شهد سوق العمل في الولايات المتحدة تباطؤًا ملحوظًا في سبتمبر/أيلول 2025، حيث أظهرت البيانات الصادرة عن مكتب إحصاءات العمل التابع لوزارة العمل نموًا في الوظائف، لكنه كان مصحوبًا بارتفاع في معدل البطالة. يشير هذا التباين إلى حالة من عدم اليقين في الاقتصاد الأمريكي، مع تضارب المؤشرات حول قوة التعافي.
تطورات سوق العمل الأمريكي في سبتمبر/أيلول
أفاد مكتب إحصاءات العمل أن إجمالي الوظائف غير الزراعية زاد بمقدار 119 ألف وظيفة في شهر سبتمبر، وهو رقم أقل من التوقعات السابقة. في المقابل، تم تعديل بيانات شهر أغسطس/آب لعام 2025 لتظهر انخفاضًا في عدد الوظائف بمقدار 4 آلاف وظيفة. هذه المراجعات التنازلية تعكس حالة من عدم الاستقرار في بيانات التوظيف.
ارتفع معدل البطالة في الولايات المتحدة إلى 4.4% في سبتمبر/أيلول، مقارنة بـ 4.3% في أغسطس/آب. يعكس هذا الارتفاع صعوبة متزايدة في العثور على عمل بالنسبة لبعض شرائح السكان، رغم استمرار الاقتصاد في إضافة وظائف بشكل عام. يُعتبر هذا الارتفاع بمثابة إشارة تحذيرية بشأن قوة سوق العمل.
تأثير العوامل الخارجية
يأتي هذا التقرير بعد فترة من الإغلاق الحكومي الذي استمر 43 يومًا، مما أدى إلى تأخير إصدار بيانات التوظيف لشهر أكتوبر/تشرين الأول. وعليه، قرر مكتب إحصاءات العمل دمج بيانات أكتوبر مع تقرير نوفمبر/تشرين الثاني، والذي من المقرر نشره في 16 ديسمبر/كانون الأول. أدت هذه الظروف الاستثنائية إلى تعقيد تحليل الاتجاهات الحالية في سوق العمل.
أحد العوامل التي ساهمت في هذا التباطؤ هو انخفاض معدلات الهجرة إلى الولايات المتحدة، وهي حالة بدأت في نهاية ولاية الرئيس السابق وتفاقمت في ظل الإدارة الحالية. ونتيجة لذلك، تقلص المعروض من العمالة المتاحة، مما أثر على قدرة الشركات على ملء الوظائف الشاغرة. يُعتبر هذا النقص في العمالة تحديًا كبيرًا للاقتصاد.
تحليل أعمق لسوق العمل
على الرغم من أن تقرير سبتمبر/أيلول قد يكون قديمًا بعض الشيء، إلا أنه يقدم لمحة عن التغيرات الطفيفة التي تشهدها سوق العمل الأمريكية. فقد تباطأ زخم النمو هذا العام، كما يتضح من المراجعات السلبية لأعداد الوظائف غير الزراعية. يعكس هذا التباطؤ حالة من الترقب في الأوساط الاقتصادية.
يشير بعض المحللين إلى أن التباطؤ في الوظائف يعكس حالة من عدم اليقين بشأن السياسات الاقتصادية المستقبلية. بينما يرى آخرون أن التباطؤ هو نتيجة طبيعية لدورة الأعمال، وأن الاقتصاد قد يكون في مرحلة انتقالية نحو نمو أكثر استدامة. تتطلب هذه الوضعية مراقبة دقيقة للتطورات الاقتصادية.
تتراوح التوقعات الاقتصادية فيما يتعلق بقطاعات معينة. قطاع الخدمات لا يزال قويًا، لكن قطاعات التصنيع والبناء تظهر علامات التباطؤ. يشير هذا التمايز إلى أن التحديات التي تواجه الاقتصاد الأمريكي تختلف باختلاف القطاعات. كما أن هناك دلائل على تزايد الاهتمام بـ “التوظيف المرن” (Gig Economy) أو العمل الحر، والتي قد تؤثر على طريقة حساب معدلات البطالة.
الخطوات التالية والمؤشرات الرئيسية
من المقرر إصدار تقرير التوظيف لشهر نوفمبر/تشرين الثاني في 16 ديسمبر/كانون الأول، والذي سيتضمن بيانات مجمعة لشهر أكتوبر/تشرين الأول. سيوفر هذا التقرير صورة أكثر اكتمالاً عن حالة سوق العمل، ويمكن أن يساعد في تحديد ما إذا كان التباطؤ مؤقتًا أم أنه بداية اتجاه جديد. من المهم ملاحظة أن التضخم والأسعار الحالية قد تؤثر على قرارات التوظيف المستقبلية. ستكون بيانات التضخم القادمة، بالإضافة إلى قرارات مجلس الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة، من بين المؤشرات الرئيسية التي يجب مراقبتها.
بالإضافة إلى ذلك، يجب متابعة تطورات الهجرة عن كثب، حيث يمكن أن يكون لها تأثير كبير على المعروض من العمالة. بشكل عام، يظل مستقبل الوظائف في الولايات المتحدة غير مؤكد، ويتطلب تحليلًا دقيقًا ومستمرًا للبيانات الاقتصادية.













