يخشى تحالف أوبك بلس من انخفاض أسعار النفط إلى ما دون 60 دولارًا للبرميل، لكنه لا يعتزم حاليًا التدخل لرفع الأسعار العالمية. يأتي هذا في ظل تقييمات تشير إلى أن الولايات المتحدة تتحمل الآن مسؤولية تحقيق الاستقرار في سوق النفط، بعد أن ساهمت سياسات أوبك بلس السابقة في تعزيز إنتاجها.
أبقت الدول الثماني الرئيسية في تحالف أوبك بلس على قرارها بتجميد مستويات إنتاج النفط الحالية حتى الربع الأول من عام 2026. ويأتي هذا القرار بعد فترة من الزيادات التدريجية في الإنتاج بدأت في أبريل/نيسان من العام الحالي، لكن المخاوف من تراجع الأسعار دفعتهم إلى إيقاف مؤقت لهذه الزيادات لمدة ثلاثة أشهر مع بداية العام الجديد.
مخاوف أوبك بلس من انخفاض أسعار النفط وتأثير ذلك على السوق
أكد ألكسندر نوفاك، نائب رئيس الوزراء الروسي، أن سوق النفط لا تزال شديدة الحساسية للتغيرات في العرض والطلب، وأن استقرارها يعتمد بشكل كبير على قرارات الدول المنتجة الرئيسية. وأضاف نوفاك أن التحالف سيواصل تعديل مستويات الإنتاج واتخاذ قرارات إضافية بناءً على تطورات السوق العالمية.
يأتي هذا التوجه من أوبك بلس في وقت يشهد فيه السوق العالمي تقلبات متزايدة، مدفوعة بعوامل جيوسياسية واقتصادية متنوعة. وتشمل هذه العوامل التوترات في مناطق الإنتاج الرئيسية، وتغيرات في الطلب من الدول المستهلكة الكبرى، وتطورات في مجال الطاقة البديلة.
توقعات الخبراء حول مستقبل الإنتاج
ينقل تقرير صادر عن صحيفة فزغلياد الروسية عن إيغور يوشكوف، الخبير في الجامعة المالية الروسية والصندوق الوطني لأمن الطاقة، قوله إن قرار التوقف عن زيادة الإنتاج خلال أشهر يناير وفبراير ومارس كان متوقعًا. ويركز التساؤل الحقيقي، بحسب يوشكوف، على ما سيحدث في أبريل/نيسان وما إذا كان أعضاء أوبك بلس سيطلقون موجة جديدة من الزيادة، كما فعلوا في العام الماضي.
وأشار يوشكوف إلى أن المهلة الحالية تهدف إلى إتاحة الوقت للسوق لاستيعاب الكميات الكبيرة من النفط التي تم ضخها بالفعل، خاصة وأن بعض الدول، بما في ذلك روسيا، لم تحقق بعد الزيادة المستهدفة في إنتاجها. كما أن السوق يشهد انخفاضًا موسميًا في الطلب على الوقود، ومن المتوقع أن يرتفع الطلب مع بداية موسم القيادة في الربيع.
إذا استمرت أسعار النفط عند مستوى 60 دولارًا للبرميل أو دونه بحلول أبريل/نيسان، فمن المرجح أن يمدد أوبك بلس فترة التوقف لشهر إضافي. في المقابل، إذا تجاوزت الأسعار سقف 65 دولارًا للبرميل، فمن المتوقع إطلاق موجة جديدة من زيادة الإنتاج.
تفاوت تكاليف الإنتاج ودور الولايات المتحدة
يشير المحلل المالي في فريدوم فاينانس غلوبال، فلاديمير تشيرنوف، إلى وجود تفاوت كبير في تكاليف إنتاج النفط بين الدول المختلفة. تعتبر السعودية الأقل تكلفة، حيث يتراوح متوسط التكلفة بين 10 و15 دولارًا للبرميل، بينما تتراوح تكلفة الإنتاج في روسيا بين 20 و25 دولارًا للبرميل. أما الولايات المتحدة، فتواجه أعلى تكاليف الإنتاج في حقول النفط الصخري، حيث يتراوح متوسط التكلفة بين 40 و50 دولارًا للبرميل.
بالإضافة إلى تكاليف الاستخراج المباشرة، تتحمل الشركات مصاريف إضافية تشمل النقل والضرائب وصيانة البنية التحتية والاستثمارات الرأسمالية، مما يزيد من نقطة التعادل الفعلية. وفي ظل هذه الظروف، يرى يوشكوف أن أوبك بلس تراهن على أن تتولى الولايات المتحدة دور موازن السوق، قسرًا نتيجة لارتفاع تكاليف الإنتاج لديها.
ويضيف يوشكوف أن الولايات المتحدة حققت بالفعل مستويات قياسية في إنتاج النفط بفضل سياسات أوبك بلس السابقة التي خفضت الإنتاج وأتاحت لها زيادة حصتها في السوق. لكن انخفاض سعر النفط سيجبر الشركات الأمريكية على خفض الإنتاج بسبب ارتفاع تكاليف الحفر في حقول النفط الصخري.
ويرى الخبراء أن الحقبة الطويلة من ارتفاع أسعار النفط تقترب من نهايتها، وأننا نستعد لعصر يتميز بأسعار نفط منخفضة نسبيًا. ويشير روديونوف إلى أن التغيرات الهيكلية في الطلب العالمي، مثل التحول نحو الطاقة البديلة، ستساهم في استمرار هذه الأسعار المنخفضة.
في الختام، من المتوقع أن يتخذ تحالف أوبك بلس قرارًا بشأن مستقبل الإنتاج في مارس أو أبريل المقبلين، بناءً على تطورات السوق العالمية وأسعار النفط. ويجب مراقبة تطورات إنتاج النفط في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى التغيرات في الطلب العالمي، لتقييم تأثير هذه القرارات على مستقبل سوق الطاقة.













