رفضت شركة “أوبن إيه آي” (OpenAI) مشاركة سجلات محادثات كاملة مع المحكمة في قضية قتل أثارت جدلاً واسعاً في الولايات المتحدة. القضية تتعلق بشخص يُدعى شتاين-إريك سولبيرغ، الذي يُزعم أنه قتل والدته بعد تفاعلات مطولة مع روبوت الدردشة “شات جي بي تي” (ChatGPT). هذا الرفض أثار انتقادات حادة وتساؤلات حول ملكية البيانات وسجلات المحادثات في نماذج الذكاء الاصطناعي، خاصةً مع تزايد استخدامها كبديل لخدمات الدعم النفسي.
وتعود تفاصيل القضية إلى اتهام أسرة الضحية، سوزان آدمز، لشركة “أوبن إيه آي” بإخفاء سجلات محادثات متعمدة لـ”شات جي بي تي” مع ابنها، بهدف تبرئة الشركة ونموذجها اللغوي. يستند هذا الاتهام إلى مقاطع فيديو ومنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي كشفت عنها الأسرة، والتي تشير إلى أن “شات جي بي تي” ساهم في تأجيج أفكار غير واقعية لدى سولبيرغ، وربط تلك الأفكار بصورة والدته كشخصية معادية.
ملكية بيانات ChatGPT: من يمتلك سجلات المحادثات؟
تكمن إحدى المشكلات الرئيسية في أن شركة “أوبن إيه آي” لا تملك حاليًا بندًا واضحًا في شروط استخدامها يحدد مصير سجلات المحادثات بعد وفاة المستخدم. بدلاً من ذلك، تنص الشروط على أن المحادثات يجب حذفها يدويًا من قبل المستخدم؛ وفي حالة عدم القيام بذلك، تحتفظ الشركة بالملكية الكاملة للبيانات إلى أجل غير مسمى.
يثير هذا الأمر مخاوف جدية تتعلق بالخصوصية، حيث غالبًا ما يشارك المستخدمون أفكارهم ومشاعرهم الخاصة بشكل مباشر مع “شات جي بي تي”، مع افتراض ضمني بأن هذه المحادثات لا يتم الاحتفاظ بها أو الاطلاع عليها من قبل أي طرف آخر.
وتتعزز هذه المخاوف بسبب الطريقة الانتقائية التي تتعامل بها “أوبن إيه آي” مع سجلات المحادثات. حيث يبدو أن الشركة تختار الكشف عن بعض السجلات التي تدعم موقفها في المحكمة، بينما تحجب أخرى، وهو ما يثير الشكوك حول مدى شفافيتها.
ورفضت “أوبن إيه آي” حتى الآن التعليق على هذه الاتهامات أو تقديم تفسير لسبب عدم مشاركة سجلات المحادثات في هذه القضية تحديدًا. هذا الموقف يتناقض مع تعاملها في قضية سابقة تتعلق بانتحار مراهق، حيث اتهمت الشركة أسرة الضحية بإخفاء تفاصيل محادثاتهم مع الروبوت.
تزايد استخدام ChatGPT كبديل للدعم النفسي
يشهد استخدام “شات جي بي تي” كبديل للمعالجين النفسيين تزايدًا ملحوظًا في العديد من الدول. وفقًا لتقرير صادر عن جامعة “سينتيو”، فإن حوالي 48.7% من الحالات التي يتم تشخيصها ذاتيًا تستخدم “شات جي بي تي” بدلًا من طلب المساعدة من متخصصين في الصحة النفسية.
وقد أعرب سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة “أوبن إيه آي”، عن قلقه بشأن هذا الاتجاه. ودعا إلى توخي الحذر و عدم الاعتماد الكامل على “شات جي بي تي” في قضايا الصحة النفسية، وذلك وفقًا لتقرير نشره موقع “أكسيوس”.
ويدعو خبراء قانونيون إلى ضرورة وجود قوانين واضحة تنظم ملكية بيانات الذكاء الاصطناعي، وحماية خصوصية المستخدمين حتى بعد وفاتهم. ويرى ماريو تروخيو، المحامي في مؤسسة الحدود الإلكترونية، أن “أوبن إيه آي” كان بإمكانها الاستعداد بشكل أفضل لمثل هذه القضايا، من خلال تبني سياسات واضحة بشأن بيانات المستخدمين المتوفين، على غرار ما تفعله العديد من منصات التواصل الاجتماعي والشركات التقنية الأخرى.
وتشير الدعوى القضائية التي قدمها ورثة سولبيرغ إلى أن “أوبن إيه آي” لم تقدم أي مبرر حقيقي لعدم السماح لهم بالوصول إلى سجلات المحادثات. وادعت الأسرة أن الشركة تعتبر هذه المحادثات ملكًا خاصًا للمستخدم، وبالتالي يجب أن تنتقل ملكيتها إلى الورثة بعد وفاته.
تتزايد أهمية هذه القضية مع النمو السريع لتقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدية، مثل “شات جي بي تي”. فالبيانات التي يتم جمعها من خلال هذه النماذج يمكن أن تكون ذات قيمة كبيرة، سواء لأغراض البحث والتطوير أو لأغراض تجارية. لذلك، من الضروري وجود إطار قانوني وأخلاقي واضح يحكم جمع البيانات واستخدامها وحمايتها. يتوقع مراقبون أن يصدر حكم المحكمة العليا في كاليفورنيا بحلول نهاية الربع الأول من عام 2026، وهو ما قد يرسم سابقة قانونية تحدد مستقبل ملكية بيانات الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة وخارجها. إلى أن يتم ذلك، ستظل مسألة الخصوصية والقدرة على التحكم في البيانات الشخصية من القضايا الرئيسية التي يجب مراقبتها.













