Close Menu
    رائج الآن

    السودان: 24 قتيلًا وعشرات الجرحى في قصف جديد لقوات الدعم السريع على أحياء مكتظة بالفاشر

    الخميس 28 أغسطس 7:04 م

    دوري روشن.. أبرز تحديثات "رجل المباراة" في الموسم الثاني

    الخميس 28 أغسطس 7:01 م

    بلدية فيفاء تواصل فتح الطرق وإزالة مخلفات الأمطار والسيول

    الخميس 28 أغسطس 6:51 م
    فيسبوك X (Twitter) الانستغرام
    عاجل الآن
    • السودان: 24 قتيلًا وعشرات الجرحى في قصف جديد لقوات الدعم السريع على أحياء مكتظة بالفاشر
    • دوري روشن.. أبرز تحديثات "رجل المباراة" في الموسم الثاني
    • بلدية فيفاء تواصل فتح الطرق وإزالة مخلفات الأمطار والسيول
    • باحثو جامعة حمد بن خليفة يرسمون آفاقًا جديدة في علم الوراثة اللاجينية
    • ترامب يرغب في المزيد من الصفقات مثل “إنتل” | تكنولوجيا
    • المغرب ضد مدغشقر في نهائي كأس أفريقيا للمحليين.. الموعد والقنوات الناقلة للبث المباشر
    • “ما وراء الخبر” يناقش دعوة الهجري تأسيس إقليم درزي منفصل بالسويداء | سياسة
    • مجلس الأمن يصوت اليوم على تمديد ولاية اليونيفيل في لبنان
    • من نحن
    • سياسة الخصوصية
    • اعلن معنا
    • اتصل بنا
    وداي السعوديةوداي السعودية
    header
    • الرئيسية
    • اخر الاخبار
    • المناطق
      • الرياض
      • المدينة المنورة
      • المنطقة الشرقية
      • مكة المكرمة
      • الباحة
      • الجوف
      • القصيم
      • تبوك
      • جازان
      • حائل
      • عسير
      • نجران
    • العالم
    • سياسة
    • اقتصاد
      • بورصة
      • عقارات
      • طاقة
    • تكنولوجيا
    • رياضة
    • المزيد
      • ثقافة
      • صحة
      • علوم
      • فنون
      • منوعات
     اختر منطقتك Login
    وداي السعوديةوداي السعودية
    الرئيسية » اللقمة الأخيرة.. شرط بوتين لوقف الحرب في أوكرانيا
    سياسة

    اللقمة الأخيرة.. شرط بوتين لوقف الحرب في أوكرانيا

    فريق التحريربواسطة فريق التحريرالخميس 28 أغسطس 5:41 م1 زيارة سياسة لا توجد تعليقات
    فيسبوك تويتر واتساب تيلقرام بينتيريست البريد الإلكتروني

    في ربيع عام 2014، وبعد أسابيع قليلة من ضمّ روسيا شبهَ جزيرة القرم، اندلع تمرُّد مُسلَّح في قلب أوكرانيا الصناعية، أو ما يُعرف باسم “إقليم دونباس”.

    هناك رفع الانفصاليون المدعومون من موسكو أعلامهم على المباني الحكومية في مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك اللتين تُشكلان معا حدود الإقليم، وأعلنوا جمهوريتيْن لم تعترف بهما كييف ولا العالم. منذ تلك اللحظة، تحوّل الإقليم إلى خط نار دائم، تتناوب فيه هُدَن هشة ومعارك دامية، بينما بقيت السيطرة الفعلية منقسمة بين الجيش الأوكراني والفصائل المتمردة.

    ومرة أخرى، في صباح 24 فبراير/شباط 2022، حين استيقظت أوكرانيا على وقع هجوم روسي واسع انطلق من الشمال والشرق والجنوب في آن واحد، كان إقليم دونباس في قلب محاور الهجوم، بل تَركّز فيه المجهود الحربي الأكبر باعتباره البوابة الشرقية لأوكرانيا، والتي من دون السيطرة عليها لن تكتمل أي محاولة لفرض واقع جديد في البلاد.

    وفضلا عن ذلك، استخدمه بوتين شعارا رئيسيا لتبرير غزوه الشامل لأوكرانيا، قائلا في خطاب متلفز إنه أمر بتنفيذ “العملية العسكرية الخاصة” لأن الجمهوريات الشعبية المُعلنة من جانب واحد طلبت المساعدة من روسيا.

    وبعد أكثر من ثلاث سنوات من الحرب الدامية، وفي قمة ألاسكا الأخيرة بين فلاديمير بوتين ودونالد ترامب، التي عُقدت في 15 أغسطس/آب الجاري، قدَّم بوتين عرضا لترامب لوقف الحرب يتمثل في تنازل أوكرانيا عن منطقتي دونيتسك ولوغانسك بالكامل، مع توقف الاشتباك وتجميد خطوط المواجهة في مناطق الجنوب، مثل خيرسون و زابوريجيا، حيث تسيطر روسيا على أجزاء منها.

    وهكذا، غدا إقليم دونباس بمنزلة العقدة الاستراتيجية للحرب، والجائزة التي يُصرّ بوتين على انتزاعها ثمنا لوقف لإطلاق النار، فما الذي يجعل الإقليم يحتل هذه المكانة في الحسابات الروسية؟ ولماذا تُعد السيطرة عليه تهديدا وجوديا لأوكرانيا وربما للأمن الأوروبي برمّته؟ ولماذا تبدو عقدة الحرب، وقد تركزت في دونباس، عصية على أي حل قريب؟

    دونباس.. انصهار الهوية في مناجم الفحم!

    كثيرا ما تُصوِر الرواية الرسمية في موسكو دونباس بوصفه جزءا من الفضاء الروسي أو “العالم الروسي”، الذي يتعرّض لاضطهاد ثقافي داخل أوكرانيا ويحتاج إلى الحماية، نظرا لغالبية سكانه الناطقة بالروسية وارتباطهم الوثيق بالثقافة الروسية.

    وقد بدأ ارتباط دونباس بالفضاء الروسي منذ أواخر عهد الإمبراطورية الروسية في القرن 18، حيث كانت مناطق جنوب شرق أوكرانيا قليلة السكان قبل ذلك، وعُرفت باسم “الحقول البرية”، وتخضع اسميا لخانيَّة القرم التترية التابعة للدولة العثمانية.

    مع توسع الإمبراطورة كاترين الثانية وانتصار روسيا في حروبها على العثمانيين، ضُمّت هذه الأراضي إلى الإمبراطورية باسم “روسيا الجديدة” (نوڤوروسيا)، وفي تلك المرحلة شجّعت السلطات القيصرية موجات استيطان روسية لتنمية الإقليم وتأمينه.

    وقد اكتُشفت حقول الفحم في دونباس عام 1721، غير أن استغلالها الصناعي بدأ فعليا في النصف الثاني من القرن 19 مع الثورة الصناعية، مما جذب مئات الآلاف من العمال والمستوطنين من أنحاء الإمبراطورية، وكان كثير منهم من الروس.

    وفقا للتعداد الإمبراطوري لعام 1897، كان الأوكرانيون يشكلون نحو 52% من سكان منطقة دونباس مقابل حوالي 29% من الروس. وقد تَركّز الأوكرانيون آنذاك في الأرياف، بينما هيمن الروس على المدن والمراكز الصناعية.

    ومع انهيار الإمبراطورية الروسية عام 1917 ودخول أوكرانيا في أتون الحرب الأهلية، أصبح دونباس مسرحا لصراع القوات البلشفية والقوى القومية الأوكرانية، حيث انتهى المطاف بدمج دونباس ضمن جمهورية أوكرانيا السوفياتية الناشئة بعد انتصار البلاشفة.

    في عهد الزعيم السوفياتي جوزيف ستالين، تعرض دونباس لتحولات ديمغرافية قسرية عمّقت الطابع الروسي للإقليم. ففي أثناء مجاعة 1932-1933، قضى ملايين الفلاحين الأوكرانيين جوعا، ولا يزال بعض المؤرخين يتهمون السلطات السوفياتية بتدبير المجاعة عمدًا بهدف الإبادة العرقية للأوكرانيين.

    وبصرف النظر عن صحة هذه المزاعم، فالمؤكد أن ستالين جلب أعدادا كبيرة من الروس لإعادة توطينهم في شرق أوكرانيا خلال تلك السنوات، والكثير منهم لم يتحدث الأوكرانية ولم تكن له روابط بالمنطقة.

    كذلك، اتبعت السلطات سياسة “ترويس” ممنهجة للإقليم. على سبيل المثال، أجرت موسكو إصلاحات تعليمية أواخر الخمسينيات أدّت إلى إلغاء فعلي للتعليم باللغة الأوكرانية في مدارس دونباس.

    ونتيجة لهذه السياسات، انخفضت نسبة الأوكرانيين في الإقليم وتضاعف عدد الروس، إذ قفز عددهم هناك من نحو 700 ألف عام 1926 إلى 2.5 مليون بحلول عام 1959. ومع آخر تعداد سوفياتي عام 1989، بات 44% من سكان دونباس يُعرِّفون أنفسهم بوصفهم من الروس.

    تُبيِّن خريطة توزيع الناطقين بالروسية في أوكرانيا (وفق تعداد 2001)، أن إقليم دونباس يتصدر البلاد من حيث نسبة السكان الذين يعتبرون اللغة الروسية لغتهم الأم، جنبا إلى جنب مع شبه جزيرة القرم. وكانت الروسية اللغة الرئيسية لنحو 74% من سكان دونيتسك و68% من سكان لوغانسك، حسب ذلك التعداد.

    وبطبيعة الحال، لم يقف النفوذ عند حدود اللغة والثقافة، بل تُرجِم إلى نفوذ سياسي واسع في الإقليم، الذي خرج منه فيكتور يانوكوفيتش، ابن مدينة دونيتسك، ووصل إلى رئاسة أوكرانيا عام 2010 مدعوما من الناخبين الناطقين بالروسية، وكان معروفا بموالاته لموسكو. وبعد سقوطه في انتفاضة “الميدان الأوروبي” مطلع عام 2014 المدعومة من الغرب، فرّ يانوكوفيتش إلى روسيا تحت حماية الكرملين.

    أدى السقوط المفاجئ للرئيس المدعوم من موسكو إلى فراغ سياسي استغلته روسيا سريعا عبر دعم الحراك الانفصالي، حيث شهدت مدينتا دونيتسك ولوغانسك مظاهرات رفعت شعارات الانفصال والارتباط بروسيا، وسرعان ما تحولت هذه الاحتجاجات إلى حراك مسلح بدعم مباشر من الاستخبارات الروسية، أسفر عن إعلان “جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين” من طرف واحد، مما مهّد الطريق للحرب الكبرى عام 2022.

    blogs ستالين

    حزام أوكرانيا الحصين.. ممر موسكو إلى البحر

    بصرف النظر عن روايات التاريخ وسجالات الهوية الثقافية بين روسيا وأوكرانيا، يبقى إقليم دونباس محكوما بعوامل أخرى واقعية وجيوسياسية، جعلت منه مسرحا تتقاطع فيه حسابات القوى الإقليمية.

    ففي دونباس تتداخل خطوط الأنابيب مع خطوط النار، ومناجم الفحم مع الخنادق، وحقول المعادن مع ساحات المعارك، لتصنع من الإقليم الذي تبلغ مساحته 52 ألف كلم2 (8% من مساحة أوكرانيا) قلب الصراع بين كييف وموسكو، ونافذة تُطل منها أوروبا على مستقبل أمنها الشرقي.

    ترى موسكو في دونباس مكسبا استراتيجيا مزدوج الأهمية. فمن جهة، توفِّر السيطرةُ على أراضي دونيتسك ولوغانسك جسرا حيويا يُسهل الوصول برًّا إلى الأراضي التي سيطرت عليها روسيا في شبه جزيرة القرم عام 2014. وهذا الممر البري يسمح لموسكو بنقل القوات والإمدادات، ويُعزّز الاتصال بين القرم وبرِّ روسيا بشكل آمن، متجاوزا مخاطر الاعتماد الوحيد على جسر كيرتش المعرّض للهجمات الأوكرانية.

    من جهة ثانية، رسّخت السيطرة على دونباس هيمنة روسيا في بحر آزوف. فمع استيلاء موسكو على كامل الضفة الشمالية للبحر (سواحل دونيتسك وزابوريجيا وخيرسون) إلى جانب شواطئ القرم والبر الروسي، بات بحر آزوف بمثابة بحيرة داخلية روسية. لقد أمّنت روسيا بذلك منفذا بحريا استراتيجيا بلا منازع، حيث حُرمت أوكرانيا من أي إطلالة على آزوف، مما يتيح لموسكو استخدام الموانئ الواقعة في دونباس والقرم بحرّية تامة.

    بيد أن المعضلة تكمُن في أن هذه الأهمية القصوى بالنسبة لموسكو تقابلها أهمية مُعاكسة بالنسبة لكييف، حيث يُمثّل إقليم دونباس (خصوصا الجزء الواقع في دونيتسك) درعا دفاعيا متقدما لأوكرانيا في الشرق. وقد أنشأت كييف على مدى سنوات “حزام الحصون”، وهو سلسلة من التحصينات والمنشآت الدفاعية المتماسكة تمتد لنحو 50 كلم، وتضم مدنا استراتيجية مثل كراماتورسك وسلوفيانسك.

    هذا الخط الدفاعي المتين حالَ دون توغّل القوات الروسية في العمق الأوكراني طوال سنوات الحرب. سقوط حزام دونباس من شأنه أن يكسر هذا الدرع ويتيح لموسكو اندفاعا أوسع نحو الداخل، وصولا إلى مدن محورية مثل دنيبرو. لذلك تُكثِّف روسيا عملياتها العسكرية حاليا على نقاط مفصلية فيه على غرار مدينة تشاسيف يار، التي تُعد مفتاح اختراق هذا الخط الدفاعي.

    من جهتها، عمدت القوات الروسية إلى تحصين المناطق التي سيطرت عليها في دونباس بشبكات واسعة من الخنادق والحواجز، جاعلة منها منطقة عازلة تفصل قلب روسيا والأراضي التي ضمّتها عن أي هجوم أوكراني مضاد، أي أن خط الجبهة انتقل عمليا إلى عمق الأراضي الأوكرانية، ليصبح إقليم دونباس نفسه خط الدفاع الأول عن روسيا بدلا من حدودها الدولية.

    وإذا نجحت موسكو في بسط سيطرة كاملة على دونباس، فستحوّله -على الأرجح- إلى قاعدة تمركز متقدمة تنطلق منها في المستقبل أيُّ عمليات عسكرية جديدة باتجاه الداخل الأوكراني. وقد حذَّر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي صراحة من أن انسحاب قواته من تحصيناتها وجبالها شرقي البلاد سيفتح “رأس جسر للروس للاستعداد لهجوم جديد”.

    اعتبارا من منتصف عام 2025، تحتل موسكو حوالي 88% من إجمالي مساحة دونباس، بحسب تقديرات معهد دراسات الحرب في واشنطن، حيث تسيطر تقريبا على مساحة لوغانسك بالكامل، بينما لم يتبقَّ بيد أوكرانيا في دونيتسك سوى شريط في الغرب (نحو 25% من مساحة الإقليم) يضم تلك المدن الحصينة الرئيسية، إضافة إلى بضعة جيوب متفرقة.

    ورغم ذلك، لم تتوقف خطوط الاشتباك عن الاشتعال، فبعد فترة جمود نسبي في عام 2024، عادت روسيا في صيف 2025 إلى شن هجمات واسعة على ما تبقى من دونيتسك.

    وقد حقّقت القوات الروسية اختراقات محدودة تمثلت في السيطرة على بعض القرى والتقدّم بضعة كيلومترات غربا، بل ووصلت لأول مرة إلى حدود مقاطعة دنيبروبتروفسك.

    ورغم هذا التقدّم، بقيت المدن الأوكرانية الحصينة عصيّة على موسكو، إذ فشلت طوال أكثر من عقد في إخضاع كراماتورسك وسلوفيانسك على سبيل المثال. وتؤكد التقارير الميدانية أن أي تحرّك روسي سيأتي بكلفة بشرية عالية، فالزحف بطيء وثمنه خسائر فادحة في الجنود والعتاد.

    بشكل عام، ورغم أن حسابات السيطرة العسكرية في المنطقة تميل بالطبع لصالح موسكو، فإنها فشلت حتى الآن في تحقيق نصر حاسم في دونباس، وما زالت بعض الجيوب الأوكرانية المُهمة استراتيجيا صامدة وتشكل عائقا أمام إتمام الاحتلال الروسي، الأمر الذي قد يستغرق حملات عسكرية إضافية على مدى سنوات ليست قليلة.

    باطن الأرض له كلمة أيضا

    إذا كان التاريخ والجغرافيا قد ساهما في صياغة أقدار دونباس ووضعه في قلب صراع يتجاوز حدوده الإقليمية إلى رهانات عالمية، فإن الاقتصاد وثروات باطن الأرض منحاه بُعدا آخر لا يقل خطورة.

    ففي أعماق هذه التربة المُتخمة بالفحم والحديد والغاز والمعادن النادرة، تَشكّل الإقليم بوصفه رئة الصناعة الأوكرانية وخزان طاقتها، حتى غدا من يسيطر عليه يُمسك بمفتاح موارد استراتيجية تلامس مستقبل أمن الطاقة الأوروبي ونفوذ روسيا العالمي.

    قبل اندلاع النزاع، كان دونباس يمثل ركيزة الاقتصاد الأوكراني، إذ ساهم بنحو ربع الإنتاج الصناعي للبلاد، و14% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2013.

    ويضم الإقليم قاعدة صناعية ثقيلة تشمل مصانع الصلب ومعامل الكيماويات ومحطات الطاقة، التي جعلته مركزا رئيسيا للصادرات الأوكرانية، خصوصا الحديد والصلب. ومع الحرب، انكشف حجم هذا الاعتماد حين أدى تدمير واحتلال مصانع كبرى مثل مجمع آزوفستال في ماريوبول؛ إلى تراجع إنتاج الفولاذ الأوكراني بنسبة 71% عام 2022.

    في الأشهر الأولى من الغزو الروسي، سيطرت موسكو على أصول معدنية وطاقية في الأراضي الأوكرانية التي احتلتها تُقدّر قيمتها بأكثر من 12.5 تريليون دولار.

    ويعود جزء معتبر من هذه الثروة إلى دونباس، الذي يحتوي وحده على أكثر من 56% من احتياطيات الفحم الصلب الأوكرانية، المقدرة قيمتها بحوالي 12 تريليون دولار. لعقود طويلة، وفّر فحم دونباس الوقود لمحطات الطاقة الأوكرانية وشكَّل المادة الخام الأساسية لصناعة الصلب.

    ولا يقتصر الأمر على الفحم، فوفقا لهيئة المسح الجيولوجي الأميركية، يضم دونباس أكثر من 59 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، ونحو 1.6 مليار برميل من النفط. هذه الموارد، لو جرى تطويرها، كانت لتجعل أوكرانيا مُصدِّرا مُهما للغاز وتُقلِّل من تبعيتها للواردات، لكن الصراع حال دون استغلال مشاريع كبرى مثل حقل “يوزيفكا” للغاز الصخري في دونيتسك.

    أما روسيا، فترى في هذه الثروات وسيلة لتعزيز أمن الطاقة الخاص بها، وفي الوقت نفسه حرمان كييف من مورد مالي استراتيجي.

    إضافة إلى ذلك، يُعد دونباس غنيا بالمعادن الحيوية النادرة التي تدخل في الصناعات التكنولوجية والعسكرية، حيث تمتلك أوكرانيا رواسب لنحو 22 من أصل 34 معدنا يُصنّفها الاتحاد الأوروبي معادن حرجة، ويقع كثير منها في المناطق الشرقية الخاضعة حاليا للسيطرة الروسية.

    وهكذا، تتعزز الأطماع الروسية في دونباس بتقدير حجم القيمة الاقتصادية والاستراتيجية الاستثنائية لهذا الإقليم. فمن منظور موسكو، تعني السيطرة على دونباس الحصول على كنز هائل من موارد الفحم والغاز والمعادن، بما يضمن مكاسب مباشرة في أمن الطاقة وزيادة القدرة التصديرية، كما أن قرب الإقليم من الأسواق الأوروبية يمنح روسيا ميزة تنافسية عبر خفض تكاليف النقل وتوسيع نفوذها في أسواق المعادن والطاقة.

    ولهذا يندرج انتزاع قلب أوكرانيا الصناعي والمعدني ضمن استراتيجية طويلة المدى لإضعافها اقتصاديا، وإبقائها في دائرة التبعية، ومنعها من التحول إلى قوة اقتصادية مستقلة في الفضاء الأوروبي.

    معضلة دونباس ومعضلة بوتين

    تاريخيا، لم تكن إزاحة حدود الدول أو تغييرها أمرا سهلا. وفي المشهد الحالي، يجد بوتين نفسه في معضلة مُركّبة تتجاوز حدود دونباس إلى طبيعة الحرب نفسها، فقد دخلت روسيا الحرب ساعية إلى إعادة تشكيل النظام الأمني الأوروبي، عبر منع تمدُّد حلف الناتو إلى حدودها، وانتزاع اعتراف غربي بمناطق نفوذها، بما يعني تصحيح ما تعتبره نتائج مُجحِفة للحرب الباردة وإعادة الاعتبار لمكانتها الدولية.

    لكنّ ما بدأ بوصفه “عملية عسكرية خاصة” لتحقيق أهداف سريعة، تَحوّل مع مرور الوقت إلى حرب استنزاف طويلة أفرزت واقعا مُعقّدا لا يمكن التراجع عنه دون تكلفة سياسية كبرى.

    بعد أكثر من ثلاثة أعوام على اندلاع الحرب، باتت خطوط الجبهات شبه مُجمّدة منذ أواخر 2022، فلم يعد أي طرف قادرا على إحداث اختراق استراتيجي واسع. وفي الطريق إلى هذا الوضع الميداني، دفعت أوكرانيا ثمنا باهظا يُقدّر بنحو 100 ألف قتيل و400 ألف جريح، في حين تكبّدت روسيا قرابة 250 ألف قتيل وحوالي 700 ألف جريح، وفق تقديرات مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS)، الذي يتوافق مع تقديرات الاستخبارات البريطانية والأميركية، بحسب ما أوردته هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).

    هكذا تَشكّل ميزان قوى متوازن بصورة غير متماثلة، فموسكو تعتمد على تفوّقها العددي ومخزونات السلاح السوفياتية الضخمة، مدعومة بتحالفات مع شركاء مثل إيران التي وفرت الطائرات المسيرة، وكوريا الشمالية التي أرسلت أكثر من 10 آلاف مقاتل. في المقابل، عوّضت كييف نقصها العددي والتسليحي عبر التكنولوجيا الغربية، واستخدام المُسيّرات منخفضة الكلفة بكثافة، والاستفادة من شبكات الاتصالات المتقدمة.

    وأمام هذا الجمود ثمَّة أربع معضلات تُعقّد فرص التوصل إلى تسوية قريبة لهذه الحرب الطويلة. المعضلة الأولى هي أن روسيا لم تعد تُواجه أوكرانيا وحدها، بل منظومةً غربية موحّدة تُزود كييف بالسلاح والاستخبارات وتضخ مليارات الدولارات في اقتصادها المنهك. وهذا يعني أن أي “نصر عسكري” روسي مرهون بكسر إرادة الغرب، وليس الأوكرانيين فحسب، وهو هدف يتجاوز القدرات الروسية على المدى الطويل.

    المعضلة الثانية هي أن أي تسوية وفقا لمطالب بوتين، سواء الاعتراف بسيطرة روسيا على دونباس أو وقف نهائي لمساعي أوكرانيا نحو الناتو؛ ستُعتبر في الغرب بمنزلة إقرار بانتصار روسيا، مما يجعل بروكسل وواشنطن أقل استعدادا لتقديم هذا المكسب. فالمسألة ليست مجرد حماية أوكرانيا، بل منع سابقة تسمح بتغيير موسكو للحدود بالقوة.

    أما المعضلة الثالثة فهي داخلية الطابع، إذ رفع بوتين سقف الخطاب إلى مستوى “المعركة الوجودية”، مؤطِّرا الحرب بوصفها صراعا لتصحيح التاريخ الروسي. ومن ثم، فإن أي تسوية لا تمنح مكاسب واضحة ستُفسَّر داخليا على أنها هزيمة سياسية، مما يُهدّد شرعية النظام برمته، لكنّ إطالة أمد الحرب أيضا دون حسم يحمل بدوره مخاطر إنهاك اقتصادي وتملمُل اجتماعي قد يَصعُب ضبطه بالقمع وحده.

    أخيرًا، المعضلة الرابعة، وهي أن كييف لم تعد قادرة على قبول أي تسوية تقوم على التنازل عن أراضٍ استراتيجية أو التفريط في سيادتها بعد سنوات من التضحيات والخسائر البشرية الهائلة، إذ لا يملك زيلنسكي هامشا للتراجع عن هدف تحقيق النصر ورفض التنازل عن أي أراضٍ تحت أي ضغوط، رغم أن الواقع العسكري على الأرض يقول إنه في طريقه إلى خسارة أربع ولايات بالفعل، وذلك لأن مشروع زيلنسكي بُنيَ حول “وحدة الأراضي الأوكرانية” بالمفهوم القديم، ومن ثمَّ فإن أي تنازل عن أراضٍ يعني نهاية مستقبله السياسي.

    تبدو معادلة الحرب مغلقة إذن، فهي حرب مستمرة بلا نهاية واضحة، ولا قدرة على إنتاج تسوية تلبي الحد الأدنى من مطالب الطرفين. وفي ظل هذا المشهد، تظل السيناريوهات النهائية محدودة، بهُدنة إنسانية مؤقتة بين الحين والآخر لا تُغيّر موازين القوى، أو تجميد خطوط التماس بانتظار جولات قتال جديدة، أو استمرار حالة الجمود الحالي التي تستنزف الجميع.

    وإلى توقيت آخر لم يأت بعد، سيظل إقليم دونباس عالقا على خطوط التماس الجيوسياسي بين الشرق والغرب الأوروبييْن، وحجر رَحى تدور حوله رهانات الأمن الأوروبي وطموحات روسيا في استعادة مكانتها في النظام العالمي.

    شاركها. فيسبوك تويتر بينتيريست لينكدإن Tumblr تيلقرام واتساب البريد الإلكتروني

    مقالات ذات صلة

    “ما وراء الخبر” يناقش دعوة الهجري تأسيس إقليم درزي منفصل بالسويداء | سياسة

    «الترويكا الأوروبية» تفعّل العقوبات على إيران.. عراقجي: غير قانونية

    تبون يعفي رئيس الوزراء ويكلف سيفي غريب بالإنابة

    بعد اجتماع البيت الأبيض.. ما مخططات أميركا وإسرائيل تجاه قطاع غزة؟

    سورية تعثر على أجهزة مراقبة وتنصت إسرائيلية جنوب دمشق

    من سيحكم غزة؟ اجتماع سري في واشنطن يكشف الخطط الأميركية الإسرائيلية

    وسط إدانة دولية للهجوم على كييف.. الكرملين: لم نتوصل لهدنة جوية مع أوكرانيا

    ما دلالات إقرار نتنياهو الاعتراف بـ”الإبادة الجماعية” للأرمن؟ | سياسة

    دعوات غربية لوقف اتفاق التجارة وتصدير السلاح لإسرائيل

    اترك تعليقاً
    اترك تعليقاً إلغاء الرد

    اخر الأخبار

    دوري روشن.. أبرز تحديثات "رجل المباراة" في الموسم الثاني

    الخميس 28 أغسطس 7:01 م

    بلدية فيفاء تواصل فتح الطرق وإزالة مخلفات الأمطار والسيول

    الخميس 28 أغسطس 6:51 م

    باحثو جامعة حمد بن خليفة يرسمون آفاقًا جديدة في علم الوراثة اللاجينية

    الخميس 28 أغسطس 6:50 م

    ترامب يرغب في المزيد من الصفقات مثل “إنتل” | تكنولوجيا

    الخميس 28 أغسطس 6:47 م

    المغرب ضد مدغشقر في نهائي كأس أفريقيا للمحليين.. الموعد والقنوات الناقلة للبث المباشر

    الخميس 28 أغسطس 6:45 م
    اعلانات
    Demo

    رائج الآن

    “ما وراء الخبر” يناقش دعوة الهجري تأسيس إقليم درزي منفصل بالسويداء | سياسة

    الخميس 28 أغسطس 6:42 م

    مجلس الأمن يصوت اليوم على تمديد ولاية اليونيفيل في لبنان

    الخميس 28 أغسطس 6:40 م

    ارتفاع العملات المشفرة مع زيادة الطلب المؤسسي على البيتكوين

    الخميس 28 أغسطس 6:23 م

    «بعد تعافيه».. تفاصيل أول أغنية للفنان محمد منير

    الخميس 28 أغسطس 6:21 م

    «الترويكا الأوروبية» تفعّل العقوبات على إيران.. عراقجي: غير قانونية

    الخميس 28 أغسطس 6:20 م
    فيسبوك X (Twitter) تيكتوك الانستغرام يوتيوب
    2025 © وادي السعودية. جميع حقوق النشر محفوظة.
    • من نحن
    • سياسة الخصوصية
    • إعلن معنا
    • اتصل بنا

    اكتب كلمة البحث ثم اضغط على زر Enter

    تسجيل الدخول أو التسجيل

    مرحبًا بعودتك!

    Login to your account below.

    نسيت كلمة المرور؟