وافقت الحكومة التشيكية المنتهية ولايتها على استخدام مادة السيلوسيبين، المستخلصة من الفطر السحري، للأغراض الطبية بدءًا من عام 2026. يأتي هذا القرار في أعقاب خطوات مماثلة اتخذتها دول أخرى في الآونة الأخيرة، مما يعكس اهتمامًا متزايدًا بالإمكانات العلاجية لهذه المادة. ويهدف هذا الإجراء إلى توفير خيارات علاجية جديدة للمرضى الذين يعانون من حالات صحية عقلية معينة، حيث أظهرت الأبحاث نتائج واعدة في هذا المجال.
السيلوسيبين للاستخدام الطبي: قرار تاريخي في التشيك
يُعد هذا القرار خطوة مهمة نحو تغيير النظرة التقليدية للمواد ذات التأثير النفسي، وتحويلها من مواد محظورة إلى أدوات علاجية محتملة. وقد تم تعديل قانون العقوبات التشيكي في مايو الماضي لشرعنة استخدام السيلوسيبين، بالإضافة إلى تخفيف القيود على حيازة الماريجوانا. الآن، تحدد الحكومة القواعد المحددة لاستخدام هذه المادة في إطار طبي.
وفقًا لقرار الحكومة، سيتمكن الأطباء والمعالجون النفسيون من وصف السيلوسيبين للمرضى الذين لم يستجبوا للعلاجات الدوائية التقليدية، أو الذين يعانون من آثار جانبية غير محتملة. يستهدف هذا العلاج حالات محددة مثل الاكتئاب المرتبط بالسرطان، والاكتئاب الحاد الذي لا يصاحبه أعراض ذهانية، والحالات العقلية المتدهورة التي تهدد حياة المريض.
تأثير القرار على النظام الصحي
أشاد وزير الصحة التشيكي، فلاستيميل فاليك، بالقرار ووصفه بأنه مفيد لكل من النظام الصحي، والخبراء، والمرضى. ويأتي هذا التطور في سياق عالمي يشهد اهتمامًا متزايدًا بالبحث في استخدام المواد ذات التأثير النفسي لعلاج الأمراض العقلية.
في السنوات الأخيرة، أظهرت الدراسات العلمية إمكانات واعدة للسيلوسيبين في علاج مجموعة متنوعة من الحالات، بما في ذلك الاكتئاب، والقلق، واضطراب ما بعد الصدمة. وتشير الأبحاث إلى أن السيلوسيبين قد يساعد في إعادة تنظيم النشاط الدماغي لدى المرضى الذين يعانون من هذه الحالات، مما يؤدي إلى تحسين حالتهم المزاجية وتقليل أعراضهم.
تعتبر نيوزيلندا من بين الدول الرائدة في هذا المجال، حيث وافقت على استخدام السيلوسيبين لعلاج الاكتئاب في وقت سابق من هذا العام. وبالمثل، سمحت ألمانيا لعيادتين باستخدام السيلوسيبين في إطار “برنامج الاستخدام الرحيم” في يوليو، وهو الأول من نوعه في الاتحاد الأوروبي. هذه التطورات تعكس تحولًا عالميًا نحو تبني علاجات مبتكرة للأمراض العقلية.
تجدر الإشارة إلى أن الأطباء التشيكيين يسمح لهم بوصف القنب الطبي منذ عام 2015، ويغطي التأمين الصحي العام تكاليفه منذ عام 2020. هذا يدل على استعداد الحكومة التشيكية لتبني علاجات بديلة وتقديم الدعم للمرضى الذين قد يستفيدون منها.
الفطر السحري، الذي يحتوي على السيلوسيبين، هو فطر طبيعي ينمو في البيئات الرطبة مثل الغابات والمراعي. وقد استخدمته بعض الثقافات التقليدية لأغراض دينية وروحية لعدة قرون. ومع ذلك، فإن استخدام السيلوسيبين للأغراض الطبية يخضع لرقابة صارمة ويتطلب إشرافًا طبيًا متخصصًا.
بالإضافة إلى السيلوسيبين، هناك مواد أخرى ذات تأثير نفسي تخضع للبحث والدراسة كعلاجات محتملة للأمراض العقلية، مثل مادة MDMA (إكستاسي) لعلاج اضطراب ما بعد الصدمة.
من المتوقع أن تبدأ الحكومة التشيكية في وضع اللمسات النهائية على البروتوكولات والإجراءات اللازمة لتطبيق هذا القرار بحلول نهاية عام 2025. وسيتضمن ذلك تدريب الأطباء والمعالجين النفسيين على استخدام السيلوسيبين بشكل آمن وفعال، بالإضافة إلى إنشاء نظام لمراقبة وتقييم نتائج العلاج.
يبقى أن نرى كيف ستؤثر هذه التطورات على مستقبل علاج الأمراض العقلية في التشيك وخارجها. ومع ذلك، فإن قرار الحكومة التشيكية يمثل خطوة إيجابية نحو توفير خيارات علاجية جديدة للمرضى الذين يعانون من حالات صحية عقلية مستعصية.













