اختتمت منظمة التعاون الإسلامي فعاليات “أسبوع باكو الإبداعي 2025” في أذربيجان، مُتَوَجَّةً إياها بإصدار “إعلان باكو بشأن الصناعات الإبداعية”. يهدف الإعلان إلى تعزيز التعاون بين الدول الأعضاء في مجال الصناعات الإبداعية، وتطوير الدبلوماسية الثقافية كأداة للتنمية المستدامة والوحدة الإسلامية. شهد المهرجان مشاركة واسعة من مختلف أنحاء العالم الإسلامي، مما يؤكد الأهمية المتزايدة لهذا القطاع.
عُقد المهرجان في باكو خلال الفترة من 5 إلى 11 ديسمبر 2025، واستقطب أكثر من 5 آلاف ضيف، بمن فيهم مسؤولون حكوميون، وفنانون، وممثلون عن القطاع الخاص. وقد تميزت الفعاليات بتنوعها، حيث شملت معارض فنية، وعروضًا موسيقية، وورش عمل، وندوات، بالإضافة إلى “مهرجان باكو نسيم السينما الدولي”.
تعزيز الصناعات الإبداعية في العالم الإسلامي
أكد الأمين العام المساعد للشؤون الإنسانية والثقافية والاجتماعية بمنظمة التعاون الإسلامي، السفير طارق علي بخيت، في كلمته الافتتاحية أن التبادل الثقافي يلعب دورًا حاسمًا في تعزيز الوحدة والتضامن بين الدول الأعضاء. وأضاف أن الصناعات الإبداعية تمثل ركيزة أساسية للتنمية المستدامة، وتسهم في خلق فرص عمل جديدة، وتنويع الاقتصادات.
يشمل مفهوم الصناعات الإبداعية مجالات واسعة مثل الفنون والحرف اليدوية، والتصميم، والأزياء، والإعلام، والترفيه، والبرمجيات، والإعلان. وتعتبر هذه الصناعات محركات للابتكار والنمو الاقتصادي، كما أنها تعزز الهوية الثقافية والتنوع.
دور المرأة في الإبداع
أحد أبرز محاور المهرجان كان “منتدى الإبداع للمرأة”، الذي سلط الضوء على الدور المحوري الذي تلعبه المرأة في المجالات الإبداعية. وأشار المنتدى إلى أن المرأة هي “جذور وجوهر” هذه المجالات، وأكد على أهمية تمكينها وتعزيز قيادتها في الاقتصاد الإبداعي.
تُظهر الدراسات أن مشاركة المرأة في القطاع الثقافي والاقتصادي تساهم بشكل كبير في التنمية الاجتماعية والاقتصادية. لذلك، تسعى منظمة التعاون الإسلامي إلى دعم مبادرات تهدف إلى زيادة تمثيل المرأة في الصناعات الإبداعية، وتوفير فرص التدريب والتأهيل لها.
أذربيجان مركزًا إقليميًا للصناعات الإبداعية
استضافت أذربيجان المهرجان، مما يعكس التزامها بتطوير الصناعات الإبداعية، وتعزيز مكانتها كمركز إقليمي للثقافة والفنون. وقد شهد “مهرجان باكو نسيم السينما الدولي” عرضًا لمجموعة متنوعة من الأفلام من مختلف أنحاء العالم، مما ساهم في تبادل الخبرات وتعزيز التعاون في مجال صناعة الأفلام.
تستثمر الحكومة الأذربيجانية بشكل كبير في البنية التحتية الثقافية، ودعم الفنانين والمبدعين، وتنظيم الفعاليات الثقافية الدولية. وتهدف هذه الجهود إلى جذب السياح، وتعزيز الصورة الإيجابية لأذربيجان على الساحة الدولية، وتحقيق التنمية المستدامة.
بالإضافة إلى ذلك، ناقش المهرجان سبل حماية حقوق الملكية الفكرية، وتشجيع الاستثمار في الصناعات الإبداعية، وتطوير السياسات واللوائح التي تدعم نمو هذا القطاع. كما تم التأكيد على أهمية التعاون بين القطاعين العام والخاص، وتبادل أفضل الممارسات، والاستفادة من التكنولوجيا الحديثة.
يُعد “إعلان باكو” خطوة مهمة نحو تحقيق رؤية مشتركة لتعزيز الصناعات الإبداعية في العالم الإسلامي. ومن المتوقع أن تبدأ منظمة التعاون الإسلامي في تنفيذ بنود الإعلان خلال الأشهر القليلة القادمة، من خلال إطلاق مبادرات وبرامج جديدة، وتنظيم فعاليات وورش عمل، وتقديم الدعم الفني والمالي للدول الأعضاء.
ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات تواجه تطوير القطاع الإبداعي في العديد من الدول الإسلامية، مثل نقص التمويل، وضعف البنية التحتية، وعدم كفاية التدريب والتأهيل. لذلك، من الضروري مواصلة الجهود المبذولة، وتوفير الدعم اللازم، لتمكين هذا القطاع من تحقيق إمكاناته الكاملة، والمساهمة في التنمية المستدامة والازدهار في العالم الإسلامي.
من بين الأمور التي يجب مراقبتها في المستقبل القريب، متابعة آليات تنفيذ “إعلان باكو”، وتحديد المؤشرات الرئيسية لقياس التقدم المحرز، وتقييم الأثر الفعلي للمبادرات والبرامج التي سيتم إطلاقها. كما يجب الانتباه إلى التطورات في مجال الاقتصاد الرقمي، وكيف يمكن الاستفادة منها لدعم نمو الصناعات الإبداعية.













