شهدت العاصمة البرتغالية لشبونة فعاليات المؤتمر الأوروبي الأربعين لحزب الخضر الأوروبي، حيث وجه الحزب اتهامات لاذعة لحزب الشعب الأوروبي بقيادة أورسولا فون دير لاين. وتأتي هذه التصريحات في وقت يشهد اهتمامًا متزايدًا بـأجندة المناخ في أوروبا، بعد تراجعها خلال فترة الجائحة والحرب في أوكرانيا. الحزب الأخضر يرى في حزب الشعب الأوروبي، خصمه الرئيسي في البرلمان الأوروبي.
اتهم قادة حزب الخضر حزب الشعب الأوروبي بتجاوز الخطوط الحمراء من خلال التحالف مع اليمين المتطرف في تمرير قوانين تعتبر مناهضة للهجرة، بالإضافة إلى تأثير ذلك على الحقوق الاجتماعية والمبادئ الديمقراطية. وقد انعقد المؤتمر في الثاني من يونيو، واستمر لمدة يومين، بحضور شخصيات بارزة من مختلف أنحاء أوروبا، لمناقشة التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تواجه القارة.
تصاعد الخلاف حول أجندة المناخ والسياسات الأوروبية
يأتي هذا الخلاف في سياق أوسع من التوترات السياسية في البرلمان الأوروبي، حيث يسعى حزب الخضر إلى تعزيز دوره كقوة معارضة للسياسات التي يعتبرها محافظة أو يمينية متطرفة. ووفقًا لبيان صادر عن حزب الخضر، فإن التحالفات المتكررة لحزب الشعب الأوروبي مع اليمين المتطرف تقوض الجهود المبذولة لتحقيق أهداف الاتحاد الأوروبي المتعلقة بالتحول الأخضر.
اتهامات بالتنازل عن المبادئ
يرى حزب الخضر أن حزب الشعب الأوروبي يقدم تنازلات متكررة في قضايا أساسية، مثل حماية البيئة وحقوق العمال، من أجل الحصول على دعم اليمين المتطرف في تمرير تشريعاته. ويعتبر هذا السلوك بمثابة خيانة للمبادئ الديمقراطية والقيم الأوروبية الأساسية، وفقًا لما ذكره الرئيسان المشاركان للحزب في كلمتهم الافتتاحية.
بالإضافة إلى ذلك، سلط المؤتمر الضوء على قضايا أخرى مثل سياسات الإسكان، وحقوق العمال، والوضع في الشرق الأوسط. وتشير التقارير إلى أن هذه القضايا كانت محور نقاشات حادة بين ممثلي الحزب من مختلف الدول الأعضاء.
من جهته، لم يصدر رد رسمي فوري من حزب الشعب الأوروبي على هذه الاتهامات. ومع ذلك، صرح بعض المسؤولين في الحزب بأنهم يحرصون على بناء تحالفات واسعة في البرلمان الأوروبي من أجل تحقيق الاستقرار السياسي وتلبية احتياجات المواطنين. ويؤكدون أنهم لا يتنازلون عن مبادئهم الأساسية، بل يسعون إلى إيجاد حلول عملية للتحديات التي تواجه أوروبا.
الخلاف بين الحزبين الأخضر والشعبي الأوروبي يعكس انقسامًا أعمق في المجتمع الأوروبي حول قضايا الهجرة والبيئة والعدالة الاجتماعية. فمن ناحية، هناك تيار يركز على الحفاظ على الهوية الثقافية والحد من الهجرة غير الشرعية. ومن ناحية أخرى، هناك تيار يركز على حماية البيئة وتعزيز حقوق العمال وتحقيق المساواة بين جميع المواطنين.
هذا التوتر يزداد حدة مع اقتراب الانتخابات الأوروبية المقبلة في عام 2024. ويتوقع المحللون السياسيون أن تشهد هذه الانتخابات منافسة شرسة بين مختلف القوى السياسية، وأن تكون قضايا الهجرة والبيئة والعدالة الاجتماعية في صميم الحملات الانتخابية.
التحالفات السياسية في البرلمان الأوروبي معقدة ومتغيرة باستمرار. ومع ذلك، فإن هذا الخلاف الصريح بين حزب الخضر وحزب الشعب الأوروبي قد يؤدي إلى إعادة تشكيل الخريطة السياسية في البرلمان، وربما إلى صعوبات في تشكيل حكومة ائتلافية مستقرة بعد الانتخابات المقبلة. تأثير ذلك سيكون ملحوظًا على سير عمل الاتحاد في عدة مجالات، بما في ذلكالسياسات البيئية والتعاون الاقتصادي.
في سياق متصل، أظهر استطلاع للرأي نشرته وكالة الأنباء الأوروبية هذا الأسبوع أن قضايا البيئة والمناخ تظل من بين أهم أولويات الناخبين الأوروبيين. ومع ذلك، فإن الاستطلاع يشير أيضًا إلى أن الناخبين يشعرون بالإحباط بسبب عدم تحقيق تقدم كاف في معالجة هذه القضايا، وأنهم يبحثون عن قوى سياسية جديدة يمكنها أن تمثل مصالحهم بشكل أفضل. كما أشارت استطلاعات الرأي إلى تزايد القلق بشأن الأمن الغذائي في ظل الأزمة الأوكرانية.
من المتوقع أن يعقد البرلمان الأوروبي جلسة خاصة في الأسبوع المقبل لمناقشة هذه الاتهامات ومستقبل التحالفات السياسية في البرلمان. وسيتم خلال هذه الجلسة استدعاء ممثلين عن حزبي الخضر والشعب الأوروبي لتقديم وجهات نظرهم.
المستقبل السياسي لأجندة المناخ في أوروبا لا يزال غير واضحًا في ظل هذه التوترات. ومع ذلك، من المؤكد أن الخلاف بين حزب الخضر وحزب الشعب الأوروبي سيؤثر على مسار المفاوضات حول القضايا البيئية والمناخية في البرلمان الأوروبي. وستظل تطورات هذه القضية موضع مراقبة دقيقة من قبل المراقبين السياسيين والمحللين الاقتصاديين.













