تواجه الحكومة الإثيوبية تصاعداً في الضغوط الداخلية والخارجية مع تشكل تحالفات جديدة بين قوى معارضة من مناطق أمهرة وأورومو وتيغراي، مما يهدد الاستقرار الإقليمي. يُعيد هذا التطور رسم الخريطة السياسية في القرن الأفريقي، ويضع مستقبل إثيوبيا على مفترق طرق. وتأتي هذه التطورات في ظل صراع مستمر في أمهرة وتوترات متزايدة مع إريتريا، الأمر الذي يفاقم الأوضاع الإنسانية والأمنية.
تدهور الأوضاع الأمنية في إثيوبيا وتصاعد التوترات
شهدت إقليم أمهرة تصعيداً في المواجهات بين القوات الحكومية وقوات فانو المسلحة، حيث حققت الأخيرة تقدماً ملحوظاً في منطقة شمال وولو. واتهمت وزارة الخارجية الإثيوبية، في رسالة رسمية إلى الأمم المتحدة في الثاني من أكتوبر، جبهة تحرير شعب تيغراي (TPLF) وإريتريا بدعم وتمويل قوات فانو، الأمر الذي نفاه الطرفان.
جذور الصراع وتداعياته
يعود هذا الصراع إلى جذور تاريخية معقدة، بما في ذلك الحرب الدامية التي اندلعت بين الحكومة الإثيوبية وجبهة تحرير تيغراي وحلفائها بين عامي 2020 و2022، والتي انتهت بتوقيع اتفاق بريتوريا للسلام. ومع ذلك، يبدو أن هذا الاتفاق لم يحل المشاكل الأساسية، بل أدى إلى تفاقم التوترات في مناطق أخرى. تتزايد الدعوات داخل إقليم أورومو لمراجعة النظام الفدرالي الإثيوبي.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الوضع الإنساني يزداد سوءًا، حيث وثقت منظمات حقوقية انتهاكات واسعة النطاق ضد المدنيين، بما في ذلك الاعتقالات الجماعية واستهداف البنية التحتية الحيوية. وتؤثر هذه الانتهاكات بشكل كبير على حياة السكان وتهدد بزيادة حدة الأزمة.
علاقات إثيوبيا المتوترة مع إريتريا والتحالفات الجديدة
العلاقات بين إثيوبيا وإريتريا تشهد توتراً متجدداً بعد فترة من التحالف ضد جبهة تحرير تيغراي. تتواصل الاتهامات المتبادلة بدعم المليشيات العابرة للحدود، مما يثير مخاوف من اندلاع مواجهة عسكرية مباشرة بين البلدين. وحذرت تقارير دولية من أن خطر التصعيد يبقى قائماً، خاصة في ظل استمرار التوترات الحدودية.
تتزايد الأدلة على وجود تنسيق متزايد بين قوى المعارضة الإثيوبية، بما في ذلك قوات فانو وجبهة تحرير تيغراي، وهو ما يمثل تحدياً كبيراً للحكومة الفيدرالية. تشير هذه التحالفات إلى إمكانية تشكيل جبهة موحدة ضد الحكومة، مما قد يؤدي إلى تصعيد الصراع وتوسيع نطاقه.
تأثير الأزمة على التنمية والاستقرار الإقليمي
يمثل الوضع في إثيوبيا تهديداً خطيراً للاستقرار الإقليمي، حيث يمكن أن يؤدي إلى موجات من اللاجئين وتأثيرات سلبية على الأمن الإقليمي. كما أن الأزمة تعيق جهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، وتهدد بتقويض التقدم الذي تم إحرازه في السنوات الأخيرة. تتأثر الصناعات الرئيسية، مثل الزراعة والسياحة، سلباً بسبب حالة عدم اليقين وعدم الاستقرار.
تعتمد الحكومة الإثيوبية على الدعم الدولي، بما في ذلك المساعدات الإنسانية وجهود الوساطة، للتعامل مع هذه الأزمة. ومع ذلك، فإن نجاح هذه الجهود يتطلب حواراً شاملاً وتفاوضاً بين جميع الأطراف المعنية لحل الخلافات السياسية والأمنية.
مستقبل الأزمة الإثيوبية
في الوقت الحالي، يبدو أن الأزمة في إثيوبيا في طريقها إلى التصاعد، مع عدم وجود حلول واضحة في الأفق. من المتوقع أن تستمر الاشتباكات بين القوات الحكومية وقوات فانو في إقليم أمهرة، وأن تتزايد التوترات مع إريتريا.
يتعين مراقبة الوضع عن كثب، خاصة فيما يتعلق بتطور التحالفات بين قوى المعارضة، وموقف إريتريا، والجهود الدولية للوساطة. من المقرر أن يقدم مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تقريراً جديداً عن الوضع في إثيوبيا في نهاية شهر نوفمبر، وقد يتضمن توصيات جديدة بشأن كيفية التعامل مع الأزمة. يبقى الوضع معقداً وغير مؤكد، ويتطلب جهوداً مكثفة من جميع الأطراف المعنية لتجنب المزيد من التصعيد وضمان مستقبل مستقر لإثيوبيا والمنطقة.













