الكويت في اليوم العالمي لحقوق الإنسان.. تاريخ من الالتزام الحقوقي بالقيم الضامنة للحريات

تحتفل الكويت مع المجتمع الدولي باليوم العالمي لحقوق الإنسان، الذي يوافق العاشر من ديسمبر من كل عام، في تجديد سنوي لالتزامها الراسخ بالقيم والمبادئ التي تكفل كرامة الإنسان وحريته. يمثل هذا اليوم فرصة لتأكيد إيمان الكويت بأهمية حقوق الإنسان كركيزة أساسية لبناء مجتمع مستدام وعادل، وتسليط الضوء على الجهود المبذولة لتعزيز هذه الحقوق على المستويات المحلية والإقليمية والدولية.

تأتي هذه الاحتفالية في ظل شعار الأمم المتحدة لعام 2025: “حقوق الإنسان ركيزة كرامتنا في الحياة اليومية”، والذي يؤكد على أهمية هذه الحقوق في كل جانب من جوانب الحياة. يعود تاريخ هذا اليوم إلى اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان في عام 1948، والذي وضع معايير عالمية لحماية هذه الحقوق.

الكويت وحقوق الإنسان: التزام تاريخي

لطالما أكدت الكويت على التزامها العميق بمبادئ حقوق الإنسان، وهو التزام متجذر في دستورها الصادر عام 1962 والذي يتضمن العديد من المواد التي تتوافق مع الإعلان العالمي. وقد تجسد هذا الالتزام في انضمام الكويت إلى العديد من المعاهدات والمواثيق الدولية ذات الصلة.

الالتزام بالمعاهدات الدولية

من بين أبرز هذه المعاهدات، العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. بالإضافة إلى ذلك، انضمت الكويت إلى اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، واتفاقية مناهضة التعذيب، مما يعكس حرصها على مكافحة التمييز وحماية الأفراد من المعاملة اللاإنسانية.

وتولي الكويت اهتماماً خاصاً بتحقيق أهداف التنمية المستدامة لعام 2030، التي أقرتها الأمم المتحدة، من خلال دمجها في خططها التنموية. تركز هذه الأهداف بشكل خاص على دعم قضايا المرأة والطفل وكبار السن، وتعزيز التعليم والرعاية الصحية، مما يساهم في تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة.

في أكتوبر 2023، فازت الكويت بمقعد في مجلس حقوق الإنسان للفترة 2024-2026، وذلك تقديراً لدورها البارز في هذا المجال ومواقفها الثابتة تجاه القضايا الإنسانية. يعكس هذا الفوز الثقة الدولية في التزام الكويت بحماية وتعزيز حقوق الإنسان.

جهود الكويت في تعزيز حقوق الإنسان

شاركت الكويت بفعالية في أعمال الدورة الـ 58 لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في أبريل 2025، حيث جددت التزامها بمبادئ القانون الدولي الإنساني وحماية حقوق الإنسان في مناطق النزاع، خاصة في فلسطين وسوريا والسودان وميانمار. وتسعى الكويت إلى إيجاد حلول سلمية لهذه الأزمات وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين.

وترأست الكويت المجموعة الخليجية في الدورة الـ 60 لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنيف في أكتوبر 2025، سعيًا لتوحيد المواقف الخليجية والإقليمية وحث المجتمع الدولي على اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم. يهدف هذا التعاون إلى تعزيز الحماية القانونية والعملية لحقوق الأفراد.

اعتمد مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بالإجماع تقرير الكويت الوطني الرابع في مايو 2025، والذي أكد على جهود البلاد في تعزيز منظومتها الوطنية لحماية حقوق الإنسان من خلال إصلاحات تشريعية ومؤسسية شاملة. يهدف هذا التقرير إلى إظهار التقدم الذي أحرزته الكويت في مجال حقوق الإنسان والالتزام المستمر بتحسين الأوضاع.

تؤكد الكويت على أهمية مكافحة التعذيب والمعاملة القاسية أو المهينة، وقد تجسد ذلك في انضمامها إلى اتفاقية مناهضة التعذيب في عام 1996. وقد اتخذت الكويت خطوات ملموسة لتعزيز الإطار التشريعي المتعلق بمكافحة التعذيب، بما في ذلك إصدار المرسوم رقم 93 لعام 2024 الذي يعدل قانون العقوبات ويضيف عقوبات صارمة على مرتكبي هذه الجرائم.

من خلال الهيئة العامة لشؤون ذوي الإعاقة، تولي الكويت اهتماماً خاصاً بحماية هذه الفئة من التعذيب والمعاملة القاسية، وتقديم الرعاية والدعم اللازمين لهم. كما تحرص على حماية حقوق العمال المتعاقدة من خلال القانون رقم 68 لسنة 2015، والذي يوفر لهم إطاراً قانونياً فعالاً.

وفيما يتعلق بحقوق المرأة، أصدرت الكويت القانون رقم 160 لعام 2020، الذي يدعم حقوق المرأة ويحميها من العنف الأسري. كما تعمل الكويت على تجريم الجرائم المتعلقة بالاعتداءات الجنسية وهتك العرض والسمعة، وإنشاء مركز لحماية الطفولة.

تلعب وزارة الخارجية الكويتية، من خلال إدارة حقوق الإنسان، دوراً محورياً في تعزيز حقوق الإنسان على الصعيد الدولي، والتعاون مع الآليات الأممية، ومتابعة قضايا التنمية المستدامة والمساواة ومكافحة التمييز. وتعمل الوزارة على تطبيق القانون الدولي في هذا المجال وتمثيل مصالح الكويت في المحافل الدولية.

بالإضافة إلى ذلك، تتعاون الكويت مع المنظمات ذات الصلة، مثل مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان والمنظمات غير الحكومية، لمنع الانتهاكات وتعزيز حماية حقوق الأفراد. وتربط الكويت بين حقوق الإنسان والتنمية المستدامة، وتعزز المساواة وتكافح جميع أشكال التمييز.

أسست الكويت الديوان الوطني لحقوق الإنسان بموجب مرسوم أميري في عام 2015، وهو مؤسسة مستقلة تهدف إلى تعزيز وحماية حقوق الإنسان والعمل على نشر واحترام الحريات العامة والخاصة. يعتبر الديوان الوطني لحقوق الإنسان شريكاً أساسياً للحكومة في جهودها لتعزيز حقوق الإنسان.

من المتوقع أن تستمر الكويت في جهودها لتعزيز حقوق الإنسان على جميع المستويات، وأن تعمل على تنفيذ التوصيات الصادرة عن مجلس حقوق الإنسان والآليات الأممية الأخرى. وستظل قضايا حقوق الإنسان في مناطق النزاع، وخاصة في فلسطين وسوريا والسودان وميانمار، على رأس أولويات الكويت. ويتوقع متابعة التطورات التشريعية المتعلقة بمكافحة التعذيب وحماية الفئات الضعيفة، وتقييم أثرها على أرض الواقع.