منذ اللحظة الأولى لعرضه، أثار فيلم “الست” جدلاً واسعاً في الأوساط العربية، وتحول إلى حديث منصات التواصل الاجتماعي. الفيلم الذي يتناول حياة أسطورة الطرب أم كلثوم، لم يكن مجرد حدث سينمائي، بل منصة انطلقت منها نقاشات حول الفن، والتاريخ، والذاكرة الجمعية، مما جعل فيلم الست محط اهتمام بالغ.
هذا الاهتمام لم يقتصر على الجمهور العادي، بل تعداه إلى النقاد والمحللين الفنيين، الذين قدموا قراءات مختلفة للعمل، تتراوح بين الإشادة بجهود الإنتاج والإخراج، والانتقاد لبعض جوانب السيناريو والمعالجة الدرامية. وتزايدت التوقعات حول تأثير هذا العمل على صناعة السينما العربية.
النقاد أولاً.. قراءة فنية مشحونة بالحذر
عدد من النقاد والمشتغلين بالسينما قدموا تحليلات مبكرة للفيلم، مشيدين بفخامة الصورة والتوظيف المتقن للإضاءة والديكور. ورأى البعض فيه محاولة جريئة لتقديم سيرة ذاتية مختلفة، تتجاوز النمطية السائدة في هذا النوع من الأفلام.
لكن، في المقابل، انتقد آخرون السيناريو، معتبرين أنه اختزل حياة أم كلثوم المعقدة في محطات محددة، وتجاهل جوانب مهمة من شخصيتها ومسيرتها الفنية. وأشاروا إلى أن الفيلم ركز بشكل مبالغ فيه على بعض التفاصيل الشخصية، على حساب العمق الدرامي والبعد التاريخي.
الناقد السينمائي المعروف، الأمير أباظة، أبدى تحفظه الشديد على الفيلم، واصفاً إياه بأنه “تشويه لصورة رمز فني وثقافي”. وأضاف أن الفيلم قدم صورة سلبية لأم كلثوم، تتعارض مع مكانتها في قلوب الملايين من المعجبين.
الجمهور بين الحنين وخيبة التوقعات
بعد أيام من عرضه، بدأت آراء الجمهور تتشكل وتنتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي. عبّر الكثيرون عن حنينهم إلى زمن أم كلثوم، وإعجابهم بجهود المخرج والممثلين في إعادة إحياء هذه الأيقونة. وتداولوا مقاطع من الفيلم، وأغاني أم كلثوم، معبرين عن مشاعرهم وانطباعاتهم.
في المقابل، أعرب آخرون عن خيبة أملهم في الفيلم، معتبرين أنه لم يرتق إلى مستوى التوقعات. وانتقدوا بعض جوانب الأداء التمثيلي، والمعالجة الدرامية، والإخراج. ورأوا أن الفيلم لم ينجح في التقاط جوهر شخصية أم كلثوم، وعمق فنها.
الجدل حول فيلم الست لم يقتصر على الجودة الفنية للعمل، بل امتد ليشمل القضايا الثقافية والاجتماعية التي يطرحها. فمنهم من رأى في الفيلم فرصة لإعادة قراءة التراث، وتحديثه بما يتناسب مع العصر الحديث، ومنهم من اعتبر ذلك تعدياً على المقدسات، ومحاولة لتشويه الذاكرة الجمعية.
تأثير وسائل التواصل الاجتماعي
لعبت وسائل التواصل الاجتماعي دوراً محورياً في تشكيل الرأي العام حول فيلم الست. فقد سمحت للجمهور بالتعبير عن آرائهم بحرية، وتبادلها مع الآخرين. كما ساهمت في انتشار الفيلم، وزيادة الوعي به.
إضافة إلى ذلك، أتاحت وسائل التواصل الاجتماعي للنقاد والمحللين الفنيين الوصول إلى جمهور أوسع، والتفاعل معه بشكل مباشر. مما ساهم في إثراء النقاش حول الفيلم، وتقديم قراءات أكثر عمقاً وتحليلاً.
الفيلم كظاهرة ثقافية
يتجاوز فيلم الست كونه مجرد عمل سينمائي، ليصبح ظاهرة ثقافية تعكس اهتمامات وقضايا المجتمع العربي. فالفيلم يطرح أسئلة حول الهوية، والتاريخ، والذاكرة، والفن، مما يجعله موضوعاً للنقاش والتحليل في مختلف الأوساط.
كما يعكس الفيلم التغيرات التي يشهدها المجتمع العربي، وتأثيرها على القيم والمعتقدات. فمن خلال تقديم صورة جديدة لأم كلثوم، يفتح الفيلم الباب أمام إعادة تقييم التراث، وتحديثه بما يتناسب مع العصر الحديث.
من المتوقع أن يستمر الجدل حول فيلم الست في الأيام والأسابيع القادمة، وأن تتزايد التحليلات والدراسات التي تتناول هذا العمل السينمائي المثير للجدل. ويبقى السؤال مفتوحاً حول ما إذا كان الفيلم سينجح في تحقيق أهدافه الفنية والثقافية، أم سيظل مجرد محاولة مثيرة للجدل.













