رفضت محكمة الاستئناف في لاكويلا، إيطاليا، الطعن المقدم من والديْ الأطفال الثلاثة المعروفين باسم “أسرة الغابة”، مؤكدةً قرار محكمة الأحداث السابق بإبعادهم عن أسرهم. يثير هذا القرار جدلاً واسعاً حول حقوق الأسرة وتدخل الدولة في أساليب الحياة، خاصةً مع تصريحات معارضة من شخصيات سياسية بارزة.
الواقعة تتعلق بعائلة كانت تعيش في عزلة تامة في منطقة ريفية بالقرب من بالمولي في مقاطعة كييتي، دون توفير الخدمات الأساسية مثل الكهرباء أو الرعاية الصحية لأطفالهم. وقد أمرت المحكمة بنقل الأطفال إلى دار رعاية في فاستو، مع السماح بزيارات منتظمة للأم.
الخلفية القانونية لـ “أسرة الغابة” وتصعيد القضية
بدأت القضية عندما لفتت تقارير عن عيش الأسرة في عزلة انتباه السلطات المحلية. ووفقًا للتحقيقات، لم يتم إلحاق الأطفال بالمدرسة ولم يتلقوا التطعيمات اللازمة، مما أثار مخاوف بشأن حقوقهم في التعليم والرعاية الصحية.
في البداية، علقت محكمة الأحداث مسؤولية الوالدين عن أطفالهم في 20 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وأمرت بنقلهم إلى دار الرعاية. وقد قدم محامو الوالدين طعنًا في هذا القرار، مدعين أن الأسرة كانت تعيش بأسلوب حياة اختياري لا يضر بالأطفال.
ومع ذلك، رفضت محكمة الاستئناف الطعن، معتبرةً أن مصلحة الأطفال تتطلب توفير بيئة أكثر استقرارًا وتلبية لاحتياجاتهم الأساسية.
ردود فعل سياسية حادة
أثار قرار المحكمة ردود فعل قوية من بعض الشخصيات السياسية. انتقد نائب رئيس الوزراء ووزير البنية التحتية ماتيو سالفيني القرار بشدة، واصفًا إياه بأنه “عار” ومؤكدًا أن “الأطفال ليسوا ملكًا للدولة”.
وانضمت وزيرة الأسرة وتكافؤ الفرص يوجينيا روكسيلا فوريًا إلى هذا الموقف، معربةً عن استيائها من احتمال عدم عودة الأطفال إلى منزلهم في عيد الميلاد. وأشارت في منشور على فيسبوك إلى أن تدخل الدولة يجب أن يقتصر على الحالات القصوى التي تهدد سلامة الأطفال بشكل مباشر.
هذه التصريحات تعكس نقاشًا أوسع حول حدود سلطة الدولة في التدخل في حياة الأسر، خاصةً عندما يتعلق الأمر بأساليب الحياة غير التقليدية.
تطورات جديدة في القضية وموقف الوالدين
قبل أيام قليلة من قرار الاستئناف، قدم محامو الزوجين وثائق إلى المحكمة تثبت استعدادهما لتغيير موقفهما والسماح للأطفال بالالتحاق بالمدرسة واستكمال برنامج التطعيمات.
ومع ذلك، لم يكن هذا كافيًا لإقناع المحكمة بإلغاء قرار إبعاد الأطفال. ويرى البعض أن هذا يشير إلى أن المحكمة كانت قلقة بشأن أكثر من مجرد التعليم والتطعيمات، وأنها كانت تشعر بالقلق بشأن العزلة الشديدة التي كانت تعيشها الأسرة وتأثيرها المحتمل على الأطفال.
تعتبر قضية “أسرة الغابة” مثالاً بارزًا على التحديات التي تواجهها السلطات في الموازنة بين حقوق الأسرة وحماية الأطفال. كما أنها تثير تساؤلات حول تعريف “الرعاية المناسبة” وما إذا كان يجب أن يشمل ذلك فقط تلبية الاحتياجات المادية والطبية، أم أيضًا احترام الخيارات الفردية للأسرة.
التعليم البديل وحقوق الطفل
تتطرق القضية أيضًا إلى موضوع التعليم البديل، حيث اختارت الأسرة عدم إلحاق أطفالها بالمدارس التقليدية. في حين أن القانون الإيطالي يسمح بالتعليم المنزلي، إلا أنه يتطلب الامتثال لبعض الشروط والإجراءات، والتي يبدو أن الأسرة لم تلتزم بها.
يركز النقاش الدائر حول هذه القضية على أهمية ضمان حصول جميع الأطفال على التعليم اللازم لتنمية قدراتهم وتحقيق إمكاناتهم الكاملة.
بالإضافة إلى ذلك، تسلط القضية الضوء على أهمية حماية حقوق الطفل، بما في ذلك الحق في الرعاية الصحية والتعليم والحماية من الإهمال والإساءة.
من المتوقع أن يستمر هذا الجدل في الأيام والأسابيع القادمة. في الوقت الحالي، من غير الواضح ما إذا كان الوالدان سيقدمان طعنًا آخر في قرار المحكمة. وستراقب الأوساط القانونية والإعلامية عن كثب أي تطورات جديدة في هذه القضية المثيرة للجدل، خاصةً فيما يتعلق بمستقبل الأطفال ووضعهم القانوني.













