شهد المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو) GC21، المنعقد في الرياض، جلسة حوارية رفيعة المستوى حول تمكين المرأة في الصناعة، حيث استعرضت المملكة العربية السعودية استراتيجيتها الطموحة في هذا المجال. تأتي هذه الجلسة ضمن فعاليات “يوم تمكين المرأة” وتؤكد التزام المملكة ببناء اقتصاد صناعي شامل يرسخ دور المرأة في مسيرة التحول الصناعي المستدام، بما يتماشى مع رؤية 2030.
عُقدت الجلسة بمشاركة قيادات صناعية دولية ومحلية، وأبرزها معالي مساعد وزير الصناعة والثروة المعدنية للتخطيط والتطوير الدكتور عبدالله علي الأحمري. تهدف هذه المبادرة إلى توسيع نطاق مشاركة المرأة في القطاعات الصناعية المختلفة وتعزيز أدوارها القيادية، وذلك بهدف تحقيق تنمية صناعية مستدامة.
استراتيجية المملكة لتمكين المرأة في الصناعة
أكد الدكتور الأحمري أن المملكة تعمل على تهيئة بيئة صناعية أكثر شمولية واستجابة لمتطلبات المستقبل، مما يتيح للمرأة فرصة أكبر للمساهمة الفعالة. تشير الإحصائيات إلى وجود أكثر من 100 ألف امرأة يعملن حاليًا في القطاع الصناعي السعودي، موزعات على أكثر من 12 ألف مصنع مرخص. وتركز الجهود الحالية على إعادة تأهيل وتوسعة قدرات المصانع القائمة، بالإضافة إلى تطوير البنية التحتية الصناعية لاستيعاب المزيد من الكفاءات النسائية.
تطوير البنية التحتية والتعاون الاستراتيجي
بدأ التنسيق مع الشركاء في القطاعين العام والخاص لإعادة تأهيل وتطوير المنشآت الصناعية، مع التركيز على توفير بيئة عمل مناسبة وآمنة للمرأة. بالإضافة إلى ذلك، تسعى المملكة إلى تعزيز التعاون مع الشركاء المحليين والدوليين لدعم تمكين المرأة وتطوير مهاراتها في المجالات الصناعية المختلفة. ويشمل ذلك برامج تدريبية متخصصة وورش عمل تهدف إلى بناء قدرات المرأة في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM).
شدد الدكتور الأحمري على أن تمكين المرأة في الصناعة ليس مجرد مبادرة منفصلة، بل هو ركيزة أساسية في استراتيجية المملكة طويلة المدى لتعزيز القدرة التنافسية للصناعة الوطنية. كما يساهم في دعم الابتكار وبناء اقتصاد متنوع ومستدام، متوافقًا مع أهداف رؤية 2030. إن دمج المرأة في الأدوار الصناعية النوعية يعزز مرونة الاقتصاد الوطني ويفتح آفاقًا جديدة للصناعات القائمة على التكنولوجيا والرقمنة والتصنيع النظيف.
التعاون الدولي وأهمية الاستثمار في المرأة
دعا المشاركون في الجلسة إلى تعزيز التعاون الدولي لإزالة العوائق الهيكلية التي تعيق مشاركة المرأة في القطاع الصناعي. كما أكدوا على أهمية توسيع نطاق وصول المرأة إلى التمويل، وسد الفجوة في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات. بالإضافة إلى ذلك، طالبوا بتصميم سياسات صناعية تراعي احتياجات المرأة وتؤهلها للمشاركة الفعالة في التحولين الأخضر والرقمي.
اتفق المشاركون على أن تمكين المرأة يعتبر من أهم العوامل المعززة للنمو الصناعي المستدام. وتشير الدراسات إلى أن الدول التي تستثمر في قيادة المرأة وتطوير مهاراتها وريادتها تبني اقتصادات أكثر صلابة وقدرة على التكيف، مما يسرع وتيرة تنفيذ أجنداتها الوطنية للتحول الاقتصادي. التنمية الصناعية الشاملة تتطلب مشاركة جميع أفراد المجتمع، بما في ذلك المرأة.
شهدت الجلسة مشاركة قيادات صناعية دولية بارزة، من بينها جيانا فرانخول، نائب وزير الصناعة في جمهورية الدومينيكان، ولوكا فراتيني، منسق ملف “المرأة والشباب والسلام والأمن” في وزارة الخارجية الإيطالية، وفانوزيا نوجويرا، رئيسة المنظمة الدولية للقهوة. كما شارك جاكي ينغ، الرئيس التنفيذي للابتكار والبحث في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، وسيلفانا بينياهيريرا، نائب وزير الإنتاج والتجارة في الإكوادور.
مع استمرار أعمال مؤتمر “اليونيدو” في الرياض، تبرز تجربة المملكة في تمكين المرأة داخل القطاع الصناعي كنموذج إقليمي رائد في تبني التنمية الصناعية الشاملة. تدرك المملكة أن المرأة شريكة أساسية في مستقبل الصناعة الواعد، وأن استثمارها في تطوير قدراتها يمثل استثمارًا في مستقبل الاقتصاد الوطني.
من المتوقع أن تعلن وزارة الصناعة والثروة المعدنية عن تفاصيل إضافية حول خططها لتوسيع نطاق برامج تمكين المرأة في الصناعة خلال الأشهر القادمة. وستركز هذه الخطط على توفير المزيد من فرص التدريب والتوظيف للمرأة، بالإضافة إلى دعم ريادة الأعمال النسائية في القطاع الصناعي. يبقى من المهم مراقبة التقدم المحرز في تنفيذ هذه الخطط وتقييم تأثيرها على النمو الصناعي المستدام.













