أعلنت منظمة الصحة العالمية وشركاؤها عن تطعيم أكثر من 10 آلاف طفل في قطاع غزة كجزء من حملة تهدف إلى حماية الأطفال من الأمراض المعدية. تأتي هذه المبادرة في ظل ظروف إنسانية صعبة، وتسعى إلى تعزيز التحصين للأطفال الذين فاتهم الحصول على التطعيمات الأساسية بسبب الحرب والاضطرابات المستمرة. وتعتبر هذه الحملة خطوة حاسمة في جهود حماية الصحة العامة في غزة.
أهمية حملة التحصين في غزة
بدأت حملة التطعيم في 9 نوفمبر الحالي، ومن المتوقع أن تستمر حتى 22 نوفمبر، بهدف الوصول إلى أكثر من 40 ألف طفل دون سن الثالثة. تأتي هذه الحملة بالتعاون بين منظمة الصحة العالمية، وصندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، ووزارة الصحة في قطاع غزة. تهدف الحملة إلى سد الفجوات في التحصين الناجمة عن الظروف الاستثنائية التي يمر بها القطاع.
الأمراض المستهدفة
تركز حملة التطعيم على حماية الأطفال من مجموعة من الأمراض الخطيرة، بما في ذلك الحصبة، والنكاف، والحصبة الألمانية، والكزاز، والسعال الديكي، والتهاب الكبد الوبائي ب، والسل، وشلل الأطفال، والالتهاب الرئوي. تعتبر هذه الأمراض من بين الأسباب الرئيسية للمرض والوفاة بين الأطفال الصغار، خاصة في المناطق التي تعاني من نقص في الخدمات الصحية. التطعيم هو وسيلة فعالة للوقاية من هذه الأمراض وحماية الأطفال.
وفقًا لتصريحات تيدروس أدهانوم غيبريسوس، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، فإن الفرق الميدانية التابعة للمنظمة تعمل على ضمان جودة الحملة وشموليتها. يأتي هذا في وقت يشهد فيه القطاع هدنة مؤقتة، مما يسمح بتقديم المساعدات الإنسانية والخدمات الصحية بشكل أكثر فعالية. ومع ذلك، لا تزال التحديات كبيرة، حيث يعاني القطاع من نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية.
تأتي هذه الحملة بعد فترة طويلة من الصراع والعنف، حيث أدت الحرب الأخيرة إلى تدهور كبير في البنية التحتية الصحية في غزة. تشير التقارير إلى أن أكثر من 69 ألف فلسطيني استشهدوا وأكثر من 170 ألف أصيبوا خلال الحرب، ومعظم الضحايا من الأطفال والنساء. أدى ذلك إلى زيادة الضغط على النظام الصحي الهش في القطاع.
بالإضافة إلى التحصين، تعمل منظمة الصحة العالمية وشركاؤها على تقديم خدمات صحية أخرى في غزة، بما في ذلك الرعاية الطبية الطارئة، والدعم النفسي، والمساعدات الغذائية. تهدف هذه الجهود إلى تخفيف المعاناة الإنسانية وتحسين الظروف المعيشية للسكان.
التحديات التي تواجه حملات التطعيم
تواجه حملات التطعيم في غزة العديد من التحديات، بما في ذلك صعوبة الوصول إلى بعض المناطق بسبب الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية، ونقص الإمدادات اللوجستية، والخوف والقلق بين السكان. ومع ذلك، فإن الفرق الطبية تعمل بجد للتغلب على هذه التحديات والوصول إلى أكبر عدد ممكن من الأطفال.
من الجدير بالذكر أن المرحلتين الثانية والثالثة من حملة التطعيم مُخطط لهما في ديسمبر المقبل ويناير 2026. يعتمد نجاح هذه المراحل على استمرار الهدنة وتوفر الموارد اللازمة. التطعيم المنتظم هو جزء أساسي من الرعاية الصحية الأولية، ويساعد على حماية الأطفال من الأمراض المعدية.
بالإضافة إلى ذلك، هناك حاجة ماسة إلى تعزيز النظام الصحي في غزة بشكل عام، من خلال توفير الأدوية والمستلزمات الطبية، وتدريب الكوادر الطبية، وإعادة بناء المستشفيات والمراكز الصحية المتضررة. يتطلب ذلك دعمًا دوليًا مستدامًا والتزامًا من جميع الأطراف المعنية.
في الختام، تمثل حملة التحصين الحالية في غزة خطوة مهمة نحو حماية صحة الأطفال وتعزيز الصحة العامة في القطاع. ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات كبيرة، ويتطلب الأمر جهودًا متواصلة ودعمًا دوليًا لضمان حصول جميع الأطفال على التطعيمات اللازمة. سيراقب المراقبون عن كثب تنفيذ المرحلتين الثانية والثالثة من الحملة في الأشهر المقبلة، مع الأخذ في الاعتبار الوضع الأمني والإنساني المتغير في غزة.













