قد يظن الكثيرون أن ارتفاع السكر في الدم مرتبط فقط بالحلويات والمشروبات الغازية، لكن أظهرت دراسات حديثة أن بعض الأطعمة التي تبدو صحية يمكن أن ترفع مستويات السكر في الدم بشكل ملحوظ. هذا الارتفاع المستمر قد يزيد من خطر الإصابة بمشاكل صحية خطيرة مثل السمنة والسكري وأمراض القلب.
وحذر خبراء التغذية من أن الكربوهيدرات الموجودة في الأطعمة الأساسية مثل الخبز والمعكرونة والبطاطس، بالإضافة إلى بعض أنواع الفواكه والخضروات، يمكن أن يكون لها تأثير مماثل للسكريات المضافة على مستويات السكر في الدم. هذا التحذير يأتي في ظل تزايد معدلات الإصابة بالسكري من النوع الثاني في المنطقة العربية.
الحد من ارتفاع السكر في الدم
يعمل هرمون الأنسولين على تنظيم مستويات السكر في الدم عن طريق نقل الجلوكوز من مجرى الدم إلى الخلايا لاستخدامه كطاقة. ومع ذلك، فإن التعرض المتكرر لارتفاعات السكر في الدم يمكن أن يؤدي إلى مقاومة الأنسولين، حيث تصبح الخلايا أقل استجابة لهذا الهرمون، مما يتسبب في تراكم الجلوكوز في الدم.
وفقًا للدكتور أحمد سالم، أخصائي الغدد الصماء، فإن ارتفاع السكر في الدم لفترات طويلة يمكن أن يؤدي إلى تخزين الجسم للسكر الزائد على شكل دهون، مما يزيد من خطر الإصابة بالسمنة وأمراض القلب والأوعية الدموية، بالإضافة إلى مشاكل صحية أخرى مثل الزهايمر.
تأثير الكربوهيدرات المختلفة
تختلف الكربوهيدرات في تأثيرها على مستويات السكر في الدم. الكربوهيدرات المكررة، مثل الخبز الأبيض والمعكرونة المصنوعة من الدقيق الأبيض، تتحلل بسرعة في الجسم، مما يؤدي إلى ارتفاع سريع في نسبة السكر في الدم. في المقابل، الكربوهيدرات المعقدة الموجودة في الحبوب الكاملة والخضروات والبقوليات تستغرق وقتًا أطول للهضم، مما يؤدي إلى إطلاق تدريجي للسكر في الدم.
بالإضافة إلى ذلك، فإن المؤشر الجلايسيمي (GI) هو أداة مفيدة لتقييم مدى سرعة رفع الطعام لمستويات السكر في الدم. الأطعمة ذات المؤشر الجلايسيمي المرتفع تسبب ارتفاعًا سريعًا في السكر، بينما الأطعمة ذات المؤشر الجلايسيمي المنخفض تؤدي إلى ارتفاع أكثر اعتدالًا.
استراتيجيات للتحكم في مستويات السكر
يوصي خبراء التغذية باتباع عدة استراتيجيات للحد من ارتفاع السكر في الدم. أولاً، يجب تقليل تناول الكربوهيدرات المكررة والتركيز على الكربوهيدرات المعقدة. ثانيًا، يجب تناول الأطعمة الغنية بالألياف والبروتين والدهون الصحية مع الكربوهيدرات، حيث تساعد هذه العناصر الغذائية على إبطاء امتصاص السكر.
ينصح الدكتور سالم ببدء الوجبة بالألياف، مثل الخضروات الورقية، ثم تناول البروتينات والدهون الصحية، وأخيرًا الكربوهيدرات. هذه الطريقة تساعد على تنظيم مستويات السكر في الدم وتقليل خطر ارتفاعها المفاجئ. كما أن ممارسة النشاط البدني بانتظام تلعب دورًا هامًا في تحسين حساسية الأنسولين والتحكم في السكر في الدم.
تأثير الفواكه والخضروات
على الرغم من أن الفواكه والخضروات تعتبر جزءًا أساسيًا من نظام غذائي صحي، إلا أن بعضها يحتوي على نسبة عالية من السكر. يجب اختيار الفواكه ذات المؤشر الجلايسيمي المنخفض، مثل التوت والتفاح والكمثرى، وتناولها باعتدال. أما بالنسبة للخضروات، فيفضل اختيار الخضروات غير النشوية، مثل الخضروات الورقية والخيار والبروكلي.
السمنة ومقاومة الأنسولين هما من العوامل الرئيسية التي تساهم في ارتفاع السكر في الدم. لذلك، فإن الحفاظ على وزن صحي واتباع نظام غذائي متوازن وممارسة النشاط البدني بانتظام هي خطوات أساسية للوقاية من ارتفاع السكر في الدم والسيطرة عليه.
من المتوقع أن تصدر وزارة الصحة في الأشهر القادمة توصيات جديدة بشأن التغذية الصحية والحد من استهلاك السكر، وذلك في إطار جهودها لمكافحة الأمراض المزمنة مثل السكري. سيتم التركيز على توعية الجمهور بأهمية قراءة الملصقات الغذائية واختيار الأطعمة ذات المؤشر الجلايسيمي المنخفض. يبقى التحدي في تشجيع تغييرات سلوكية مستدامة في أنماط الأكل والنشاط البدني.













