أعادت ألمانيا مؤخرًا 12 قطعة أثرية قيمة إلى إثيوبيا في حفل رسمي بأديس أبابا، وهي خطوة تكتسب أهمية متزايدة في سياق المطالبات الدولية المتصاعدة بإعادة الممتلكات الثقافية إلى بلدانها الأصلية. وتأتي هذه الإعادة بعد عقود من المناقشات حول كيفية التعامل مع الآثار التي غادرت القارة الأفريقية خلال الحقبة الاستعمارية وفي فترات لاحقة.
جرى تسليم القطع خلال احتفال أقيم في قاعة “راس مكونن” بالعاصمة الإثيوبية، حيث تم عرضها قبل التسليم للسماح للحضور بمعاينتها. وتضم المجموعة الأثرية مجموعة متنوعة من العناصر التي تعكس التاريخ الغني لإثيوبيا، بما في ذلك التيجان الملكية والدروع المزخرفة والأسلحة التقليدية والمخطوطات القديمة.
دلالات إعادة الممتلكات الثقافية وأهميتها
أكدت وزيرة السياحة الإثيوبية، سلامويت كاسا، أن من بين القطع التي أُعيدت، كانت هدايا قدمها الوصي على العرش تافاري ماكونين لاحقًا للإمبراطور هيلاسلاسي. يمثل هذا إرجاعًا لأشياء ذات أهمية تاريخية ودينية عميقة للشعب الإثيوبي.
وتشمل المجموعة المعادة تاجين ملكيين، ودروعًا مزخرفة، وسيفًا رفقة حزامه، بالإضافة إلى أغطية رأس تقليدية ولوحات فنية ومخطوطات قديمة. تعكس هذه العناصر تنوعًا وثراءً في الحرفية والتقاليد الإثيوبية.
وأشار البروفيسور رامون فايس، حفيد الدبلوماسي الألماني الذي جمع هذه القطع في الأصل، إلى أن عائلته شعرت بأن المكان المناسب لهذه الكنوز هو إثيوبيا، حيث يمكن الحفاظ عليها ودراستها في سياقها الثقافي والتاريخي الصحيح. وقد سهّل فايس وزوجته أليس عملية الإعادة.
الجهود الدولية المتزايدة لاستعادة التراث
تأتي هذه الخطوة في وقت يشهد فيه العالم نقاشًا متزايدًا حول ضرورة إعادة التراث الثقافي إلى الدول التي نهبته القوى الاستعمارية. وتدعو العديد من الدول الأفريقية إلى استرجاع القطع الأثرية التي تعتبر جزءًا لا يتجزأ من هويتها وتاريخها الوطني.
ورغم أن تفاصيل جمع هذه القطع في عشرينيات القرن الماضي لم تكن واضحة بالكامل، إلا أن الطرفين أكدا أن هذه الخطوة هي جزء من جهد أوسع يهدف إلى حماية التراث الثقافي وضمان بقائه في بيئته الأصلية. كما أنها تعكس تحولًا في المواقف تجاه ملكية هذه المقتنيات التاريخية.
وهناك اهتمام متزايد بمسائل التعاون الثقافي والتبادل المعرفي بين الدول، مع التركيز على إعادة بناء الثقة وتعزيز الاحترام المتبادل. وتعتبر إعادة هذه القطع الأثرية خطوة إيجابية في هذا الاتجاه.
ماذا بعد؟
من المتوقع أن تبدأ السلطات الإثيوبية في إجراءات ترميم القطع الأثرية وعرضها في المتاحف والمعارض الوطنية. وستسهم هذه الخطوة في تعزيز السياحة الثقافية وتعميق فهم الجمهور للتاريخ الإثيوبي.
ومع استمرار الضغوط الدولية، يراقب المراقبون ما إذا كانت دول أوروبية أخرى ستتبع الخطى الألمانية في إعادة الممتلكات الثقافية. قد تكون هناك حاجة إلى اتفاقيات ثنائية أو دولية لتنظيم عمليات الإعادة وضمان الشفافية والمساءلة.













