شهدت أسعار الذهب اليوم الجمعة ارتفاعًا ملحوظًا، مواصلةً بذلك مسيرتها نحو تسجيل مكاسب شهرية رابعة على التوالي. يعزى هذا الارتفاع إلى تزايد التوقعات ببدء البنك الفيدرالي الأمريكي في خفض أسعار الفائدة خلال الشهر المقبل، بالتزامن مع ضعف أداء الدولار الأمريكي في سوق العملات.
ارتفعت قيمة الذهب الفوري بنسبة 0.7% لتصل إلى 2327.55 دولار للأوقية (الأونصة)، مسجلةً أعلى مستوى لها منذ 14 نوفمبر الحالي. ويتجه المعدن الثمين نحو تحقيق مكاسب أسبوعية بنسبة 3%، ومكاسب شهرية بنسبة تقدر بـ 4%، مما يؤكد مكانته كملاذ آمن في ظل التقلبات الاقتصادية.
توقعات خفض أسعار الفائدة تدعم صعود أسعار الذهب
أظهرت أداة “فيد ووتش” التابعة لـ”سي إم إي” أن الاحتمالات حول خفض أسعار الفائدة الأمريكية في اجتماع ديسمبر القادم قد ارتفعت لتصل إلى 87%. هذا الارتفاع في التوقعات جاء مدفوعًا بتصريحات متتالية من مسؤولين في البنك المركزي الأمريكي، تشير إلى أنهم يدرسون خيارات لتخفيف السياسة النقدية.
وقد أكد كل من ماري دالي رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو وكريستوفر والر عضو مجلس المحافظين في البنك المركزي، هذا الأسبوع على أن خفض سعر الفائدة قد يكون مطروحًا للنقاش في اجتماع الشهر المقبل. بالإضافة إلى ذلك، صرح كيفن هاسيت، المرشح المحتمل لتولي منصب رئيس الاحتياطي الفيدرالي، بأنه يعتقد أن أسعار الفائدة يجب أن تكون أقل، وهو ما يتماشى مع رؤى الرئيس السابق دونالد ترامب.
ومع ذلك، لا يزال هناك بعض التحفظ من قبل مسؤولي البنك الفيدرالي الآخرين، الذين يدعون إلى الحذر وانتظار المزيد من البيانات للتأكد من أن التضخم يتحرك بثبات نحو هدف البنك المركزي البالغ 2%. هذا الاختلاف في الآراء داخل البنك الفيدرالي يضيف عنصرًا من عدم اليقين إلى المسار المستقبلي لأسعار الفائدة.
أداء المعادن النفيسة الأخرى
بالإضافة إلى الذهب، شهدت المعادن النفيسة الأخرى أداءً متفاوتًا اليوم. قفزت أسعار الفضة في المعاملات الفورية بنسبة 1.4% لتصل إلى 0.712 دولار للأوقية، بينما ارتفع البلاتين بنسبة 1.7% إلى 892.97 دولار. في المقابل، انخفض سعر البلاديوم بنسبة 0.6% ليصل إلى 591.78 دولار للأوقية، ولكنه لا يزال يتجه نحو تحقيق مكاسب أسبوعية بنسبة 4%.
تفاعل المستثمرون مع هذه التطورات بشكل استباقي، حيث يرى المحللون أن الارتفاع في أسعار الذهب يعكس ثقة متزايدة في آفاق الاقتصاد العالمي، وتوجهًا نحو الأصول الآمنة في ظل حالة عدم اليقين الجيوسياسي. ويعتبر الذهب ملاذاً آمناً تقليدياً، حيث يميل المستثمرون إلى الإقبال عليه في أوقات الأزمات والتقلبات.
الدولار يواجه ضغوطًا متزايدة
في سياق متصل، يواجه الدولار الأمريكي ضغوطًا متزايدة في سوق العملات، ويتجه نحو تسجيل أسوأ أداء أسبوعي له منذ أواخر يوليو الماضي. يعزى هذا الضعف إلى تزايد التوقعات بحدوث خفض في أسعار الفائدة الأمريكية، مما يقلل من جاذبية الدولار كأصل استثماري.
انخفض مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأمريكية مقابل سلة من ست عملات رئيسية، إلى مستوى 100.12، مسجلاً خسائر لخمسة أيام متتالية. ويعزو المحللون هذا الانخفاض إلى تراجع عوائد سندات الخزانة الأمريكية، بالإضافة إلى البيانات الاقتصادية الأمريكية المخيبة للآمال.
تراجع الدولار أمام العديد من العملات الرئيسية، حيث ارتفع اليورو إلى 1.0910 دولار، والجنيه الإسترليني إلى 1.2620 دولار. كما شهد الين الياباني والدولار الأسترالي والنيوزيلندي مكاسب ملحوظة مقابل الدولار الأمريكي، مما يعكس تحولًا في معنويات المستثمرين نحو المخاطرة.
من المتوقع أن تشهد سوق الذهب مزيدًا من التقلبات في الأيام المقبلة، مع ترقب المستثمرين لصدور بيانات اقتصادية مهمة من الولايات المتحدة، بالإضافة إلى أي تصريحات جديدة من مسؤولي البنك الفيدرالي. ويعتبر اجتماع لجنة السياسة النقدية في البنك الفيدرالي في ديسمبر المقبل محطة مراقبة حاسمة، حيث من المتوقع أن تتخذ اللجنة قرارًا بشأن مستقبل أسعار الفائدة الأمريكية وتقديم تقييم شامل لأداء الاقتصاد.













