أطلق الأمير سلمان بن سلطان بن عبد العزيز أمير منطقة المدينة المنورة، أعمال رخص الكشف التعديني في حزام جبل صائد، في خطوة تهدف إلى تسريع وتيرة استكشاف واستغلال الموارد المعدنية في المملكة وتعزيز دور قطاع التعدين في تنويع الاقتصاد الوطني. يأتي هذا الإطلاق في إطار جهود وزارة الصناعة والثروة المعدنية لزيادة الاستثمارات في هذا القطاع الحيوي، وتحقيق أهداف رؤية السعودية 2030.
وأكد الأمير سلمان بن سلطان خلال حفل الإطلاق أن القيادة الرشيدة تولي قطاع التعدين اهتمامًا بالغًا، من خلال تطوير الأنظمة والتشريعات، وتوفير البنية التحتية اللازمة، وتمكين المستثمرين المحليين والدوليين. وأشار إلى أن هذه الجهود تساهم في تعزيز كفاءة القطاع واستدامته، مع الالتزام بأعلى المعايير البيئية.
أهمية التعدين في رؤية السعودية 2030
يُعد قطاع التعدين ركيزة أساسية في خطط المملكة لتنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط، وفقًا لرؤية السعودية 2030. تعتبر المملكة العربية السعودية من بين الدول الغنية بالمعادن، وتسعى إلى استغلال هذه الثروات بشكل مستدام لتعزيز النمو الاقتصادي. وتعتبر منطقة المدينة المنورة من المناطق الواعدة في هذا المجال، نظرًا لما تتمتع به من إمكانات جيولوجية كبيرة.
دعم حكومي متزايد لقطاع التعدين
أعرب المهندس خالد بن صالح المديفر، نائب وزير الصناعة والثروة المعدنية لشؤون التعدين، عن شكره وتقديره لرعاية الأمير سلمان بن سلطان ودعمه المستمر لقطاع التعدين في المنطقة. وأوضح أن هذا الدعم يعكس التكامل بين الاستراتيجية الشاملة للتعدين والصناعات المعدنية، وخطط التنمية الإقليمية. وأضاف أن المتابعة الدقيقة والزيارات الميدانية لأمير المنطقة لمواقع التعدين تساهم في تسريع تحويل الإمكانات التعدينية إلى واقع اقتصادي مستدام.
وأشار المديفر إلى أن رؤية المملكة 2030 جعلت قطاع التعدين الركيزة الثالثة للاقتصاد الوطني، بهدف تعظيم الاستفادة من الثروات المعدنية التي تقدر قيمتها بأكثر من 9.4 تريليون ريال. وقد شهد القطاع تحولًا نوعيًا بفضل الاستراتيجية الشاملة للتعدين ونظام الاستثمار التعديني الجديد، بالإضافة إلى المشاريع الكبرى في مجال المسح الجيولوجي.
ارتفاع الاستثمار في الاستكشاف
أظهرت الأرقام الرسمية ارتفاعًا ملحوظًا في الإنفاق على استكشاف الموارد المعدنية، حيث بلغ 1.05 مليار ريال في عام 2024. كما شهد عدد شركات الاستكشاف زيادة كبيرة، حيث قفز من 6 شركات في عام 2020 إلى 226 شركة في عام 2024، مما يعكس الثقة المتزايدة في جيولوجية المملكة وبيئة الاستثمار الجاذبة. وتشمل هذه الثروات الذهب والنحاس والمعادن الأرضية النادرة، التي تستخدم في صناعات متطورة مثل السيارات الكهربائية والروبوتات.
وتقدر قيمة الثروات المعدنية في منطقة المدينة المنورة بأكثر من 579 مليار ريال. ويركز النشاط التعديني في المنطقة بشكل رئيس في جنوبها وشرقها، حيث توجد تجمعات جيولوجية واعدة. يُعد منجم جبل صائد من أهم مواقع إنتاج النحاس في المملكة، ويقع ضمن حزام جيولوجي يمتد لأكثر من 10 آلاف كيلومتر مربع، ويتميز بغنى معادنه بالنحاس والزنك.
نحو بناء سلاسل قيمة معدنية متكاملة
تسعى المملكة إلى الانتقال من تصدير المواد الخام إلى بناء سلاسل قيمة معدنية متكاملة، تمتد من المنجم إلى المنتج النهائي. وقد بدأت المملكة بالفعل في تنفيذ هذه الاستراتيجية في مدينتي رأس الخير ووعد الشمال، حيث توجد صناعات قائمة تعتمد على الموارد المعدنية المحلية. وتعتبر مدينة ينبع الصناعية مركزًا رئيسيًا لاستقبال مخرجات المناجم وتطوير الصناعات التحويلية المتقدمة في المنطقة.
خلال حفل الإطلاق، أُعلن عن الشركات الفائزة برخص الكشف في حزام جبل صائد. فازت شركة فيدانتا المحدودة، وهي من أكبر شركات الزنك في العالم، برخصة الكشف الأولى على مساحة 1037.7 كيلومتر مربع، والتزمت بحفر أكثر من 22 ألف متر وتنفيذ مبادرات مجتمعية بقيمة 3 ملايين ريال. كما فاز تحالف شركة عجلان وإخوانه وشركة زيجين ما ينينج الصينية، وهي ثاني أكبر شركة تعدين في العالم، برخصة الكشف الثانية على مساحة 1061.4 كيلومتر مربع، والتزم بضخ استثمارات استكشافية تتجاوز 62 مليون ريال، بما في ذلك حفر أكثر من 51 ألف متر ومبادرات مجتمعية بقيمة 4 ملايين ريال.
شهد الحفل عرضًا مرئيًا قدمته وزارة الصناعة والثروة المعدنية، استعرضت خلاله حجم الثروات المعدنية في منطقة المدينة المنورة. كما قدمت شركة التعدين العربية السعودية “معادن” عرضًا بعنوان “التعدين المستدام من أجل ازدهار المناطق”، سلطت فيه الضوء على الأهمية الاستراتيجية لقطاع التعدين في المنطقة والجهود المبذولة لتحقيق الاستدامة البيئية والاجتماعية.
من المتوقع أن تستمر وزارة الصناعة والثروة المعدنية في جهودها لتطوير قطاع التعدين في المملكة، من خلال جذب الاستثمارات وتنفيذ المشاريع الكبرى في مجال المسح الجيولوجي والاستكشاف. وستركز الوزارة بشكل خاص على منطقة المدينة المنورة، نظرًا لما تتمتع به من إمكانات واعدة. وستراقب الأوساط الاقتصادية عن كثب التقدم المحرز في تنفيذ هذه المشاريع، وتأثيرها على النمو الاقتصادي وتنويع مصادر الدخل.













