قد يظن كثيرون أن القيادة على خط مستقيم على طريق سريع هادئ لا تشكّل خطرا يُذكر، إلا أن خبراء يحذرون من أن التعب أثناء القيادة قد يكون أخطر مما نتوقع، إذ يقارن خطره بتأثير الكحول على قدرة السائق. ففي اللحظة التي تبدأ فيها الجفون تثقل أو يتباطأ التركيز، تتحول الرحلة إلى مخاطرة فعلية قد تؤدي إلى حوادث جسيمة في ثوانٍ قليلة.
يقول نادي السيارات الألماني إن البقاء مستيقظا 17 ساعة متواصلة يؤدي إلى تراجع في القدرة على التركيز والتفاعل، يشبه قيادة مركبة بتركيز كحولي يبلغ 0.5 في الألف. أما السهر مدة 24 ساعة كاملة، فمفعوله على الدماغ يعادل ما يقارب 1 في الألف، أي مستوى خطر بمعايير قوانين المرور. هذه الظاهرة، المعروفة بـ “الإرهاق”، تشكل تهديدًا متزايدًا لسلامة الطرق.
تعتبر الحوادث الناتجة عن التعب أثناء القيادة من بين الأسباب الرئيسية للوفيات والإصابات على الطرق حول العالم. وتزداد خطورة هذه الحوادث في فصل الشتاء بسبب قصر النهار وظروف الطقس الصعبة التي تتطلب تركيزًا أكبر.
علامات لا ينبغي تجاهلها
يشدد الخبراء على ضرورة مراقبة الإشارات المبكرة للتعب، وتشمل:
- التثاؤب المتكرر.
- الشعور بالقشعريرة المفاجئة.
- ضبابية أو ازدواجية الرؤية.
- ثقل الجفون وصعوبة إبقائها مفتوحة.
- الانحراف المتكرر عن المسار.
- الإحساس بأن الطريق يضيق أو يتغير.
وعند ظهور أي من هذه العلامات، يجب التوقف فورا. ليس أي توقف، بل استراحة حقيقية تشمل المشي قليلا، أو القيام بتمارين تمدد بسيطة لتنشيط الدورة الدموية واستعادة التركيز.
التخطيط للرحلات الطويلة
في الأسفار الطويلة، لا يكفي الاعتماد على الشعور الذاتي باليقظة. ينصح نادي السيارات الألماني بالتوقف كل ساعتين إلى ثلاث ساعات، حتى لو لم تظهر علامات الإرهاق بعد. وفي حال وجود مرافق، يفضَّل التناوب على القيادة. هذه الاستراتيجية تقلل بشكل كبير من خطر التعب.
كما ينصح الخبراء بتناول وجبات خفيفة وفاكهة بدلا من الأطعمة الدسمة التي تُثقل الجسم وتزيد الشعور بالخمول. مع ذلك، يجب الانتباه إلى أن تناول السكر بكميات كبيرة قد يؤدي إلى انخفاض سريع في الطاقة.
ورغم لجوء كثيرين إلى القهوة أو مشروبات الطاقة، إلا أن الخبراء يؤكدون أنها توفر دفعة قصيرة فقط، ولا تعالج التعب الحقيقي. يعتبر الكثيرون هذه المشروبات حلاً مؤقتًا، لكنها لا تحل المشكلة الأساسية.
الحل الأكثر فعالية هو الجمع بين الكافيين وقيلولة قصيرة؛ اشرب القهوة، ثم خذ غفوة مدة 15-20 دقيقة، وعند الاستيقاظ يبدأ مفعول الكافيين في تعزيز اليقظة. هذه التقنية، المعروفة باسم “قيلولة القهوة”، يمكن أن تحسن الانتباه والأداء بشكل ملحوظ. السلامة المرورية تتطلب وعيًا دائمًا بحالة السائق.
من المتوقع أن يكشف تقرير السلامة المرورية السنوي، المقرر نشره في نهاية العام الجاري، عن حصيلة جديدة لحوادث التعب أثناء القيادة. ومن المرجح أن تتضمن التوصيات التركيز على حملات التوعية وتقديم الدعم للسائقين المحترفين لضمان حصولهم على قسط كافٍ من الراحة. يجب على السائقين الانتباه لهذه التطورات واتخاذ الاحتياطات اللازمة لضمان رحلات آمنة.













