أظهرت دراسة حديثة أن ممارسة الرياضة بانتظام، خاصةً في منتصف العمر وما بعده، قد تقلل بشكل كبير من خطر الإصابة بالخرف. أجرت الدراسة، التي نشرت نتائجها جامعة بوسطن في الولايات المتحدة، تحليلاً لبيانات واسعة النطاق لتحديد العلاقة بين النشاط البدني وتطور هذا المرض العصبي التنكسي.
تضمنت الدراسة بيانات من أكثر من 4300 بالغ، وتم تقسيم المشاركين إلى ثلاث مجموعات عمرية مختلفة. وقد كشفت النتائج عن ارتباط قوي بين مستويات النشاط البدني في مراحل لاحقة من الحياة وانخفاض خطر الإصابة بالخرف، مما يسلط الضوء على أهمية الحفاظ على نمط حياة نشط.
النشاط البدني والخرف
وفقًا للباحثين، لم يظهر أي ارتباط بين النشاط البدني في مرحلة البلوغ المبكرة وخطر الإصابة بالخرف. ومع ذلك، أظهرت الدراسة أن الأشخاص الذين كانوا أكثر نشاطًا بدنيًا في منتصف العمر وأواخر العمر كانوا أقل عرضة للإصابة بالخرف بنسبة تصل إلى 45٪ مقارنة بأولئك الذين كانوا أقل نشاطًا. هذه النتائج تشير إلى أن الوقت ليس بالضرورة عاملاً حاسماً، وأن البدء في ممارسة الرياضة في وقت لاحق من الحياة يمكن أن يكون له فوائد وقائية كبيرة.
تقييم مستويات النشاط البدني
تم تقييم مستويات النشاط البدني للمشاركين من خلال مؤشر النشاط البدني، وهو مقياس يأخذ في الاعتبار عدد ساعات النوم وممارسة الأنشطة المختلفة، بدءًا من الأنشطة المحدودة وصولًا إلى الأنشطة الشاقة. تم تصنيف المشاركين بعد ذلك إلى خمس مجموعات بناءً على مستويات نشاطهم البدني، مما سمح للباحثين بتحليل العلاقة بين النشاط البدني وخطر الإصابة بالخرف بشكل أكثر دقة.
النتائج المتعلقة بمرض ألزهايمر
بالإضافة إلى الخرف بشكل عام، أظهرت الدراسة نتائج مماثلة فيما يتعلق بمرض ألزهايمر، وهو النوع الأكثر شيوعًا من الخرف. حيث وجد الباحثون أن الأشخاص الأكثر نشاطًا بدنيًا في منتصف العمر وأواخر العمر كانوا أقل عرضة للإصابة بمرض ألزهايمر. هذا مهم بشكل خاص لأن مرض ألزهايمر يمثل حوالي 60٪ من جميع حالات الخرف.
أشار الدكتور فيليب هوانغ، قائد الدراسة، إلى أن النتائج تشير إلى أن زيادة النشاط البدني في منتصف العمر وأواخر العمر يمكن أن يكون لها تأثير وقائي كبير ضد أنواع مختلفة من الخرف. وأضاف أن هذه النتائج تدعم توصيات الصحة العامة بتشجيع الأفراد على تبني نمط حياة نشط للحفاظ على صحتهم الإدراكية.
تعتبر هذه الدراسة إضافة قيمة إلى الأبحاث المتزايدة التي تؤكد على أهمية النشاط البدني للصحة العامة، بما في ذلك صحة الدماغ. بالإضافة إلى ذلك، فإن فهم العلاقة بين النشاط البدني وأنواع الخرف المختلفة يمكن أن يساعد في تطوير استراتيجيات وقائية أكثر فعالية.
من المهم ملاحظة أن هذه الدراسة اعتمدت على الإبلاغ الذاتي عن النشاط البدني، وهو ما قد يكون عرضة للتحيز. ومع ذلك، فإن حجم العينة الكبير وطول فترة المتابعة يعززان مصداقية النتائج.
في المستقبل، يخطط الباحثون لإجراء المزيد من الدراسات لتحديد الآليات البيولوجية التي تربط النشاط البدني بتقليل خطر الإصابة بالخرف. كما يهدفون إلى استكشاف أنواع معينة من التمارين الرياضية التي قد تكون أكثر فعالية في حماية صحة الدماغ. من المتوقع أن تتوفر نتائج هذه الدراسات الإضافية في غضون السنوات القليلة القادمة، مما قد يوفر المزيد من التوجيهات حول كيفية الوقاية من الخرف والحفاظ على الوظائف الإدراكية مع التقدم في العمر.













