تصاعدت المعارك في السودان، حيث أعلنت قوات الدعم السريع سيطرتها على مدينة بابنوسة الاستراتيجية بولاية غرب كردفان، في تطور يهدد بزيادة تعقيد الأزمة المستمرة. يأتي هذا في وقت طالب فيه رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان بتفكيك هذه القوات، مما يشير إلى استمرار الخلاف العميق بين الطرفين المتنازعين. وتعتبر هذه التطورات الأخيرة هامة في سياق الحرب في السودان وتأثيراتها الإنسانية والأمنية.
وتشهد ولايات كردفان، جنوبًا وشمالًا، قتالًا عنيفًا، مع تقارير عن قصف جوي أودى بحياة العشرات في منطقة كُمو بجنوب كردفان. في المقابل، يصر الجيش السوداني على تحقيق تقدم في عدة محاور، مؤكدًا على استهداف مواقع الدعم السريع. هذه الاشتباكات المتصاعدة تعيق بشدة جهود إيصال المساعدات الإنسانية للمناطق المتضررة، وتزيد من معاناة المدنيين.
معارك شرسة في جنوب كردفان وتصعيد عسكري
تتركز المعارك الأكثر ضراوة حاليًا في ولاية جنوب كردفان، خاصة في المناطق التابعة لمحلية العباسية تقلي. وتواجه الفرق الإغاثية صعوبات جمة في الوصول إلى المحتاجين بسبب استمرار القتال. وذكرت مصادر محلية وحقوقية أن قصفًا جويًا استهدف منطقة كُمو يوم السبت، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 40 شخصًا.
واتهمت قوات الدعم السريع الجيش السوداني بالمسؤولية عن القصف، مؤكدة أنه استهدف بشكل مباشر المدنيين. بينما أكدت الحركة الشعبية لتحرير السودان–شمال، المتحالفة مع الدعم السريع، أن القصف شمل أيضًا مدينة كاودا والمناطق المحيطة بها. بدوره، نفى الجيش السوداني استهداف المدنيين أو المنشآت المدنية، مشيرًا إلى أنه يستهدف فقط مواقع الدعم السريع.
الوضع الإنساني المتردي
تدهور الوضع الإنساني في جنوب كردفان بشكل كبير، مع نقص حاد في الغذاء والدواء والمياه. وتشير التقارير إلى أن المستشفيات والمراكز الصحية تعاني من نقص في الكوادر الطبية والمستلزمات الأساسية. كما أن هناك مخاوف متزايدة بشأن انتشار الأمراض والأوبئة بسبب الظروف الصحية السيئة.
تفكيك الدعم السريع.. شرط البرهان لإنهاء الصراع
على الصعيد السياسي، شدد رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان على رفضه أي مبادرة لوقف إطلاق النار لا تتضمن تفكيك قوات الدعم السريع وتجريدها من السلاح. واعتبر البرهان أن بقاء هذه القوات المسلحة يمثل تهديدًا للأمن والاستقرار في السودان. ويأتي هذا التصريح في سياق تزايد الضغوط الإقليمية والدولية للتوصل إلى حل سياسي للأزمة السودانية.
وقال البرهان في خطاب ألقاه في بورتسودان إن “الخيارات باتت محدودة بسبب حجم الدماء والمعاناة”، مؤكدًا أن “الجيش لن يقبل بأي حل يبقي على المليشيا في مناطقها”. وأضاف أن الحل الأمثل للحرب هو “زوال المليشيا”، متوعدًا بـ”القصاص من المجرمين والقتلة الذين ارتكبوا كل أنواع الجرائم”.
بالإضافة إلى ذلك، أثار البرهان جدلاً باقتراحه إعادة العلم السوداني القديم، الذي كان مستخدمًا بعد الاستقلال عام 1956. ودعا إلى العودة إلى هذا العلم الذي يرمز إلى الوحدة الوطنية والتاريخ المشترك للسودان. ويعتبر هذا الاقتراح محاولة لاستعادة الرموز الوطنية التي فقدت بريقها في ظل الصراع الدائر.
التقدم العسكري للجيش في شمال كردفان
في سياق منفصل، أفاد مصدر عسكري رفيع المستوى في الجيش السوداني بأن قوات الجيش تمكنت من تمشيط المنطقة الواقعة بين مدينتي الأبيض والخوي في شمال كردفان، وذلك استعدادًا للتقدم نحو مدينة النهود. ويعتبر هذا التقدم العسكري بمثابة محاولة لاستعادة السيطرة على المناطق التي فقدها الجيش لصالح الدعم السريع. الأزمة السودانية تتطلب حلولاً عاجلة.
وتشير التقديرات إلى أن المعارك في شمال كردفان قد تتصاعد في الأيام القادمة، مع توقعات بوقوع خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات. ويحذر المراقبون من أن استمرار القتال في هذه المنطقة قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية وزيادة عدد اللاجئين والنازحين.
من المتوقع أن تستمر المعارك في السودان خلال الفترة القادمة، مع عدم وجود أي مؤشرات على التوصل إلى حل سلمي قريب. وتعتمد التطورات المستقبلية على قدرة الأطراف المتنازعة على الانخراط في حوار جاد ومباشر، وتقديم تنازلات متبادلة. كما أن الدور الإقليمي والدولي سيكون حاسمًا في الضغط على الطرفين للتوصل إلى اتفاق ينهي الصراع في السودان ويحقق الاستقرار والازدهار للشعب السوداني. يجب مراقبة تطورات الوضع في بابنوسة وجنوب كردفان عن كثب، بالإضافة إلى أي مبادرات جديدة لإنهاء الحرب.













