أكدت دراسة قانونية حديثة أهمية فهم مفهوم الشخصية القانونية في الكويت، حيث تبدأ هذه الشخصية منذ الولادة الحية وتنتهي بالوفاة الفعلية. وتستند هذه الدراسة، التي أعدتها السيدة طيبة خليل الكندري، إلى تباين التعريف الطبي والقانوني للموت، خاصة فيما يتعلق بالموت الدماغي. وتوضح الدراسة أن القانون الكويتي لا يعترف بالموت الدماغي كسبب لإنهاء الشخصية القانونية طالما استمر عمل القلب والرئتين.
تأتي هذه الدراسة في وقت يشهد نقاشًا متزايدًا حول حقوق المرضى في نهاية الحياة، وتحديدًا فيما يتعلق بالوصايا الحية والتصرف في الممتلكات في حالة فقدان الأهلية. وتُعد هذه المسألة ذات أهمية كبيرة للعاملين في القطاع الصحي والمحامين والقضاة على حد سواء. وقد أجريت الدراسة في كلية الدراسات التجارية، تخصص قانون.
الشخصية القانونية في القانون الكويتي: المفهوم والنهاية
تعتبر الشخصية القانونية أساسًا للحقوق والواجبات في أي نظام قانوني. وبحسب القانون الكويتي، تبدأ هذه الشخصية بانطلاق الحياة، أي عند الولادة الحية، ولا تتطلب وجود الإدراك أو العقل. وهذا يعني أن جميع الأفراد، بغض النظر عن حالتهم العقلية أو الصحية، يتمتعون بنفس الحقوق والالتزامات القانونية.
بداية ونهاية الشخصية القانونية
تستمر الشخصية القانونية للفرد طوال حياته، وتنتهي فقط بوفاته الفعلية. وفقًا للقانون، يجب أن يكون الموت حقيقيًا وثابتًا، ولا يكفي فيه مجرد التوقف عن التنفس أو عدم وجود نبض.
ومع ذلك، يثير مفهوم الموت الدماغي تعقيدات إضافية. الموت الدماغي، أو الموت الإكلينيكي، هو توقف كامل ودائم لوظائف الدماغ، بما في ذلك جذع الدماغ. على الرغم من أن الطب الحديث يعترف بالموت الدماغي كعلامة على الوفاة، إلا أن القانون الكويتي لا يزال يعتبر الشخص حيًا قانونيًا طالما أن القلب والرئتين يعملان بشكل مستقل.
هذا التمييز بين الاعتراف الطبي والقانوني بالوفاة له آثار مهمة على العديد من القضايا القانونية، مثل توزيع الميراث، والتصرف في الممتلكات، والمسؤولية الجنائية.
الفرق بين الموت الطبي والموت الدماغي في القانون
توضح الدراسة أن القانون الكويتي يركز على المعايير الفسيولوجية لتحديد الوفاة، وهي استمرار عمل القلب والرئتين. بمعنى آخر، طالما أن هذه الأعضاء تعمل، يعتبر الشخص حيًا من الناحية القانونية، حتى لو كان دماغه قد توقف عن العمل بشكل كامل.
في المقابل، يعتمد الطب على معايير عصبية لتحديد الوفاة، وهي توقف جميع وظائف الدماغ. هذا الاختلاف في المعايير يمكن أن يؤدي إلى مواقف معقدة، خاصة في الحالات التي يكون فيها المريض في غيبوبة عميقة أو يعتمد على جهاز التنفس الصناعي.
الحقوق والواجبات تتأثر بشكل مباشر بتحديد بداية ونهاية الشخصية القانونية. ففي حالة النزاع حول وقت الوفاة، قد يكون من الصعب تحديد من هو المسؤول عن أفعال الشخص المتوفى أو عن ممتلكاته.
الوصايا الحية، وهي وثائق قانونية تحدد رغبات المريض بشأن العلاج الطبي في حالة فقدان الأهلية، تكتسب أهمية متزايدة في هذا السياق. ومع ذلك، فإن فعالية هذه الوثائق تعتمد على الاعتراف بها قانونيًا، وهو ما لم يحدث بعد في الكويت بشكل كامل.
التصرف في الممتلكات يصبح معقدًا أيضًا في حالة الموت الدماغي، حيث قد يكون هناك خلاف حول ما إذا كان يمكن للشخص المتوفى قانونيًا أن يتصرف في ممتلكاته قبل إثبات وفاته الفعلية.
تؤكد الدراسة على ضرورة وجود قوانين واضحة ومحددة تنظم قضايا نهاية الحياة، وتحدد بشكل قاطع متى تنتهي الشخصية القانونية للفرد.
بالإضافة إلى ذلك، تشير الدراسة إلى أهمية توعية الجمهور والعاملين في القطاع الصحي بالمفاهيم القانونية المتعلقة بالموت الدماغي، وذلك لضمان التعامل السليم مع حقوق وواجبات المرضى وأسرهم.
وتشير الدراسة إلى أن العديد من الدول الأخرى قد قامت بتعديل قوانينها للاعتراف بالموت الدماغي كسبب لإنهاء الشخصية القانونية، وذلك استجابة للتطورات العلمية والطبية.
من المتوقع أن تثير هذه الدراسة نقاشًا قانونيًا واسعًا في الكويت، وقد تدفع إلى إعادة النظر في القوانين المتعلقة بنهاية الحياة. من المرجح أن تقوم الجهات المعنية، مثل وزارة العدل ومجلس الأمة، بدراسة هذه المسألة عن كثب، وقد يتم تقديم مقترحات قوانين جديدة في المستقبل القريب. ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح متى سيتم اتخاذ قرار نهائي بشأن هذا الموضوع، وما إذا كان القانون الكويتي سيعترف بالموت الدماغي كسبب لإنهاء الشخصية القانونية.












