بقلم: يورونيوز
نشرت في
اعلان
أفادت صحيفة “وول ستريت جورنال” نقلاً عن مسؤولين بارزين في الإدارة الأميركية أن الرئيس دونالد ترامب أجرى، الثلاثاء، اتصالًا هاتفيًا شديد اللهجة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أعرب خلاله عن استيائه العميق من الضربة الإسرائيلية التي استهدفت ممثلين سياسيين لحركة حماس في العاصمة القطرية الدوحة.
وذكرت المصادر أن ترامب اعتبر القرار “غير حكيم”، وأبدى غضبه لتلقيه خبر العملية من الجيش الأميركي أثناء وقوعها بدلًا من إبلاغه مسبقًا من الجانب الإسرائيلي، مشيرًا إلى أن الهجوم أصاب أراضي حليف أميركي كان يقود وساطة لإنهاء حرب غزة. وردّ نتنياهو بأن أمامه “نافذة زمنية قصيرة” لشنّ الضربة فاستغلها.
اتصال ثانٍ ومعلومات متضاربة
أضاف المسؤولون أن اتصالًا ثانيًا بين ترامب ونتنياهو جرى لاحقًا في أجواء أكثر هدوءًا، إذ سأل الرئيس الأميركي ما إذا كانت العملية قد نجحت، فأجابه نتنياهو بأنه لا يعلم بعد.
وفي وقت لاحق، أعلنت حركة حماس أن قادتها المستهدفين نجوا، فيما قُتل ستة من ممثليها. وأكد أحد كبار مسؤولي الإدارة أن ترامب، المعروف بدعمه القوي لإسرائيل، بات يزداد انزعاجًا من خطوات نتنياهو الأحادية التي “تضع واشنطن أمام الأمر الواقع” وتتناقض مع أهداف البيت الأبيض في الشرق الأوسط.
مأزق الوساطة
الضربة الإسرائيلية دفعت حماس إلى تعليق مشاركتها في مفاوضات وقف إطلاق النار، وأثارت غضب القيادة القطرية التي تتولى دور الوسيط بين الحركة وإسرائيل في محادثات ترعاها الولايات المتحدة.
وكان ترامب قد جعل من تعزيز العلاقات مع دول الخليج، وعلى رأسها قطر، ركيزة أساسية في استراتيجيته الشرق أوسطية. وخلال زيارة إلى الدوحة في أيار/مايو الماضي، أبدى إعجابه بالعلاقات مع قادتها الذين قدموا للولايات المتحدة طائرة فاخرة بقيمة 400 مليون دولار لتكون نسخة من “إير فورس وان”، كما أعلنوا عن خطط لإقامة منتجع يحمل علامة ترامب التجارية.
مونا يعقوبيان، مديرة برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، قالت للصحيفة إن “الهجوم يقوّض بوضوح أجندة ترامب للسلام”، معتبرة أن الرئيس الأميركي نفسه يتحمل جزءًا من المسؤولية بسبب “نهجه المتقلب في المنطقة”، الذي يفتح المجال أمام لاعبين آخرين للتصرف بمفردهم.
تهديدات إسرائيلية ورسائل سياسية
نتنياهو، في كلمة مصوّرة الأربعاء، ألمح إلى احتمال تنفيذ ضربات أخرى ضد قادة حماس، موجّهًا رسالة إلى قطر ودول أخرى قائلاً: “إما أن تطردوا الإرهابيين أو تحاكموهم، وإذا لم تفعلوا، فسوف نقوم نحن بذلك”. وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي قد عبّر مرارًا عن تشككه في جدوى أي اتفاق لوقف إطلاق النار مع حماس.
حسابات ترامب وأهداف ولايته الثانية
بحسب “وول ستريت جورنال”، يسعى ترامب في ولايته الثانية إلى إنهاء النزاعات الإقليمية وحصد إنجاز دبلوماسي بارز مثل جائزة نوبل للسلام. لكنه، في الوقت نفسه، يواصل دعم العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد حماس باعتبارها “طريقًا نحو وقف إطلاق النار بشروط إسرائيلية”.
وفي تعليق على الهجوم الأخير، قال ترامب إن “هذا الحادث المؤسف قد يشكل فرصة للسلام”. من جانبه، أكد رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني أن بلاده ستواصل جهود الوساطة رغم الهجوم.
علاقة معقدة بين الحليفين
مسؤولون أميركيون أشاروا إلى أن ترامب يفضّل أن يخفف نتنياهو من حدة القصف على غزة، معتبرًا أن صور الدمار تلحق ضررًا بصورة إسرائيل عالميًا.
وذكرت الصحيفة أن ترامب ومستشاره ستيف ويتكوف اشتكيا في الأشهر الماضية من أن نتنياهو يضعهما مرارًا في مواقف محرجة عبر خطوات مفاجئة.
في حزيران/يونيو الماضي، بينما كان ترامب يسعى إلى صفقة للحد من البرنامج النووي الإيراني، أبلغ نتنياهو البيت الأبيض بأن إسرائيل ستقصف طهران، لتبدأ العملية بعد ساعات فقط.
الحملة العسكرية التي استمرت 12 يومًا ألحقت أضرارًا بثلاثة مواقع نووية إيرانية، وأفشلت المفاوضات الأميركية – الإيرانية، وهو ما وصفه ترامب لاحقًا بأنه “إنجاز مذهل”.
في المقابل، اتخذ ترامب خطوات مفاجئة لإسرائيل، منها التوصل في أيار/مايو إلى صفقة مع حماس لإطلاق سراح آخر رهينة أميركي على قيد الحياة في غزة، دون تنسيق مع تل أبيب، فضلًا عن إنهاء حملة جوية ضد الحوثيين في اليمن من طرف واحد.
ومع ذلك، يحرص نتنياهو، بحسب الصحيفة، على إبقاء العلاقة متماسكة، إذ شارك الأربعاء في حفل بمدينة بات يام مع السفير الأميركي مايك هاكابي، لوضع حجر الأساس لممشى ساحلي أطلق عليه اسم ترامب. وقال نتنياهو بالمناسبة: “الرئيس ترامب هو أفضل صديق حظيت به إسرائيل في البيت الأبيض”.