أُعلنت نتائج الدورة الرابعة عشر من “جوائز كتاب فلسطين” في حفل أقيم بلندن يوم الجمعة الماضي، حيث تم تكريم أبرز الأعمال الأدائية والأكاديمية التي تتناول القضية الفلسطينية. تهدف الجوائز، التي انطلقت عام 2012، إلى تسليط الضوء على الأدب الفلسطيني وتشجيع البحث والنقد في هذا المجال، فضلاً عن دعم الكُتّاب والباحثين الذين يعملون على توثيق وتأريخ فلسطين.
نظم الحفل موقع “ميدل إيست مونيتور” في أجواء رسمية، بحضور جمع غفير من الأدباء والمفكرين والناشرين والمهتمين بالقضية الفلسطينية. وقد عكس الحفل التزام الجوائز بتقديم منصة ثقافية هامة لتعزيز الحوار حول فلسطين وتحدياتها، وتقديم رؤى جديدة حول تاريخها ومستقبلها.
جوائز كتاب فلسطين: احتفاء بالإبداع وتوثيق الذاكرة
شهدت الدورة الحالية من الجوائز إقبالاً غير مسبوق، حيث تلقت اللجنة المنظمة أكثر من 80 عملاً أدبياً وبحثياً متنافساً في مختلف الفئات. يعكس هذا العدد المتزايد الاهتمام المتزايد بالقضية الفلسطينية في الأوساط الأدبية والأكاديمية على مستوى العالم، ويدل على أهمية هذه الجوائز في دعم الإبداع وتشجيع البحث العلمي.
الفائزون في مختلف الفئات
في فئة الأعمال الأكاديمية، فاز الدكتور ناصر أبو رحمة بجائزته عن كتابه “الزمن تحت الخرسانة.. فلسطين بين المخيم والمستعمرة”، والذي يقدم تحليلاً معمقاً لتاريخ فلسطين الحديث من منظور اجتماعي وسياسي، مع التركيز على تجربة الفلسطينيين في المخيمات والمستوطنات.
أما جائزة الترجمة، فقد ذهلت إلى حازم جمجوم عن ترجمته لرواية “لا أحد يعرف زمرة دمه” لمايا أبو الحيات، وهي عمل أدبي مؤثر يستكشف أثر الاحتلال على المجتمع الفلسطيني، ويطرح أسئلة جوهرية حول الهوية والانتماء والمسؤولية.
وفي الفئة الإبداعية، حصد يوسف الجمال الجائزة عن تحريره لكتاب “إذا كان لا بد لي من الموت”، الذي يجمع قصائد وملاحظات الشاعر والأكاديمي رفعت العرعير قبل وفاته، ليكون بمثابة إرث أدبي وثقافي هام.
محمد طربوش نال جائزة التاريخ الشفوي عن كتابه “فلسطيني.. منفى مستحيل”، الذي يروي قصة حياة المصرفي الفلسطيني الراحل، ويستعيد ذكريات النكبة وتأثيرها على حياة الفلسطينيين.
كتاب “النصف الأجوف.. مذكرات عن الأجساد والحدود” لسارة عزيزة، برز في فئة المذكرات، حيث يقدم شهادة شخصية مؤثرة عن تجربة الشتات الفلسطيني عبر ثلاثة أجيال.
وحصل المنظر الهندي بانكاج ميشرا على جائزة التأثير العالمي لغزة عن كتابه “العالم بعد غزة”، الذي يتناول التداعيات الأخلاقية والسياسية لحرب غزة، وأثرها على النظام العالمي.
كما كرمت الجوائز أعمالاً متميزة في مجال “التيار المضاد”، حيث فاز محمد الكرد عن كتابه “ضحايا مثاليون” وعمر العقاد عن “يوما ما سيكون الجميع دائما ضد هذا”، وهما عملان يقدمان قراءة نقدية للوضع الفلسطيني.
تكريم الإنجاز مدى الحياة
تُوّج الحفل بتكريم البروفيسور وليد الخالدي بجائزة الإنجاز مدى الحياة، تقديراً لمساهماته الكبيرة في توثيق تاريخ القضية الفلسطينية ودعم مؤسسة الدراسات الفلسطينية. يعتبر الخالدي من أبرز المؤرخين والباحثين في مجال الدراسات الفلسطينية، وقد قدم إسهامات قيمة في فهم تاريخ فلسطين وتحدياتها.
وقد تولت الناشطة الفلسطينية البريطانية ليان محمد مهمة تقديم الحفل، فيما ألقى الدكتور داود عبد الله، مدير موقع “ميدل إيست مونيتور”، والطبيب الفلسطيني غسان أبو ستة كلمات مؤثرة.
تطرق الدكتور أبو ستة في كلمته إلى الوضع المأساوي في غزة، واصفاً الإبادة الإسرائيلية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، ودعا إلى التفكير في سبل مواجهة هذه المحاولات التي تهدف إلى محو الذاكرة الفلسطينية. وأشار إلى أن غالبية سكان غزة قد أُجبروا على النزوح عدة مرات خلال العدوان.
تعتبر جوائز كتاب فلسطين مبادرة مهمة لدعم الأدب والثقافة الفلسطينية، وتعزيز الحوار حول القضية الفلسطينية على مستوى العالم. وترتبط هذه الجوائز ارتباطًا وثيقًا بموضوع الاحتلال وتأثيره على حياة الفلسطينيين، وهو موضوع يظهر بشكل بارز في معظم الأعمال الفائزة. كما أن الجوائز تساهم في إبراز قضايا الشتات والهوية والانتماء لدى الفلسطينيين في مختلف أنحاء العالم.
من المتوقع استمرار تلقي الترشيحات للدورة الخامسة عشر من الجوائز في الأشهر القادمة، على أن يتم الإعلان عن القائمة القصيرة في أوائل العام القادم. يترقب المهتمون بفلسطين نتائج الدورة القادمة، ويتمنون أن تستمر الجوائز في تقديم أعمال أدبية وفكرية متميزة تساهم في إثراء المعرفة حول القضية الفلسطينية.













