أعلنت شرطة أفون وسومرست البريطانية أنها لن توجه اتهامات لمغنيي فرقة “بوب فيلان” بسبب هتافات أطلقوها خلال مهرجان غلاستونبري الصيفي، والتي اعتبرها البعض تحريضًا ضد الجيش الإسرائيلي. هذا القرار، المتعلق بـحرية التعبير، أثار ردود فعل متباينة في المملكة المتحدة وإسرائيل. وتأتي هذه التطورات بعد تحقيق مطول في أعقاب الجدل الذي أثارته الفرقة خلال أدائها في المهرجان.
الواقعة تعود إلى شهر يونيو الماضي، عندما ردد المغني الرئيسي بوبي فيلان هتافات منتقدة للجيش الإسرائيلي على خشبة المسرح، وذلك على خلفية الأحداث الجارية في قطاع غزة. وقد أثار هذا الأمر غضبًا واسع النطاق، ودعوات إلى اتخاذ إجراءات قانونية ضد الفرقة. التحقيق الذي أجرته الشرطة شمل مقابلات مع عدد كبير من شهود العيان وتحليل الأدلة المتاحة.
التحقيق يغلق دون توجيه اتهامات: نظرة على حرية التعبير في المملكة المتحدة
بعد مراجعة شاملة للأدلة، خلصت شرطة أفون وسومرست إلى أن الوقائع لا تستوفي المعايير القانونية اللازمة لتوجيه تهم جنائية. وأوضحت الشرطة في بيانها أن هتافات الفرقة، على الرغم من كونها مثيرة للجدل، لا ترقى إلى مستوى التحريض على الكراهية أو العنف بموجب القانون البريطاني.
يُذكر أن القانون البريطاني يحمي حرية التعبير، ولكنه يضع قيودًا على الخطاب الذي يحرض على الكراهية أو العنف أو التمييز. يجب أن يكون هناك دليل قاطع على أن الخطاب يهدف إلى التحريض على هذه الأفعال وأن هناك احتمالًا حقيقيًا لحدوثها.
ردود الفعل على القرار
أثار قرار الشرطة ردود فعل متباينة. فقد أعربت السفارة الإسرائيلية في لندن عن خيبة أملها من القرار، واعتبرته بمثابة إشارة سلبية في مكافحة معاداة السامية.
من جانبها، أعربت منظمة “كوميونيتي سيكيوريتي ترست” البريطانية، وهي منظمة يهودية بارزة، عن أسفها للقرار، مشيرة إلى أن هتافات الفرقة كانت مؤذية ومسيئة.
في المقابل، رحبت بعض الجماعات الحقوقية بالقرار، واعتبرته انتصارًا لـحرية التعبير وحق الفنانين في التعبير عن آرائهم السياسية.
أصدرت فرقة “بوب فيلان” بيانًا عقب ظهورها في غلاستونبري، أكدت فيه أنها لا تدعو إلى إيذاء أي شخص، وأن هدفها هو انتقاد السياسات العسكرية الإسرائيلية. وأضافت الفرقة أنها تؤمن بضرورة تحقيق السلام والعدالة للجميع.
الجدير بالذكر أن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر كان قد انتقد هتافات الفرقة في وقت سابق، واصفًا إياها بأنها غير مقبولة ومسيئة.
الخلفية السياسية وتأثير الصراع الفلسطيني الإسرائيلي
تأتي هذه القضية في سياق تصاعد التوترات المتعلقة بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي. فمنذ بداية الحرب في غزة، شهدت العديد من الدول احتجاجات ومظاهرات مؤيدة للفلسطينيين ومعارضة للسياسات الإسرائيلية.
وقد أدت هذه الاحتجاجات في بعض الأحيان إلى مواجهات مع الشرطة واتهامات بمعاداة السامية.
تعتبر قضية فرقة “بوب فيلان” مثالًا على التحديات التي تواجهها السلطات في الموازنة بين حماية حرية التعبير ومكافحة الكراهية والتمييز.
بالإضافة إلى ذلك، تثير هذه القضية تساؤلات حول حدود النقد المسموح به للسياسات الإسرائيلية، وما إذا كان هذا النقد يمكن أن يتجاوز الحدود ويتحول إلى تحريض على الكراهية.
من المتوقع أن تستمر المناقشات حول هذه القضية في الأيام والأسابيع القادمة، خاصة مع استمرار الصراع في غزة وتصاعد التوترات السياسية.
في الوقت الحالي، لا توجد مؤشرات على أن الشرطة ستعيد فتح التحقيق في القضية. ومع ذلك، من المحتمل أن تواصل الجماعات الحقوقية والمنظمات اليهودية الضغط على السلطات لاتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد أي خطاب يحرض على الكراهية أو العنف.
يبقى التطور المستقبلي لهذه القضية مرتبطًا بشكل وثيق بالتطورات السياسية على الأرض، وردود الفعل المحلية والدولية.













