تسعى جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى استقطاب رجال النفط الأميركيين، في وقت تتطلع فيه الدولة الأفريقية الكبرى إلى الاستفادة من اهتمام واشنطن بمعادنها لتوسيع نطاق قطاع الطاقة لديها.
ومع انطلاق محادثات السلام المدعومة من الولايات المتحدة بين الكونغو الديمقراطية ورواندا، التي من شأنها أن تحقق قدرا من الاستقرار في شرق البلاد المضطرب؛ بدأ المسؤولون الكونغوليون في جذب مستثمري النفط والغاز الأميركيين، إلى جانب شركات التعدين.
وقال جويل فومبوي المستشار الفني لوزير الهيدروكربونات في الكونغو -خلال منتدى الطاقة الأميركي الأفريقي المنعقد هذا الأسبوع في مدينة هيوستن- “نعتقد أن الوقت قد حان لتقديم تجربة الكونغو في مجال التعدين، وأيضًا لإطلاق الإمكانات الكامنة في قطاع النفط لدينا. الاستثمارات والخبرة الأميركية ستساعدنا في تحويل هذا القطاع”.
وأضاف أن الإصلاحات التي تم تنفيذها هذا العام “يجب أن تسهم في تغيير الصورة النمطية لقطاع النفط في الكونغو”، مشيرا إلى أن الحكومة تأمل إطلاق جولة كبيرة لتخصيص بعض المواقع النفطية في العام المقبل.
وتهدف الحكومة إلى رفع نسبة السكان الذين يتمتعون بإمكانية الوصول إلى الكهرباء من نحو 22% حاليًا إلى 60% بحلول عام 2030.
وقال فومبوي “نتطلع إلى تعاون قوي مع الولايات المتحدة، لما لها من خبرة واسعة في صناعة النفط. يمكننا استكشاف وإنتاج النفط والغاز، ومن ثم بناء الاستقرار لشعبنا، وتوفير الطاقة لشركات التعدين والسكان الذين يعيشون في بلد غني ولكن بلا كهرباء”.
ثمرة السلام
يرتبط هذا الطموح بشكل وثيق بإنهاء النزاع الإقليمي بين الكونغو الديمقراطية ورواندا، وتفكيك جماعة “إم 23” المتمردة المدعومة من رواندا، والتي تواصل شن هجماتها في شرق البلاد.

وقد وقع وزراء خارجية البلدين اتفاق سلام في البيت الأبيض يوم 27 يونيو/حزيران الماضي، ومن المتوقع أن يوقع الرئيسان فيليكس تشيسيكيدي وبول كاغامي اتفاقا نهائيا في واشنطن خلال الأسابيع المقبلة.
وبلغت المحادثات مرحلة جديدة الأسبوع الماضي بإعلان البلدين نيتهما إنشاء إطار للتكامل الاقتصادي الإقليمي خلال 90 يوما.
وقال جيمس تشيستر الرئيس التنفيذي لشركة “إنيرجي كابيتال آند بور” المنظمة للمنتدى إن “الشراكة الأمنية في مجال المعادن بين الولايات المتحدة والكونغو الديمقراطية تمثل نموذجا جديدا للتعاون، كما أن اتفاق السلام المدعوم من واشنطن سيكون حاسما في فتح هذا السوق الأفريقي المركزي”.
المستثمرون ينتظرون سيطرة كنشاسا
قال بول هينكس الرئيس التنفيذي لشركة سيمبيون للطاقة -ومقرها نيويورك- إن لديه مستثمرين جاهزين لمشروع محطة غاز بقدرة 140 ميغاواتا على بُعد نحو 30 كيلومترا من مدينة غوما، لكنه يعتبر الاستثمار محفوفا بالمخاطر ما دام المتمردون يسيطرون على المنطقة.

وتعد خطة “سيمبيون” لاستخراج غاز الميثان من بحيرة كيفو وتحويله إلى كهرباء من بين المشاريع الأميركية القليلة في شرق الكونغو.
وقال هينكس لأفريكا ريبورت “لن نستثمر حتى تسيطر حكومة الكونغو على المنطقة. الجميع يريد أن يكون جاهزا إذا بدأت جماعة إم 23 في الانسحاب”.
فتح مكاتب بأميركا لجذب الاستثمارات
وفي إطار سعيها لجذب المزيد من رؤوس الأموال الأميركية، بدأت الكونغو الديمقراطية افتتاح مكاتب لوكالة إدارة وتنسيق ومراقبة اتفاقيات التعاون في أنحاء الولايات المتحدة.

وتأسست هذه الوكالة عام 2022، وتشرف على اتفاقيات التعاون بين الكونغو وشركائها من القطاع الخاص، والتي تتجاوز قيمتها مليار دولار في مجالات البنية التحتية والموارد الطبيعية، وتُسهّل الحصول على التأشيرات والتصاريح والتواصل مع المسؤولين المعنيين.
وقال مدير الدراسات والتخطيط في الوكالة إيف تالانغاي إن الولايات المتحدة هي البوابة الرئيسية للاستثمارات الكبرى في الكونغو.
ويقع مكتب الوكالة في واشنطن داخل السفارة الكونغولية، ومن المتوقع افتتاحه رسميا هذا الشهر، يليه مكتب ثانٍ في مدينة شارلوت بولاية نورث كارولاينا قبل نهاية العام.
كما يُخطط لافتتاح مكتبين إضافيين في تكساس وكاليفورنيا، وفقا لما صرّح به نكندا نزينغا نائب مدير الوكالة وممثلها في الولايات المتحدة.

كما أجرت الكونغو تغييرا في قيادة سفارتها بواشنطن، حيث تم تعيين إيفيت نغاندو كابينغا التي تلقت تعليمها في الولايات المتحدة، خلفا للسفيرة ماري-هيلين ماثي بو.
ومع ذلك، لا تزال الاضطرابات السياسية في الكونغو عاملا مقيّدا، فقد تعذر على وزراء الطاقة والتعدين والهيدروكربونات حضور المنتدى بسبب تعديل وزاري في كينشاسا.
وقد دفع ذلك المستشار الأول في السفارة سيليستين لومبي إلى تقديم اعتذار الحكومة عن غيابهم قبيل انعقاد مائدة مستديرة رفيعة المستوى بعنوان “استثمر في الكونغو” أمس الخميس، وهو اليوم الأخير للمنتدى.