أفادت تقارير إخبارية، اليوم الأحد، بمقتل أمريكيين اثنين وإصابة آخرين في هجوم استهدف منطقة البادية السورية بالقرب من مدينة تدمر الأثرية. وتأتي هذه الحادثة في ظل تطورات سياسية وأمنية متسارعة في سوريا بعد التغييرات الأخيرة في السلطة، وتثير تساؤلات حول الاستقرار الأمني في المنطقة وجهود مكافحة الإرهاب.
وقع الهجوم يوم السبت، وأدى إلى مقتل عنصرين من القوات الأمريكية ومدني أمريكي واحد، بالإضافة إلى إصابة ثلاثة أمريكيين آخرين. وأصيب أيضًا ثلاثة من عناصر قوات الأمن السورية خلال الاشتباك مع المهاجم، وفقًا لما صرح به المتحدث باسم وزارة الداخلية السورية. وتجري حاليًا تحقيقات مكثفة لتحديد ملابسات الحادث وكشف هوية المتورطين.
التحقيقات تكشف عن منفذ الهجوم والظروف الأمنية
أظهرت التحقيقات الأولية، وفقًا لمسؤول سوري تحدث لوكالة أسوشيتد برس، أن منفذ الهجوم كان قد انضم إلى قوات الأمن الداخلي السورية قبل شهرين تقريبًا، وعمل كحارس في إحدى القواعد. ولكن، أعيد تكليفه مؤخرًا بعد ظهور شكوك أمنية حول احتمال ارتباطه بتنظيم “داعش”.
وأشار المتحدث باسم وزارة الداخلية السورية إلى أن السلطات واجهت نقصًا في الكوادر الأمنية بعد التقدم السريع الذي حققته فصائل المعارضة العام الماضي. وقد أدى ذلك إلى التجنيد السريع لعناصر جديدة، بما في ذلك المهاجم، ضمن فرقة جديدة في قوات الأمن الداخلي في منطقة البادية، وهي منطقة لا تزال تشهد نشاطًا لخلايا تنظيم داعش.
الاشتباه والمراقبة قبل الهجوم
بدأت قيادة قوات الأمن الداخلي في الاشتباه بوجود عنصر يسرّب معلومات إلى تنظيم داعش، مما دفعها إلى إطلاق عملية تقييم داخلية. وأثارت التحقيقات شكوكًا حول الرجل الذي نفذ الهجوم لاحقًا، ولكن تم اتخاذ قرار بمراقبته لفترة قصيرة للتحقق من طبيعة ارتباطه المحتمل بالتنظيم وتحديد أي شبكة قد يكون على تواصل معها.
تم تكليف المهاجم بحراسة معدات داخل القاعدة كإجراء احترازي، في موقع بعيد عن القيادة وعن دوريات قوات التحالف الدولي. ومع ذلك، اقتحم المهاجم اجتماعًا ضم مسؤولين أمنيين أمريكيين وسوريين، وفتح النار قبل أن يُقتل في تبادل لإطلاق النار.
تأكيد واشنطن على الدعم لدمشق وتعزيز التعاون
أعلنت وزارة الخارجية السورية أن وزير الخارجية أسعد الشيباني أجرى اتصالًا هاتفيًا بنظيره الأمريكي ماركو روبيو، لتبادل التعازي في حادثة تدمر. ونقل الشيباني تعازي الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، معربًا عن الأسف العميق لما حدث.
وأكد الجانبان أن الهجوم يمثل محاولة لزعزعة العلاقة السورية الأمريكية المتنامية. كما نقل روبيو تأكيده على استمرار دعم واشنطن للحكومة السورية في مختلف المجالات، بما في ذلك مكافحة الإرهاب، وأهمية تعزيز التعاون الثنائي لمواجهة التهديدات المشتركة. وتشكل هذه العلاقة تطوراً هاماً في السياسة الخارجية بعد فترة طويلة من التوتر.
التقارب السياسي والأمني بعد التغيير
تأتي هذه التطورات في وقت تواصل فيه الولايات المتحدة نشر مئات الجنود الأمريكيين في شرق سوريا كجزء من التحالف الدولي ضد تنظيم داعش. وقبل التغييرات الأخيرة في سوريا، لم تكن هناك علاقات دبلوماسية مباشرة بين واشنطن ودمشق.
لكن الوضع تغير خلال العام الماضي مع تحسن العلاقات بين إدارة ترامب والرئيس الشرع. وقام الشرع بزيارة إلى واشنطن في نوفمبر، وهي الأولى لرئيس سوري منذ استقلال البلاد، وأعلنت سوريا انضمامها إلى التحالف الدولي ضد تنظيم داعش. وتشير هذه الخطوات إلى تحول في السياسات الإقليمية.
وعقب الهجوم، تعهد الرئيس ترامب بـ”انتقام خطير”، معتبرًا أن الهجوم استهدف الولايات المتحدة وسوريا. كما أشار إلى أن الشرع كان “غاضبًا ومنزعجًا للغاية” من الحادث. ومن المتوقع أن تشهد الأيام القادمة ردود فعل إضافية من الجانبين.
في الختام، يمثل الهجوم في تدمر تحديًا أمنيًا كبيرًا للعلاقات السورية الأمريكية وجهود مكافحة الإرهاب في المنطقة. من المتوقع أن تواصل السلطات السورية والتحالف الدولي تحقيقاتهما لتحديد المسؤولين عن الهجوم واتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع تكراره. وستراقب الأوساط السياسية والأمنية عن كثب التطورات المستقبلية، بما في ذلك ردود الفعل المحتملة من تنظيم داعش، وتأثير الحادث على التعاون الأمني بين سوريا والولايات المتحدة.













