في ظل انتشار الأخبار المزيفة والتلاعب بالمعلومات والتزييف العميق، يظل دور وسائل الإعلام كمصدر للمعلومات الجديرة بالثقة أمراً حيوياً. والحفاظ على ثقة القراء من خلال تقديم محتوى واضح وموثوق يمثل أولوية قصوى في الوقت الحالي.
هذا ما أكده المشاركون في منتدى الإعلام في آسيا الوسطى، الذي استضافته مدينة أستانا جنوب كازاخستان.
والذي جمع المنتدى إعلاميين وخبراء تكنولوجيا ومسؤولين حكوميين لمناقشة الدور المتزايد للمنطقة على الساحة العالمية والقصص الفريدة التي يمكن أن تقدمها.
وقال كلاوس سترونز، الرئيس التنفيذي ومدير التحرير في يورونيوز: “تعد هذه المنطقة جزءاً أساسياً من المشهد الإعلامي العالمي، وهي واحدة من المناطق الأسرع نمواً في هذا المجال.”
وأضاف، “لذلك، من المثير للاهتمام بالنسبة لنا أن نشارك في هذا الجهد، وأن نقدم المساعدة ونكون شركاء، وربما نساهم في دفع عجلة التطور ونعمل مع أهل هذا البلد الجميل.”
وركز المنتدى، الذي جمع وزراء الإعلام من دول آسيا الوسطى، على مشكلة انتشار المعلومات الخاطئة كإحدى القضايا الرئيسية.
وقالت عايدة بالاييفا، وزيرة الإعلام في كازاخستان: “بالنظر إلى الاتجاهات الأخيرة في وسائل الإعلام، تبرز مشكلة مشتركة تواجه جميع دول آسيا الوسطى، وهي انتشار المعلومات غير الدقيقة والكاذبة، بالإضافة إلى الرسائل الاستفزازية على وسائل التواصل الاجتماعي والمراسلات.”
وأيد وزراء آخرون هذا الرأي، مؤكدين أهمية مكافحة انتشار المعلومات المضللة. وأشاروا إلى أن التطورات في مجال الذكاء الاصطناعي، وخاصةً التزييف العميق، قد تُستخدم بشكل سيء بسهولة. لذلك، شددوا على ضرورة تعزيز محو الأمية الإعلامية وتعليم مهارات التحقق من الحقائق.
في الوقت نفسه، تناول المشاركون في المنتدى الفوائد والفرص التي يوفرها الذكاء الاصطناعي.
لقد شهدت طريقة استهلاك الناس للمعلومات تغيراً ملحوظاً، حيث باتت الخوارزميات تلعب دوراً كبيراً في تحديد المحتوى الذي يظهر أمام القراء. نتيجة لذلك، أصبحت المنشورات مطالبة بالتكيف مع هذا الواقع من خلال تحقيق توازن بين صياغة قصص مقنعة وتحسينها لتتوافق مع محركات البحث.
وقال روفات خامزاييف، مدير قناة AnewZ TV في أذربيجان: “من منظور المدرسة الصحفية التقليدية، يمثل هذا الأمر تحدياً بالنسبة لنا. لكن القضية ليست حول التكنولوجيا الجديدة مقابل الصحافة. أعتقد أن علينا النظر إلى هذه التطورات كفرصة لتسهيل عملنا”.
وأشار الخبراء إلى أن الصحفيين يمكنهم الاستفادة من الذكاء الاصطناعي لتسريع وتحسين عملية العمل، لكن يجب ألا يحل التكنولوجيا محل دورهم الأساسي.
وأشار كلاوس سترونز إلى انه “يمكن للذكاء الاصطناعي أن يدعم الصحافة إذا تم استخدامه بشكلٍ صحيح ومسؤول. أو قد يدمر الصحافة إذا اعتمدنا عليه بالكامل ولم يكن جزءاً من نهجٍ محايد. نحن، بوصفنا بشراً، نجلس في مقعد القيادة. لسنا عبيداً للتكنولوجيا؛ نحن من نقرر ما يحدث. نحن من نشكل مشهد المستقبل”.
ومع استمرار تطور المشهد الإعلامي، جاء المنتدى كتذكير في الوقت المناسب بأن التكنولوجيا، رغم أنها توفر أدوات قوية، فإن المسؤولية الإنسانية والنزاهة والتعاون ستظل هي العوامل الحاسمة في صياغة مستقبل الصحافة الجديرة بالثقة.