حذرت دراسة حديثة نشرتها المجلة الأوروبية لعلم الأوبئة من وجود صلة محتملة بين الإجراءات المتعلقة بـ الوشم وزيادة خطر الإصابة بسرطان الجلد، وتحديداً الميلانوما. تشير النتائج إلى أن بعض المواد الكيميائية الموجودة في أحبار الوشم قد تساهم في تطور هذا النوع من السرطان، خاصةً مع التعرض المتكرر لأشعة الشمس. وقد أثارت هذه النتائج تساؤلات حول سلامة الوشم على المدى الطويل.
جاء التحذير في العاشر من ديسمبر 2025، بعد تحليل بيانات من عدة دراسات سابقة وتقييم المخاطر المحتملة المرتبطة بالتعرض لمكونات حبر الوشم. تستهدف الدراسة توعية الجمهور والعاملين في مجال الوشم بالمخاطر المحتملة، وتقديم توصيات لتقليلها. تؤكد المجلة الأوروبية لعلم الأوبئة على أهمية إجراء المزيد من البحوث لتحديد العلاقة السببية بشكل قاطع.
مخاطر الوشم وسرطان الجلد: نظرة أعمق
تعتبر عملية الوشم بمثابة إدخال صبغة دائمة تحت الجلد، مما يؤدي إلى استجابة التهابية في الجسم. وفقًا للدراسة، قد تحتوي بعض أحبار الوشم على مواد كيميائية ضارة مثل الهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات والأمينات العطرية والمعادن الثقيلة. هذه المواد، عند تعرضها لأشعة الشمس، يمكن أن تتسبب في إنتاج أنواع الأكسجين التفاعلية التي تلعب دورًا في تلف الحمض النووي وتطور السرطان.
تأثير المواد الكيميائية في أحبار الوشم
أوضحت الدراسة أن بعض الألوان المستخدمة في الوشم قد تتحلل بمرور الوقت أو عند تعرضها للأشعة فوق البنفسجية، مما يؤدي إلى إطلاق مواد كيميائية ضارة. هذه المواد يمكن أن تتراكم في الجلد وتزيد من خطر الإصابة بالسرطان على المدى الطويل. بالإضافة إلى ذلك، قد يتفاعل الجهاز المناعي مع حبر الوشم كجسم غريب، مما يؤدي إلى التهاب مزمن يمكن أن يساهم في تطور الخلايا السرطانية.
ومع ذلك، من المهم ملاحظة أن الخطر الفعلي لا يزال غير واضح ويتأثر بعوامل متعددة، بما في ذلك نوع الحبر المستخدم، وحجم الوشم، وموقع الوشم على الجسم، وكمية التعرض لأشعة الشمس. تشير بعض الأبحاث إلى أن الوشم قد يزيد من صعوبة اكتشاف بعض أنواع سرطان الجلد في مراحله المبكرة، مما يؤكد أهمية الفحص الذاتي المنتظم للجلد.
تتزايد شعبية الوشم الجمالي في جميع أنحاء العالم، مما يزيد من أهمية فهم المخاطر الصحية المحتملة المرتبطة به. تعتبر الرعاية اللاحقة للوشم، مثل حماية الوشم من أشعة الشمس باستخدام واقي شمسي، أمرًا بالغ الأهمية لتقليل المخاطر. كما أن اختيار استوديو وشم مرخص يستخدم أحبارًا عالية الجودة يمكن أن يقلل من التعرض للمواد الكيميائية الضارة.
بالإضافة إلى سرطان الجلد، هناك مخاوف أخرى تتعلق بسلامة الوشم، مثل خطر الإصابة بالعدوى الجلدية والحساسية. توصي وزارة الصحة بضرورة اتباع إجراءات التعقيم والنظافة الصارمة في استوديوهات الوشم، والتأكد من أن الفنيين مدربون تدريباً جيداً على تقنيات الوشم الآمنة. كما يجب على الأفراد الذين يعانون من حالات طبية معينة، مثل أمراض المناعة الذاتية أو مشاكل تخثر الدم، استشارة الطبيب قبل الحصول على وشم.
تتطلب هذه القضية المزيد من البحث لتحديد مدى تأثير الوشم الدائم على صحة الجلد. من الضروري إجراء دراسات طويلة الأمد لتقييم المخاطر على المدى الطويل وتحديد العوامل التي تزيد من احتمالية الإصابة بالسرطان. كما يجب تطوير معايير سلامة أكثر صرامة لأحبار الوشم وتنظيم صناعة الوشم بشكل أفضل.
من المتوقع أن تقوم المجلة الأوروبية لعلم الأوبئة بنشر تقرير أكثر تفصيلاً حول هذه النتائج في الربع الأول من عام 2026، مع توصيات محددة للحد من المخاطر المحتملة. في الوقت الحالي، يجب على الأفراد الذين لديهم وشم أن يكونوا على دراية بالمخاطر المحتملة وأن يتخذوا خطوات لحماية بشرتهم من أشعة الشمس. كما يجب على العاملين في مجال الوشم أن يكونوا على اطلاع دائم بأحدث الأبحاث حول سلامة الوشم وأن يتبعوا أفضل الممارسات لضمان سلامة عملائهم. ستراقب الجهات الصحية عن كثب التطورات في هذا المجال لتقديم إرشادات وتوصيات مناسبة للجمهور.













