حذّر رئيس مجلس الشورى الإيراني، محمد باقر قاليباف، يوم الأحد من احتمال مساءلة الوزراء في حكومة الرئيس مسعود بزشكيان، وذلك بسبب استمرار ارتفاع الأسعار وتدهور الأوضاع الاقتصادية. يأتي هذا التحذير في وقت تواجه فيه إيران تحديات كبيرة تشمل انخفاض قيمة الريال، وشح المياه، وتصاعد التلوث، مما يزيد من الضغوط المعيشية على المواطنين.
وأكد قاليباف أن البرلمان يولي اهتماماً بالغاً لمخاوف الشعب بشأن ارتفاع تكاليف المعيشة، مشيراً إلى أن تقلبات أسعار الصرف والذهب تلعب دوراً كبيراً في هذا الارتفاع. وتشير التوقعات إلى أن الحكومة قد تلجأ إلى تعديلات وزارية في محاولة لتهدئة الوضع، لكن مصير هذه الجهود لا يزال غير واضح.
الوضع الاقتصادي في إيران والتهديد بمساءلة الوزراء
تعاني إيران من أزمة اقتصادية متفاقمة، تفاقمت بسبب العقوبات الدولية وتراجع أسعار النفط. وقد أدت هذه العوامل إلى انخفاض حاد في قيمة العملة الوطنية، وارتفاع معدلات التضخم، ونقص في السلع الأساسية. وبحسب تقارير اقتصادية، فإن القدرة الشرائية للمواطنين الإيرانيين قد تراجعت بشكل ملحوظ في الأشهر الأخيرة.
تعتبر المساءلة البرلمانية آلية رقابية مهمة في النظام الإيراني، حيث يحق للبرلمان استدعاء الوزراء للاستجواب ومناقشة أدائهم. ومع ذلك، فإن صلاحيات البرلمان في عزل الرئيس محدودة وتتطلب موافقة القضاء والمرشد الأعلى، علي خامنئي.
آليات المساءلة في البرلمان الإيراني
لا يمكن للبرلمان الإيراني إقالة الرئيس بمجرد تصويت بسيط. بدلاً من ذلك، يمكنه اللجوء إلى عدة إجراءات، بما في ذلك الاستجواب، والتحقيق في أداء الوزراء، وعرقلة مشاريع القوانين الحكومية. وقد شهدت إيران في الماضي محاولات لمساءلة عدد من المسؤولين الحكوميين، بما في ذلك وزير الاقتصاد ووزير الطاقة، دون أن تؤدي بالضرورة إلى إقالتهم.
ويرى بعض المحللين أن تهديدات المساءلة قد تكون ذات طبيعة سياسية، تهدف إلى ممارسة الضغط على الحكومة بدلاً من إحداث تغيير حقيقي. وفي هذا السياق، يذكر أن السلطة النهائية في إيران تقع في يد المرشد الأعلى.
تداعيات محتملة على الحكومة الإيرانية
من المرجح أن يستجيب الرئيس بزشكيان لضغوط البرلمان من خلال إجراء تعديلات وزارية محدودة. تهدف هذه التعديلات إلى استبدال بعض الوزراء الذين يعتبرون مسؤولين عن الأوضاع الاقتصادية الصعبة، وإظهار التزام الحكومة بمعالجة مشاكل المواطنين.
ومع ذلك، فإن هذه الإجراءات قد لا تكون كافية لتهدئة البرلمان، خاصةً إذا استمرت الأوضاع الاقتصادية في التدهور. قد يستمر بعض النواب في المطالبة بمساءلة الوزراء، بل وقد يطرحون إمكانية مساءلة الرئيس نفسه.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الأزمة الاقتصادية قد تؤدي إلى زيادة الاحتجاجات الاجتماعية والضغط السياسي على النظام. وقد تتطلب هذه الاحتجاجات استجابة أمنية وسياسية من الحكومة، مما يزيد من تعقيد الوضع. وتشكل الأوضاع المعيشية أحد أهم المحركات للاحتجاجات في إيران.
مستقبل الأزمة الاقتصادية والمساءلة البرلمانية
من المتوقع أن يستمر البرلمان الإيراني في مراقبة أداء الحكومة وتقييم الإجراءات المتخذة لمعالجة الأزمة الاقتصادية. ويمكن أن يكون مصير الوزراء المعنيين مرهوناً بمدى نجاح الحكومة في تحقيق الاستقرار الاقتصادي وتلبية احتياجات المواطنين.
في الوقت الحالي، لا توجد مؤشرات واضحة على ما إذا كانت المساءلة البرلمانية ستؤدي إلى تغييرات كبيرة في الحكومة الإيرانية. ومع ذلك، فإن هذا التطور يعكس حالة من التوتر وعدم الرضا داخل النظام السياسي الإيراني، ويشير إلى أن الحكومة تواجه تحديات كبيرة في التعامل مع الأزمة الاقتصادية. من المهم متابعة تطورات هذا الوضع، خاصةً في ظل تعقيد المشهد السياسي والاقتصادي في إيران.













