ناقشت ندوة مهمة عقدتها الجمعية الاقتصادية الكويتية مساء الأول، مستقبل التطوير العقاري في الكويت ودوره المحتمل في معالجة القضية الإسكانية. الندوة، التي حضرها وزير الدولة لشؤون البلدية والإسكان وعدد من المسؤولين والخبراء، ركزت على آليات جديدة للشراكة بين القطاعين العام والخاص، بهدف تسريع وتيرة بناء المساكن وتوفير خيارات متنوعة للمواطنين. وتأتي هذه المناقشات في ظل زيادة الطلب على الإسكان وتحديات تواجه النظام التقليدي لتوزيع القسائم.
مستقبل التطوير العقاري في الكويت: شراكة القطاعين العام والخاص
أكد المشاركون في الندوة على أهمية نظام المطور العقاري كمسار مواز للنظام التقليدي، وليس بديلاً عنه. يهدف هذا النظام إلى الاستفادة من خبرات القطاع الخاص في تمويل وتصميم وبناء وإدارة المشاريع السكنية، مما يساهم في تقليل الأعباء على الدولة وتسريع عملية الإنجاز. وبحسب نائب المدير العام لشؤون الاستثمار ومشاريع القطاع الخاص في المؤسسة العامة للرعاية السكنية، المهندس أحمد الأنصاري، فإن المؤسسة تعمل على نقل المخاطر الخارجة عن إرادة المستثمر إلى الدولة، مع ضمان حقوق جميع الأطراف.
نقل المخاطر وتعزيز الاستثمار
أوضح الأنصاري أن المؤسسة تسعى لرفع مستوى الأداء وتوسيع قاعدة المستثمرين، سواء على المستوى المحلي أو الخارجي. ويشمل ذلك تبني التجارب الناجحة في دول مجلس التعاون الخليجي، مع تكييفها لتناسب خصوصية السوق الكويتي. وقد طرحت المؤسسة مؤخرًا ثلاث حزم استثمارية تشمل 5 آلاف وحدة سكنية في مدن المطلاع وسعد العبدالله وجابر الأحمد، كجزء من جهودها لتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص.
دور المطور العقاري مقابل المقاول
من جانبه، قدم رئيس اتحاد العقاريين، إبراهيم العوضي، توضيحًا حول الفرق الجوهري بين دور المطور العقاري والمقاول. وأشار إلى أن المطور يتحمل مسؤولية تمويل وتصميم وبناء وإدارة المشروع بشكل كامل، بينما يقتصر دور المقاول على التنفيذ فقط، دون تحمل أي تبعات مالية. هذا التمييز مهم لفهم طبيعة المخاطر والمسؤوليات في كل نظام.
الطلب المتزايد على الإسكان
أشار العوضي إلى أن عدد طلبات الإسكان الحالية يبلغ حوالي 105 آلاف طلب، ويتوقع زيادة هذا العدد إلى 197 ألف طلب خلال السنوات العشر القادمة. هذه الزيادة المتوقعة تؤكد على ضرورة التوسع في نموذج المطور العقاري، نظرًا لقدرة القطاع الخاص على الإنجاز بوتيرة أسرع مقارنة بالنظام الحكومي التقليدي. كما أكد العوضي على الدور الأساسي الذي لعبه الاتحاد في صياغة قانون التطوير العقاري لعام 2023 والتعديل الصادر في 2025 بالتعاون مع المؤسسة العامة للرعاية السكنية.
التمويل والتحديات المحتملة
فيما يتعلق بتمويل المشاريع، أوضح العوضي أن الصورة النهائية لم تتضح بعد، ولكن التوجه العام هو ربط التمويل عبر مسارين: بنك الائتمان الكويتي والبنوك التجارية. ويأتي هذا بالتزامن مع قرب إقرار قانون الرهن العقاري، والذي من المتوقع أن يساهم في تسهيل الحصول على التمويل للمواطنين. ورداً على المخاوف المتعلقة بارتفاع الأسعار، أكد العوضي أن القانون ليس السبب الرئيسي في ارتفاع الأسعار، بل المشكلة تكمن في قلة المعروض من المشاريع.
أهمية الهيئة العقارية
أكد المحامي المتخصص في التطوير العقاري، عبدالله البكر، على أهمية النقاش الدائر حول نظام المطور العقاري منذ تعديل القانون في عام 2025. واعتبر أن التجارب الدولية تبرز فرصًا كبيرة يمكن للكويت الاستفادة منها. ودعا البكر إلى إنشاء هيئة عقارية متخصصة، معتبرًا أن التخصص والمركزية أساس للشفافية، وأن وجود جهة واحدة تمنح التراخيص وتوفر المعلومات وتحمي حقوق جميع الأطراف أمر ضروري.
الخطوات التالية والمستقبل
أشاد البكر بدور المؤسسة العامة للرعاية السكنية كشريك ومنظم ومراقب، مؤكدًا أن التعديلات الأخيرة تمثل نقلة نوعية في قطاع التطوير العقاري. ولفت إلى ضرورة وجود ضمانات للمطور في حال تراجع الطلب على الوحدات، وكذلك ضمانات لحماية أموال المواطنين. ومن المتوقع أن تشهد الأشهر القادمة المزيد من التفاصيل حول آليات التمويل المقترحة، بالإضافة إلى استمرار العمل على تطوير الأراضي الحكومية وتحويلها إلى مشاريع تنموية بالشراكة مع القطاع الخاص. يبقى التحدي الأكبر هو ضمان توازن بين حقوق المطورين والمواطنين، وتحقيق هدف توفير الإسكان المناسب بأسعار معقولة.
الكلمات المفتاحية الثانوية: الإسكان في الكويت، الشراكة بين القطاعين العام والخاص، قانون الرهن العقاري.













