أعلنت الحكومة السودانية أنها كُلفت بتقديم رد رسمي على مقترحات واشنطن لإنهاء الصراع الدائر في البلاد، وذلك في ظل تدهور الأوضاع الإنسانية وتصاعد الاتهامات بارتكاب جرائم حرب. يأتي هذا الإعلان بعد إعلان قوات الدعم السريع عن هدنة إنسانية لمدة ثلاثة أشهر، وهو ما وصفه مسؤولون حكوميون بأنه مناورة سياسية.
عقد مجلس الأمن والدفاع السوداني، برئاسة عبد الفتاح البرهان، اجتماعًا اليوم، حيث أكد التزام الحكومة بتسهيل وصول المساعدات الإنسانية وحماية العاملين في المجال الإنساني. كما شدد المجلس على ضرورة محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات التي تشهدها مناطق الصراع، خاصة في الفاشر وبارا بولاية شمال دارفور.
جرائم حرب واتهامات متبادلة
تتزايد التقارير والشهادات التي تتهم قوات الدعم السريع بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك القتل والاختطاف والاغتصاب. نشرت منظمة العفو الدولية تقريرًا مفصلاً يستند إلى شهادات 28 ناجيًا من الفاشر، يصفون أعمال عنف مروعة ارتكبتها قوات الدعم السريع، واعتبرت المنظمة هذه الأعمال بمثابة جرائم حرب تتطلب تحقيقًا دوليًا ومحاسبة عادلة.
في المقابل، تتهم الحكومة السودانية قوات الدعم السريع باستهداف المدنيين وحصار المدن وتجويع السكان. صرح وزير الثقافة والإعلام السوداني خالد الأعيسر بأن إعلان قوات الدعم السريع عن هدنة إنسانية هو محاولة لتضليل الرأي العام، مؤكدًا أن الواقع على الأرض يشير إلى استمرار القصف والحصار في مناطق متضررة.
مبادرة واشنطن والردود الأولية
كشف كبير مستشاري الرئيس الأمريكي للشؤون العربية والأفريقية، مسعد بولس، عن تقديم واشنطن لخطة مفصلة لإنهاء الصراع في السودان، لكنها لم تلق قبولاً من أي من الطرفين المتنازعين. وأوضح بولس أن الجيش السوداني أبدى ترحيبًا مبدئيًا بالمقترح، لكنه عاد بشروط مسبقة تعيق التوصل إلى اتفاق نهائي.
تأتي هذه الجهود الدبلوماسية في ظل تدهور الأوضاع الإنسانية، حيث حذرت المفوضة الأوروبية للتعاون الدولي، حجة لحبيب، من أن الأزمة الإنسانية في السودان قد وصلت إلى مستوى كارثي. وأعربت لحبيب عن قلق الاتحاد الأوروبي البالغ من الهجمات العرقية التي تنفذها قوات الدعم السريع في دارفور وكردفان، مشيرة إلى الحاجة الماسة لتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة.
الوضع الميداني وتصعيد القتال
على الصعيد الميداني، أفادت مصادر في الجيش السوداني بإحباط هجوم لقوات الدعم السريع على مدينة بابنوسة بولاية غرب كردفان. وذكرت المصادر أن الجيش تمكن من تدمير مخزن للذخائر تابع لقوات الدعم السريع، وتحييد المدافع التي كانت تستهدف محيط الفرقة 22 في المدينة. يشير هذا التصعيد إلى استمرار المعارك العنيفة في مناطق مختلفة من البلاد.
بالإضافة إلى ذلك، أعلنت الأمم المتحدة عن تزايد عدد النازحين داخليًا في السودان، حيث تجاوز عددهم 7.5 مليون شخص. وتواجه هذه الأعداد الهائلة من النازحين تحديات كبيرة في الحصول على الغذاء والمياه والمأوى والرعاية الصحية، مما يزيد من تفاقم الأزمة الإنسانية.
تطورات إيجابية ومخاوف مستمرة
من جهته، وصف المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، إعلان قوات الدعم السريع عن وقف إطلاق النار الإنساني لمدة ثلاثة أشهر بأنه خطوة إيجابية، لكنه أكد أن الدليل الحقيقي على هذا الإعلان سيكون ضمان حماية المدنيين والسماح بوصول المساعدات الإنسانية على نطاق واسع. وشدد دوجاريك على أهمية تمكين الأمم المتحدة من العمل باستقلالية في تقديم المساعدات للمحتاجين.
في الختام، يظل الوضع في السودان معقدًا وغير مستقر. من المتوقع أن يرد مجلس الأمن والدفاع السوداني رسميًا على مقترحات واشنطن خلال الأيام القليلة القادمة. ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح ما إذا كان الطرفان المتنازعان سيتمكنان من التوصل إلى اتفاق نهائي لإنهاء الصراع، خاصة في ظل استمرار الاتهامات المتبادلة بارتكاب جرائم حرب وتصاعد العنف في مناطق مختلفة من البلاد. يتعين مراقبة التطورات الميدانية والجهود الدبلوماسية عن كثب لتقييم فرص تحقيق السلام والاستقرار في السودان.













