الخرطوم – كشفت مصادر سودانية رسمية عن تحسبات بشأن فتح جبهة عسكرية جديدة في شرق البلاد، بعد تقارير تفيد بأن إثيوبيا سمحت بإنشاء معسكر لتدريب قوات الدعم السريع ومرتزقة أجانب بهدف مهاجمة إقليم النيل الأزرق. وتثير هذه التطورات مخاوف متزايدة بشأن تصعيد الحرب في السودان وتأثيرها على الأمن الإقليمي.
وأوضحت المصادر الحكومية، التي طلبت عدم الكشف عن هويتها، أن السلطات الإثيوبية تقوم بتنسيق عسكري مع قوات الدعم السريع عبر قوى إقليمية، حيث تم الاتفاق على خطوط إمداد وإنشاء معسكرات تدريب ومهابط طائرات. ويأتي هذا في وقت تشهد فيه المنطقة توترات متزايدة بسبب النزاعات الحدودية والصراعات على الموارد.
تدريب وإمداد قوات الدعم السريع
وبحسب المصادر، بدأت حركة إمداد ووصول مركبات قتالية ومنظومات مدفعية وأجهزة تشويش عبر مدينة أصوصا، عاصمة إقليم بني شنقول قمز في إثيوبيا، والتي تقع بالقرب من سد النهضة وإقليم النيل الأزرق السوداني. وتشير التقارير إلى أن هذه الإمدادات تهدف إلى تعزيز قدرات الدعم السريع وتوسيع نطاق عملياتها.
كما كشفت المصادر عن تنسيق استخباراتي بين الجيش الإثيوبي والدعم السريع والجيش الشعبي بقيادة جوزيف توكا، التابع للحركة الشعبية شمال في إقليم النيل الأزرق. وتنتشر قوات توكا في جيوب داخل الإقليم وتنشط في الشريط الحدودي مع ولاية أعالي النيل في جنوب السودان.
تفاصيل المعسكرات والتدريب
وتفيد منصات إخبارية قريبة من السلطات السودانية بأن معسكر التدريب الإثيوبي يستوعب أكثر من 10 آلاف مقاتل في منطقتي منقي والأحمر بمحلية أوندلو، ويشرف عليه الجنرال الإثيوبي غيتاتشو غودينا بالتنسيق مع ضباط أجانب. ويشمل المتدربون مرتزقة من جنوب السودان ودول أمريكا اللاتينية، بالإضافة إلى عناصر من الدعم السريع.
وتصل الإمدادات اللوجستية للمعسكر عبر مينائي بربرة الصومالي ومومباسا الكيني قبل نقلها إلى داخل إثيوبيا. وتشير التقارير إلى أن جوزيف توكا تسلّم مؤخرًا طائرات مسيرة استخدمت في استهداف مدينتي الدمازين والكرمك في إقليم النيل الأزرق.
تحذيرات من تصعيد إقليمي
ويرى محللون سياسيون أن إقامة معسكر لتدريب مقاتلي الدعم السريع في إثيوبيا يمثل تحولًا خطرًا في نمط التدخلات الإقليمية في الأزمة السودانية. ويحذرون من أن هذا التطور قد يؤدي إلى تصعيد الصراع في السودان وتوسيع نطاقه ليشمل دولًا أخرى في المنطقة.
ويقول الأستاذ الجامعي إسماعيل الأمين إن هذا التطور يكشف عن محاولة لتقويض جهود السلام والاستقرار في السودان. ويضيف أن عدم مواجهة هذا التهديد بتحرك سوداني وإقليمي ودولي فاعل قد يؤدي إلى مرحلة جديدة أكثر دموية من الحرب.
ويشير إلى أن السودان وإثيوبيا هما أكبر دول الإقليم، وأن أي توتر بينهما قد يكون له تداعيات خطيرة على الأمن والاستقرار في القرن الأفريقي. ويؤكد على أهمية الحوار والتفاوض لحل الخلافات بين البلدين وتجنب المزيد من التصعيد.
التوترات الإثيوبية السودانية
وتأتي هذه التطورات في ظل توترات قائمة بين السودان وإثيوبيا بشأن قضايا حدودية ومياهية، بما في ذلك سد النهضة. وقد أثارت تصريحات سابقة لرئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد غضب الخرطوم، حيث اعتبرها البعض تدخلًا في الشؤون الداخلية السودانية.
في المقابل، يرى محللون أن إثيوبيا تسعى إلى حماية مصالحها في السودان، وأنها تخشى من أن يؤدي استمرار الحرب إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة وتأثيره على أمنها القومي. ويشيرون إلى أن إثيوبيا لديها مصالح اقتصادية وأمنية في السودان، وأنها تسعى إلى الحفاظ عليها.
وتشهد الأزمة السودانية تدخلات إقليمية ودولية متزايدة، حيث تسعى كل دولة إلى حماية مصالحها والتأثير على مسار الأحداث. ويشمل ذلك دعم الدعم السريع من قبل بعض الدول، ودعم الجيش السوداني من قبل دول أخرى. ويؤدي هذا التنافس الإقليمي إلى تعقيد الأزمة وإطالة أمدها.
من المتوقع أن تشهد الأزمة السودانية تطورات جديدة في الأسابيع القادمة، حيث من المقرر أن تعقد قمة إقليمية لمناقشة الأزمة والبحث عن حلول لها. ويترقب المجتمع الدولي نتائج هذه القمة، ويأمل في أن تؤدي إلى وقف إطلاق النار وتحقيق السلام في السودان. ومع ذلك، لا تزال هناك العديد من العقبات التي تعترض طريق السلام، بما في ذلك الخلافات بين الأطراف المتنازعة والتدخلات الإقليمية والدولية.













