اكتشف باحثون من جامعة برشلونة أول عينات من الكهرمان المحملة بالحشرات في أمريكا الجنوبية، وهو اكتشاف يفتح نافذة جديدة على الحياة في العصر الطباشيري. هذا الاكتشاف، الذي يعود تاريخه إلى حوالي 112 مليون سنة، يقدم رؤى قيمة حول التنوع البيولوجي للنظام البيئي القديم في قارة غندوانا. الدراسة، المنشورة في دورية “كومينيكيشنس إيرث أند إينفيرومينت”، تثير اهتمامًا واسعًا في الأوساط العلمية.
العثور على هذه العينات النادرة في محجر جينوفيفا في الإكوادور يوفر فرصة فريدة لدراسة أشكال الحياة التي ازدهرت في أمريكا الجنوبية خلال الفترة الطباشيرية، وهي الفترة التي بدأت فيها القارات بالانفصال. تأتي هذه العينات من نوعين مختلفين من الكهرمان، ويمثلان بيئات مختلفة من الغابات القديمة. وقد بدأت الأبحاث الأولية في الكشف عن تفاصيل تلك الحياة.
نظام قديم محفوظ في الكهرمان
يحتوي الكهرمان المكتشف على بقايا متحجرة لحشرات وحبوب لقاح، مما يوفر صورة مفصلة عن الحياة في ذلك الوقت. تشمل الحشرات المحفوظة أنواعًا مختلفة من الذباب، وخنفساء الفطريات، والدبابير، وذبابة الكاديس، بالإضافة إلى دليل على نشاط العناكب في صورة شبكة عنكبوتية محفوظة بشكل مذهل. تعد هذه الاكتشافات ذات قيمة خاصة لأنها تأتي من نصف الكرة الجنوبي، حيث تكون رواسب الكهرمان أقل شيوعًا.
الكهرمان هو راتنج الأشجار المتحجر، وهو يعمل كمادة حافظة طبيعية ممتازة. يسمح هذا للعلماء بدراسة الكائنات الدقيقة التي كانت تعيش في تلك الفترة، مثل الحشرات والنباتات، بتفاصيل غير مسبوقة. تتميز عينات الكهرمان هذه بأنها تحتوي على معلومات عن بيئات مختلفة، بما في ذلك تلك التي تشكلت تحت الأرض وفوقها.
أهمية الاكتشاف ودوره في فهم البيئات القديمة
حسب البيان الصادر عن مؤسسة “نتشر سبرينجر”، يوفر هذا الاكتشاف موارد جديدة لفهم الحياة والتنوع البيولوجي خلال العصر الطباشيري. أحد الجوانب المثيرة للاهتمام هو وجود نوعين مختلفين من الكهرمان: أحدهما من راتنج الجذور والآخر من الراتنج المتسرب من الأشجار فوق الأرض. يشير هذا إلى وجود نظام بيئي معقد ومتنوع.
بالإضافة إلى ذلك، تشير الدراسة إلى أن التربة في المنطقة كانت مشبعة بالمياه، مما أثر على أنواع الفطريات التي كانت موجودة. هذا يضيف طبقة أخرى من الفهم إلى الظروف البيئية التي كانت سائدة في ذلك الوقت. تساعد هذه المعلومات في إعادة بناء صورة أكثر دقة لتاريخ الأرض.
التحليل والتداعيات المستقبلية
قام فريق البحث بفحص عينات الكهرمان والصخور المحيطة بها بعناية لفهم طبيعة النظام البيئي القديم. أظهر التحليل أن راتنج الجذور كان أكثر شيوعًا في الموقع، ربما بسبب الظروف الرطبة التي أعاقت نمو الفطريات فوق سطح الأرض. يوفر الكهرمان المكتشف – وهو مادة عضوية rare – بصمات بيئية فريدة من نوعها لأشكال الحياة القديمة.
توسيع نطاق الأبحاث ليشمل مقارنة هذه العينات مع رواسب الكهرمان الأخرى من جميع أنحاء العالم سيساعد في بناء فهم أعمق للتطور التاريخي للنظم البيئية. سيسمح هذا أيضًا بتحديد التغيرات البيئية التي حدثت خلال العصر الطباشيري. يعد هذا الاكتشاف خطوة مهمة في فهم تاريخ الحياة على الأرض.
من المتوقع أن يستمر فريق البحث في تحليل عينات الكهرمان المكتشفة، بهدف تحديد المزيد من الأنواع المحفوظة واستخلاص المزيد من المعلومات حول البيئة التي كانت تعيش فيها. من غير الواضح حتى الآن ما إذا كانت هذه الدراسة ستؤدي إلى اكتشافات جديدة في مناطق أخرى من أمريكا الجنوبية، إلا أنها تفتح الباب أمام المزيد من الاستكشافات. سيراقب العلماء التطورات القادمة في هذا المجال باهتمام بالغ.













