في خطوة لم يتم تأكيدها بشكل رسمي، أقدمت السلطات الجزائرية على اعتقال الكاتب الجزائري بوعلام صنصال (75 عامًا) فور وصوله إلى مطار الجزائر يوم السبت 16 تشرين الثاني/ نوفمبر، قادمًا من فرنسا، وفقًا لما أوردته تقارير إعلامية فرنسية.
ويبدو أن الواقعة، التي أثارت جدلًا واسعًا، جاءت دون أي إعلان رسمي عن أسباب الاحتجاز، ما أضفى مزيدًا من الغموض على القضية. وذكرت مجلة “ماريان” الفرنسية أن صنصال، الذي لم يتواصل مع عائلته منذ لحظة وصوله، تم توقيفه واحتجازه من قبل الشرطة الجزائرية. وأكد أقاربه أن السلطات قررت سجنه، دون تقديم توضيحات حول خلفيات هذا الإجراء.
من هو صنصال؟
يُعتبر صنصال، الحاصل حديثًا على الجنسية الفرنسية، من أبرز الكتاب الجزائريين المعروفين بآرائهم النقدية والجريئة. اشتهر بانتقاده للنظام السياسي في بلاده، وبمواقفه المؤيدة لإسرائيل، وواجه تهديدات مستمرة من الإسلاميين.
وعلى الرغم من أن أعماله تُنشر في فرنسا وتُباع بحرية في الجزائر، إلا أن صنصال يظل شخصية مثيرة للجدل، خاصة بعد زيارته لإسرائيل عام 2014، التي أثارت ردود فعل متباينة في الأوساط الجزائرية.
في حديث سابق مع مجلة “ماريان”، صرّح قائلاً: “في الجزائر، كل شيء مغلق بإحكام”. ورغم الرقابة الصارمة على أعماله، لم يتخلَّ عن زيارة وطنه بانتظام.
حقق الكاتب الجزائري بوعلام صنصال شهرة واسعة منذ إصداره الأول لرواية “قسم البرابرة”، التي سلطت الضوء على صعود التيارات المتشددة في الجزائر، وهو ما أسهم في اندلاع الحرب الأهلية التي أودت بحياة أكثر من 200 ألف شخص بين عامي 1992 و2002.
ردود فعل غاضبة ودعوات للتحرك
أثار اعتقال صنصال ردود فعل واسعة في الأوساط السياسية والثقافية والإعلامية في فرنسا، بينما تواصل السلطات الجزائرية التزام الصمت حول ملابسات القضية.
أعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن قلقه البالغ حيال اختفاء الكاتب، مؤكداً عبر مقربين منه أن “أجهزة الدولة تعمل بلا كلل لتوضيح ملابسات قضيته”. وشدد ماكرون على موقفه الراسخ في الدفاع عن حرية التعبير، واصفاً صنصال بأنه “كاتب ومفكر عظيم يستحق الحماية والدعم”.
وفي سياق متصل، دعت مارين لوبان، زعيمة نواب حزب التجمع الوطني، الحكومة الفرنسية إلى “التحرك للحصول على إطلاق سراحه الفوري”. ووصفت صنصال بأنه “مناضل من أجل الحرية ومعارض شجاع للإسلاميين”.
من جانبه، كتب رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق، إدوار فيليب، على منصة “إكس”، قائلاً: “بوعلام صنصال يمثل كل ما نقدره: دعوته للعقلانية والحرية والإنسانية في مواجهة الرقابة والفساد والتطرف الإسلامي“. وأضاف: “أدعو السلطات الفرنسية والأوروبية إلى العمل للحصول على معلومات دقيقة وضمان حرية تنقل هذا الكاتب العظيم، حتى يتمكن من العودة إلى فرنسا متى شاء”.
بدوره، طالب لوران فوكييه، زعيم نواب حزب الجمهوريين، باستخدام “كل وسائل الضغط على الجزائر” لضمان الإفراج عن صنصال، واصفًا إياه بـ”الكاتب الكبير ومواطننا الذي يرمز إلى القيم الإنسانية في مواجهة الظلم”.