أعلنت دولة الكويت عن اكتشافات أثرية هامة في موقع “بحرة 1” بمنطقة الصبية، تعود إلى أكثر من 7 آلاف سنة. وتشمل هذه الاكتشافات، التي تسلط الضوء على تاريخ الكويت القديم، أفرانًا قديمة، وبقايا محاصيل، وأدوات فخارية، ومجسمات صغيرة، مما يوفر رؤى جديدة حول حياة المجتمعات التي سكنت المنطقة في العصور المبكرة.
تم الإعلان عن هذه الاكتشافات من قبل المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الكويتي، وتأتي في إطار جهود مستمرة للكشف عن الثروة الأثرية الغنية التي تمتلكها البلاد. وتعتبر منطقة الصبية من المواقع الأثرية الرئيسية في الكويت، حيث تم العثور فيها على العديد من الآثار التي تعود إلى عصور مختلفة.
أهمية موقع “بحرة 1” والاكتشافات الأثرية
يعد موقع “بحرة 1” أقدم وأكبر مستوطنة معروفة في شبه الجزيرة العربية من فترة ثقافة “العبيد”، والتي يعود تاريخها إلى حوالي 5700 قبل الميلاد. وفقًا لمحمد بن رضا، الأمين العام المساعد لقطاع الآثار والمتاحف في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، فإن الاكتشافات تعكس حياة المجتمع المحلي في تلك الفترة.
تفاصيل الاكتشافات
شملت الاكتشافات أكثر من 20 فرنًا يعود عمرها إلى حوالي 7700 سنة، مما يشير إلى أن الموقع كان مركزًا للحياة الزراعية والصناعية. بالإضافة إلى ذلك، تم العثور على نصف مجسم لطائر البومة المجنحة، وبقايا شعير محلي يعود إلى 7500 عام، مما يدل على أن السكان المحليين كانوا يمارسون الزراعة وتربية الحيوانات.
كما عثرت البعثة الأثرية على أواني خزفية محطمة أثناء الحرق، ومجسمات صغيرة الحجم، ونموذج لمركب سفينة، وفخاريات مخصصة لتحضير الطعام. هذه الاكتشافات توفر معلومات قيمة حول الصناعات الحرفية والأنشطة اليومية للسكان القدماء.
عمليات التنقيب والتحليل
ركزت عمليات التنقيب التي قامت بها بعثة بولندية هذا الموسم على التحليلات الميدانية والمختبرية للكشف عن تفاصيل الحياة اليومية في الموقع. وشملت هذه التحليلات دراسة أدوات الزينة والمسوحات الرادارية الأرضية التي أظهرت بقايا ثقافية مدفونة قد تساعد في عمليات التنقيب المستقبلية.
تهدف هذه المسوحات إلى تحديد المناطق التي تحتوي على آثار إضافية، وتوجيه جهود التنقيب نحو المناطق الأكثر واعدة. وتعتبر المسوحات الرادارية الأرضية من التقنيات الحديثة التي تستخدم في علم الآثار للكشف عن الآثار المدفونة تحت سطح الأرض دون الحاجة إلى الحفر.
دور ثقافة العبيد في تاريخ المنطقة
تعتبر ثقافة العبيد من أقدم الثقافات الزراعية في منطقة الشرق الأوسط، وقد لعبت دورًا هامًا في تطور الحضارات اللاحقة. وتتميز هذه الثقافة بصناعة الفخار المتقنة، والزراعة المتقدمة، والتجارة النشطة. وتشير الاكتشافات في موقع “بحرة 1” إلى أن المنطقة كانت جزءًا من شبكة تجارية واسعة تربط بين مختلف المناطق في شبه الجزيرة العربية والشرق الأدنى القديم.
الآثار المترتبة على الاكتشافات المستقبلية
من المتوقع أن تساهم هذه الاكتشافات في تعزيز فهمنا لتاريخ الكويت القديم، وتاريخ المنطقة بشكل عام. كما أنها ستساعد في جذب السياح والباحثين إلى البلاد، وتعزيز التبادل الثقافي والمعرفي.
سيستمر المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في دعم عمليات التنقيب والبحث في موقع “بحرة 1” والمواقع الأثرية الأخرى في البلاد. ومن المتوقع أن يتم الإعلان عن المزيد من الاكتشافات في المستقبل القريب. وستركز الجهود المستقبلية على تحليل الآثار المكتشفة، ونشر النتائج في المجلات العلمية، وتنظيم المعارض والفعاليات الثقافية لعرض هذه الاكتشافات للجمهور.
وفي الوقت الحالي، يترقب الخبراء نتائج التحاليل المعمقة للعينات المكتشفة، والتي قد تكشف عن تفاصيل إضافية حول أصول السكان القدماء وعلاقاتهم مع الحضارات المجاورة. وستظل منطقة الصبية موقعًا حيويًا للبحث الأثري في الكويت لسنوات قادمة.













