من المتوقع أن يشهد قطاع الخدمات في البرتغال شللاً واسعاً يوم الخميس المقبل، نتيجة لإضراب عام دعا إليه كلا المركزين النقابيين الرئيسيين، الاتحاد العام لنقابات العمال (CGTP) والاتحاد العام للعمال البرتغاليين (UGT). يأتي هذا الإضراب احتجاجاً على حزمة الإصلاحات العمالية المقترحة من قبل الحكومة، والتي يراها النقابيون تهديداً لحقوق العمال المكتسبة.
الإضراب، المقرر تنفيذه في 12 ديسمبر 2025، يمثل تصعيداً كبيراً في التوتر بين الحكومة والنقابات، ويذكر بأجواء الأزمات الاقتصادية السابقة. من المتوقع أن يؤثر الإضراب على قطاعات النقل والصحة والتعليم والخدمات العامة، مما قد يعطل الحياة اليومية للمواطنين في جميع أنحاء البلاد.
أسباب الإضراب: حزمة الإصلاحات العمالية ومخاوف النقابات
السبب المباشر للإضراب هو مشروع قانون يهدف إلى مراجعة تشريعات العمل الحالية، والذي يجري حالياً مناقشته في المجلس الاجتماعي. تعتبر النقابات أن هذه الإصلاحات تعيد تفعيل آليات تزيد من مرونة سوق العمل على حساب استقرار العمال وحمايتهم.
نظام “بنك الساعات الفردية” وقواعد الفصل من العمل
من بين النقاط الأكثر إثارة للجدل في مشروع القانون المقترح، هو إعادة تفعيل نظام “بنك الساعات الفردية”، والذي يسمح لأصحاب العمل بتعويض العمال عن ساعات العمل الإضافية بوقت راحة لاحق، مما يثير مخاوف بشأن إمكانية استغلال هذا النظام لزيادة ساعات العمل دون تعويض عادل. بالإضافة إلى ذلك، تعرب النقابات عن قلقها بشأن التغييرات المقترحة على قواعد الفصل من العمل، والتي قد تسهل على الشركات تسريح العمال.
ياغو أوليفيرا، الأمين العام للجنة العمال في UGT، قارن الوضع الحالي بالسياسات التي اتبعتها الحكومة في عام 2012 في ظل ضغوط “الترويكا“، مشيراً إلى أن الهدف لا يزال هو نفسه: تقليل الحقوق وزيادة عدم الاستقرار في سوق العمل، على الرغم من التحسن الاقتصادي الحالي.
موقف الحكومة وانفتاحها على الحوار
تتبنى الحكومة موقفاً حازماً، مؤكدة أنها “غير مستعدة لسحب الاقتراح بأكمله” وأنها مصممة على الحفاظ على “ركائزه الرئيسية”. ومع ذلك، أعلنت وزيرة العمل، روزاريو بالما رامالهو، عن انفتاحها على الحوار مع النقابات، لكنها حذرت من أنها “لن تطيل” أمد المفاوضات.
وفقاً لتصريحات الوزيرة، فإن التغييرات المقترحة ستخضع للنقاش والتصويت في البرلمان، سواء تم التوصل إلى اتفاق مع النقابات أم لا. وتركز الحكومة على أن الإصلاحات تهدف إلى زيادة الإنتاجية والتحديث، وليس تقليل حقوق العمال.
تأثير الإضراب على الخدمات الحيوية
من المتوقع أن يكون للإضراب تأثير كبير على الخدمات الحيوية في جميع أنحاء البلاد. سيقتصر النقل العام على الحد الأدنى من الخدمات، مع تعليق كامل لخدمة المترو في لشبونة. في قطاع الصحة، سيتم ضمان الخدمات الطارئة والعلاجات الحيوية، بينما قد تتأثر الخدمات غير العاجلة.
بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن يمتد التأثير إلى المدارس وخدمات النظافة العامة. وقد دعت بعض نقابات القطاع العام إلى إضراب جديد في 12 ديسمبر، أي بعد يوم واحد فقط من الإضراب العام، مما يهدد بتعطيل الخدمات بشكل أكبر. كما أعلن اتحاد الممرضين عن إضراب منفصل لمدة 16 ساعة يوم الجمعة، بينما سيدعو اتحاد موظفي الإدارة العامة إلى إضراب في نفس اليوم.
هذا التصعيد النقابي المتزايد يعكس حالة من الاستياء العميق بين العمال، الذين يخشون من تراجع حقوقهم المكتسبة. العديد من المدارس حذرت بالفعل الأهالي من احتمال إغلاق أبوابها يومي الخميس والجمعة.
من المقرر أن تنظم نقابة CGTP فعاليات في 15 مقاطعة من الشمال إلى الجنوب، بما في ذلك جزر الأزور وماديرا، تشمل اعتصامات ومظاهرات ونقاط تجمع للإضراب. وسينضم إليها UGT في تنظيم عدة اعتصامات إضرابية.
الخطوة التالية ستكون متابعة نتائج المفاوضات بين الحكومة والنقابات، وتحديد ما إذا كان بالإمكان التوصل إلى اتفاق يرضي الطرفين. في حال عدم التوصل إلى اتفاق، من المتوقع أن يتم التصويت على مشروع القانون في البرلمان، مما قد يؤدي إلى مزيد من التصعيد في التوتر بين الحكومة والنقابات. من المهم مراقبة تطورات الوضع عن كثب، وتقييم تأثير الإضراب على الاقتصاد والمجتمع البرتغالي.












