أكد المستشار صلاح الماجد، رئيس إدارة الفتوى والتشريع في الكويت، على التزام بلاده الراسخ بدعم المبادرات العربية المشتركة التي تهدف إلى تطوير منظومات التقاضي وتعزيز قدرات الدفاع القانوني عن الدولة في مختلف المحافل القضائية والتحكيمية. جاء هذا التأكيد خلال مشاركته في أعمال الاجتماع السنوي الـ 21 لرؤساء إدارات قضايا الدولة الأعضاء في جامعة الدول العربية، والذي اختتم أعماله مؤخرًا في القاهرة. يهدف هذا التعاون إلى مواكبة التطورات القانونية الحديثة وحماية المصالح الوطنية.
أهمية دعم منظومات التقاضي العربية وتعزيز التعاون القانوني
عقد الاجتماع في القاهرة، بمشاركة رفيعة المستوى من رؤساء هيئات وإدارات قضايا الدولة في الدول العربية، بتنظيم من المركز العربي للبحوث القانونية والقضائية التابع لجامعة الدول العربية، وبالتعاون مع هيئة قضايا الدولة المصرية. وتناول الاجتماع سبل تعزيز القدرات القانونية للدول الأعضاء، وتبادل الخبرات في مجال الدفاع عن الدولة، ومواجهة التحديات القانونية المشتركة.
قدم الوفد الكويتي خلال المؤتمر ورقة عمل شاملة، تركزت حول أربعة محاور رئيسية. هذه المحاور تتناول التحول الرقمي في القطاع القضائي، وأهمية استقلالية الجهات القانونية الممثلة للدولة، وتعزيز التنسيق بين هذه الجهات والوزارات الحكومية الأخرى، بالإضافة إلى تقديم نموذج إرشادي للترافع الفعال أمام هيئات التحكيم الدولية.
التحول الرقمي في القطاع القضائي
أكدت ورقة العمل الكويتية على ضرورة تسريع وتيرة التحول الرقمي في القطاع القضائي، من خلال تبني أحدث التقنيات والحلول الرقمية. ويرى خبراء القانون أن هذا التحول من شأنه أن يزيد من كفاءة الإجراءات القضائية، ويقلل من الوقت والتكلفة، ويسهل الوصول إلى المعلومات القانونية.
استقلالية الجهات القانونية الممثلة للدولة
شددت الورقة أيضًا على أهمية الحفاظ على استقلالية إدارة الفتوى والتشريع وغيرها من الجهات التي تمثل الدولة قانونيًا. هذه الاستقلالية تضمن تقديم مشورة قانونية موضوعية وفعالة، وتساعد على حماية حقوق ومصالح الدولة على أكمل وجه. استقلالية هذه المؤسسات ضرورية لضمان نزاهة وشفافية الإجراءات القانونية.
وبحسب تصريحات المستشار الماجد، فإن إدارة الفتوى والتشريع الكويتية تولي اهتمامًا بالغًا بتطوير أدوات العمل القانوني، ورفع مستوى جودة المذكرات والمرافعات. ويتم ذلك من خلال الاستثمار في أحدث الأساليب التقنية، وتطوير الكفاءات البشرية، لمواكبة التغيرات المستمرة في التشريعات والقضاء. تعتبر هذه الجهود ضرورية لضمان قدرة الكويت على التعامل مع القضايا القانونية المعقدة على الصعيدين المحلي والدولي.
أشار المشاركون في الاجتماع إلى أن تبادل الخبرات في هذه المجالات يمثل فرصة قيمة لتعزيز التعاون القانوني بين الدول العربية. التعاون في مجال القضاء يساهم في تطوير أنظمة قانونية أكثر فعالية وإنصافًا، ويساعد على مكافحة الجريمة والإرهاب، وتعزيز الاستقرار والأمن في المنطقة. بالإضافة إلى ذلك، يساعد على توحيد المفاهيم القانونية وتسهيل تطبيق القوانين في مختلف الدول العربية.
ويندرج الاجتماع ضمن سياق أوسع من الجهود العربية الرامية إلى تعزيز التكامل القانوني والقضائي بين الدول الأعضاء. تسعى هذه الجهود إلى إنشاء نظام قانوني عربي موحد، قادر على مواجهة التحديات المشتركة، وحماية المصالح العربية العليا. يتضمن ذلك تطوير آليات لتسوية المنازعات بين الدول العربية، وتبادل المعلومات القانونية، وتدريب القضاة والمحامين.
كما ناقش المؤتمر آليات حماية المال العام، وكيفية تعزيز سيادة القانون في الدول العربية. تعتبر حماية المال العام من أهم أولويات الحكومات العربية، حيث أن سوء استخدامه أو تبديده يؤدي إلى ضعف الاقتصاد، وزيادة الفساد، وفقدان الثقة في المؤسسات الحكومية. ويتم ذلك من خلال تشديد الرقابة على الإنفاق العام، وتطبيق قوانين صارمة على المخالفين، وتعزيز الشفافية والمساءلة.
من المتوقع أن يصدر عن الاجتماع مجموعة من التوصيات التي تهدف إلى دعم مسيرة العمل القانوني العربي المشترك. تشمل هذه التوصيات مقترحات حول تطوير التشريعات، وتبسيط الإجراءات القضائية، وتعزيز التعاون بين الجهات القانونية في الدول العربية. من المرجح أن ترفع هذه التوصيات إلى المجلس الوزاري لجامعة الدول العربية للنظر فيها والموافقة عليها.
يبقى متابعة تنفيذ توصيات المؤتمر، والتحقق من أثرها على المنظومة القانونية العربية، أمرًا بالغ الأهمية. ويتطلب ذلك تضافر الجهود بين الحكومات العربية، والمؤسسات القانونية، والمنظمات غير الحكومية. كما يتطلب تخصيص الموارد المالية والبشرية اللازمة لتنفيذ هذه التوصيات على أرض الواقع. الوضع القانوني العربي يشهد تطورات متسارعة، ويتطلب مواكبة مستمرة لهذه التطورات لضمان تحقيق العدالة وسيادة القانون. أخيرًا، فإن مستقبل التعاون القضائي العربي يعتمد على قدرة الدول الأعضاء على تجاوز الخلافات السياسية، والتركيز على المصالح المشتركة، والعمل بروح الفريق الواحد.












