أظهرت بيانات حديثة لصندوق النقد الدولي تباطؤاً طفيفاً في هيمنة الدولار الأمريكي على احتياطيات العملات العالمية، حيث انخفضت حصته إلى 56.92% في الربع الثالث من عام 2025. يأتي هذا التطور بالتزامن مع ارتفاع طفيف في حصة اليورو، مما يعكس تحولاً تدريجياً في محافظ العملات لدى البنوك المركزية حول العالم.
تُظهر البيانات، التي نُشرت يوم الجمعة الماضي، استقراراً نسبياً في التوزيع العام للاحتياطيات خلال الفترة من يوليو إلى سبتمبر، بعد فترة من التقلبات الحادة شهدها الربع الثاني من العام نفسه. وقد تأثرت أسواق الصرف الأجنبي بشكل خاص بالدولار في الربع الثاني، نتيجة لإعلانات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المتعلقة بالرسوم الجمركية.
تراجع طفيف في حصة الدولار الأمريكي وتصاعد دور اليورو
ارتفع إجمالي الاحتياطيات العالمية إلى 13.025 تريليون دولار بنهاية الربع الثالث، مقارنة بـ 12.93 تريليون دولار في الربع الثاني. يشير هذا الارتفاع إلى زيادة عامة في الأصول المحفوظة لدى البنوك المركزية، على الرغم من التغيرات الطفيفة في توزيعها بين العملات المختلفة.
وبحسب بيانات صندوق النقد الدولي، بلغت حصة الدولار الأمريكي من احتياطيات العملات العالمية 57.08% في نهاية الربع الثاني. في المقابل، زادت حصة اليورو إلى 20.33% (ما يعادل 2.64 تريليون دولار) من 20.24% على أساس ربع سنوي. يعكس هذا التحول تزايد الثقة في الاقتصاد الأوروبي، خاصةً في ظل التحديات التي تواجه الاقتصاد الأمريكي.
أداء العملات الأخرى
أظهرت البيانات أيضاً ارتفاعاً في حصة الاحتياطيات المحفوظة بالين الياباني، حيث وصلت إلى 5.82% في الربع الثالث، مقارنة بـ 5.65% في الربع الثاني. بينما انخفضت الاحتياطيات باليوان الصيني إلى 251.25 مليار دولار، مقابل 257.28 مليار دولار خلال الفترة نفسها. هذا الانخفاض في اليوان قد يعزى إلى بعض المخاوف بشأن النمو الاقتصادي في الصين.
علّق محللو غولدمان ساكس على هذه البيانات، مشيرين إلى أن مديري الاحتياطيات قد استغلوا تقلبات سوق العملات، خاصة فيما يتعلق بتقييمات الدولار الأمريكي واليورو. وأضافوا أن هذه التعديلات في محافظ العملات قد تكون مؤشراً على رغبة البنوك المركزية في تنويع أصولها وتقليل الاعتماد على عملة واحدة.
أثارت هذه التطورات نقاشاً متزايداً حول مستقبل الدولار الأمريكي كعملة احتياط عالمية، ومحور النظام النقدي العالمي. يرى البعض أن هناك بوادر لتراجع دور الدولار، بينما يرى آخرون أن أي تحول من هذا القبيل سيكون تدريجياً للغاية، نظراً لأهمية الدولار في التجارة العالمية والأسواق المالية.
من الجدير بالذكر أن صندوق النقد الدولي قام بتغيير في منهجية حساب الاحتياطيات، حيث أضاف الجزء “غير المخصص” من الاحتياطيات إلى العملات المكونة للمحفظة. يهدف هذا التغيير، الذي تم تطبيقه بأثر رجعي إلى عام 2000، إلى تعزيز الفائدة التحليلية وشفافية المعلومات المتعلقة بتوزيع احتياطيات العملات العالمية.
تعتبر هذه البيانات مهمة لمراقبة التغيرات في المشهد الاقتصادي العالمي، وتأثيرها على أسعار الصرف والاستقرار المالي. من المتوقع أن يستمر صندوق النقد الدولي في نشر بيانات مماثلة بشكل دوري، مما يوفر رؤى قيمة حول تطورات العملات الأجنبية وتأثيرها على الاقتصاد العالمي.
في الختام، تشير البيانات الحالية إلى استمرار هيمنة الدولار، ولكن مع تراجع طفيف وتصاعد دور اليورو والين. من المهم متابعة التطورات المستقبلية، خاصةً فيما يتعلق بالسياسات الاقتصادية للولايات المتحدة والصين والاتحاد الأوروبي، لتقييم مدى تأثيرها على توزيع احتياطيات العملات العالمية. سيتم نشر البيانات التالية عن الاحتياطيات العالمية في الربع الأول من عام 2026، ومن المتوقع أن تقدم المزيد من المؤشرات حول مستقبل النظام النقدي العالمي.













