استجابة إنسانية كافية. وستظل قضية النازحين واللاجئين في صدارة الأولويات، مع الحاجة إلى تنسيق جهود دولية وإقليمية لتلبية احتياجاتهم وضمان كرامتهم وحقوقهم. وتظل عودة الاستقرار السياسي والاقتصادي هي المفتاح لمعالجة الأزمة بشكل مستدام.













