من المحزن جداً في نظري بعد أن وصلنا إلى هذا الزمن؛ زمن العلم والمعلومات والذكاء الاصطناعي والتقنية، ألا تكون هناك مكتبات في مدارسنا يقضي فيها الطلاب أوقات فراغهم أو أوقات الفُسحة أو أوقات غياب المعلم عن الحصة، فينهلوا من علومها ما يطورون به مهاراتهم وينمّون عقولهم، ويكون سبباً في اعتيادهم على القراءة منذ الصغر.
إنه والله أمرٌ مريب أن يتم الاهتمام بالمقصف ولا يتم الاهتمام بوجود مكتبة بذات الدرجة، لا أقول إن الاهتمام بالمقصف وغذاء الطلاب أمرٌ غير مطلوب، على العكس، بل مهمٌ وضروري، ولكنّي أعتقد أن الاهتمام بعقولهم يفترض أن يكون بذات الدرجة، بل ربما يكون أكثر أهمية؛ لأن بناء العقول أكثر وأشد أهمية من تعبئة البطون.
أعتقد أنه من المفترض أن يكون في مخطط كل مدرسةٍ ستبنى في الأعوام القادمة، مكانٌ واسعٌ لمكتبةٍ عامرة بالكتب وزاخرة بالعلم والثقافة، تضم في جنباتها علوماً متنوعة تختلف باختلاف المرحلة العمرية لطلاب المدرسة.
ليس ذلك وحسب، حتى المدارس القائمة الآن، لا بد في اعتقادي أن يُلغى فصلٌ واسع من فصولها ويتم تحويله إلى مكتبة، ويمكن جمع الكتب عن طريق التبرعات، أو شراء الكتب المستعملة النظيفة ذات الأسعار المنخفضة، أو أن تقوم وزارة التعليم بشراء تلك الكتب من دور النشر بكميات كبيرة بأسعارٍ مخفضة وتوزعها على المدارس.
أتمنى أن تكون المكتبة شرطاً أساسياً في بناء المدارس مستقبلاً، كما أتمنى ألا تكون المكتبات في المدارس مجرد غرفةٍ مغلقة، بل تكون مفتوحةً طوال اليوم الدراسي لكل الطلاب، لمن أراد الجلوس فيها أو استعارة كتابٍ يقرأه، بشرط ألا يُلهيه ذلك عن دروسه وحصصه.
أتمنى أن يتم هذا القرار بأسرع وقت، وأن يكون التركيز الأول على طلاب المرحلة الابتدائية لأنهم شباب المستقبل وسلاح الوطن وذخيرته، والتركيز على تعليمه وتثقيفه وبناء عقله بالعلوم النافعة سيعجل من نموه، وبالتالي رفعة شأن الوطن والأمة.
أخيراً، أتمنى أن يكون في المكتبات تنوع في الكتب حتى يشعر الطالب والمعلم باللهفة للقراءة، أو التصفح على أقل تقدير، وستأتي القراءة بالتدريج، فبالعلم تُبنى الأمم وتدوم، وبالثقافة يرتفع شأن المجتمعات ويرتفع الوعي.
أخبار ذات صلة