:
يشهد السودان تصعيدًا خطيرًا في القتال، خاصةً في ولاية غرب كردفان ودارفور، مما أدى إلى نزوح جماعي للسكان وتدهور الأوضاع الإنسانية. وتتزايد المخاوف بشأن الانتهاكات التي يتعرض لها المدنيون، بما في ذلك عمليات تجنيد الأطفال من قبل قوات الدعم السريع. هذا الوضع المتصاعد يستدعي مزيدًا من الجهود الدولية للضغط من أجل وقف إطلاق النار وحماية المدنيين في السودان، بالإضافة إلى التحقيق في هذه الانتهاكات.
أفادت مصادر عسكرية للجزيرة بأن الجيش السوداني شن هجمات بطائرات مسيرة على عدة بلدات في ولاية غرب كردفان، حيث تنتشر قوات الدعم السريع. ويهدف القصف إلى استهداف وتدمير القدرات القتالية لقوات الدعم السريع، وفقًا للمصدر. بالتزامن مع ذلك، يتواصل تدفق النازحين من منطقة هجليج في ولاية غرب كردفان إلى مدينة كوستي في ولاية النيل الأبيض، حيث بلغ عددهم قرابة 1700 نازح، معظمهم من النساء والأطفال.
تقصي الانتهاكات في دارفور وغرب كردفان
أعلنت لجنة تقصي الحقائق التابعة لاتحاد المحامين العرب عن بدء عملها الميداني للتحقيق في الانتهاكات التي تعرض لها المدنيون في مدينة الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور، خلال فترة الحرب. وتشمل هذه التحقيقات جمع الشهادات والتحقق من الأدلة المتعلقة بالجرائم التي ارتكبت ضد المدنيين، بحسب بيان صادر عن اللجنة.
وأضاف رئيس اللجنة، محمد خالد المراد، أن التحقيقات الميدانية ستتوسع لتشمل أيضًا مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، بهدف توثيق جميع الجرائم والانتهاكات التي وقعت في المنطقة. هذا التوسع يأتي في إطار جهود اللجنة لتقديم صورة شاملة عن الوضع الإنساني وحقوق الإنسان في دارفور.
تجنيد الأطفال وتأثيره على مستقبل السودان
كشف الأمين العام لمجلس الطفولة بالسودان، عبد القادر أبوه، عن أن قوات الدعم السريع جندت أكثر من مليوني و700 ألف طفل، وفقًا لتقارير حديثة صدرت خلال الأعوام الثلاثة الماضية. ويعد تجنيد الأطفال من أخطر الانتهاكات التي ترتكب في النزاعات المسلحة، ويعرضهم لخطر الإصابة والقتل والتشويه النفسي.
وأكد أبوه أن السلطات الحكومية تعمل جاهدة على الحد من هذه الممارسات، من خلال التعاون مع المنظمات الدولية والمحلية المعنية بحماية حقوق الطفل. وتتضمن هذه الجهود توعية المجتمعات بمخاطر تجنيد الأطفال، وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال الذين تأثروا بالنزاع.
تشير التقديرات إلى أن حوالي 6 ملايين طفل يعانون من النزوح في السودان، وخاصة في ولايات الجزيرة وسنار ودارفور وكردفان. ويعاني هؤلاء الأطفال من نقص في الغذاء والدواء والمأوى، ويواجهون صعوبات كبيرة في الحصول على التعليم والرعاية الصحية.
يأتي هذا في ظل استمرار المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في مناطق مختلفة من البلاد، وتصاعد الأزمة الإنسانية. الوضع يثير قلقًا بالغًا على مستقبل السودان، ويتطلب تدخلًا عاجلاً من المجتمع الدولي لوقف العنف وحماية المدنيين. وتتعقد الأوضاع بسبب تحديات لوجستية تعيق وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين، حسبما أفادت وكالات الأمم المتحدة.
من المتوقع أن تستمر لجنة تقصي الحقائق في جمع الأدلة والشهادات خلال الأسابيع القادمة، وأن تصدر تقريرًا مفصلاً عن الانتهاكات التي وقعت في دارفور وغرب كردفان. كما من المتوقع أن يتجدد الضغط الدولي على الأطراف المتنازعة للتوصل إلى حل سياسي ينهي الأزمة السودانية. يبقى من غير الواضح حتى الآن ما إذا كانت هذه الجهود ستنجح في تحقيق الاستقرار في السودان، وما زال مستقبل البلاد غارقًا في حالة من عدم اليقين.













