واشنطن- دق أداء الرئيس جو بايدن الضعيف في المناظرة الرئاسية لسباق انتخابات 2024 أمام منافسه دونالد ترامب؛ أجراس الإنذار بين كبار قادة الحزب الديمقراطي، وسط تساؤلات علنية عما إذا كان ينبغي أن يظل بايدن مرشحا للحزب.
وأعلنت حملة ترامب النصر، وبدأت إطلاق حملات لجمع المزيد من الأموال بعد سعادتهم بمخرجات المناظرة، والحديث عن اقتراب الجمهوريين من السيطرة على البيت الأبيض، إضافة لمجلس النواب والشيوخ، كما هو متوقع على نطاق واسع.
ووفقا لاستطلاع أجرته شبكة “سي إن إن” (CNN)، فإن 67% من مراقبي المناظرة يرون أن أداء ترامب كان أفضل، مقارنة بـ33% لبايدن، في حين أشار استطلاع أجرته صحيفة نيويورك تايمز بين كتّاب الرأي لديها إلى أن 14% فقط منهم يرون أن بايدن أبلى بلاء حسنا، بينما اعتبر 86% أن ترامب انتصر في المناظرة بفارق كبير.
ذعر وهلع
لم يتمكن فريق بايدن من تجاهل المخاوف، واعترفت كامالا هاريس نائبة الرئيس أن الأمور لم تسر على ما يرام وأن أداء بايدن اتسم بـ”بداية بطيئة”، لكنها رفضت مناقشة ذلك في مقابلة مع قناة “سي إن إن”، وحثت الأميركيين على التركيز على سجل بايدن الناجح وإنجازاته مقابل سجل ترامب.
وبعد 12 دقيقة من بدء المناظرة، بدا واضحا أن بايدن فقد ترتيب أفكاره، وتعثر ثم توقف مؤقتا وحدّق في الأرض، قبل أن يرفع رأسه، حيث بدا كأنه استعاد فكره، لكنه بدلا من ذلك، صرخ وقال عبارة لا معنى لها قائلا: “لقد تغلبنا أخيرا على الرعاية الطبية!”.
وأثار أداء بايدن انهيارا ذا أبعاد واضحة، حيث وحد الديمقراطيين من جميع تيارات الحزب، سواء التقدميين والتقليدين، والمتفائلين والمتشائمين، على حالة من الذعر غير المسبوق، وتحولت المناقشات الخاصة حول أداء بايدن المتوقع ضد ترامب من التفاؤل إلى الصدمة، واتجه النقاش بسرعة مذهلة حول مدى إمكانية مواصلة بايدن حملته.
ودفع أداء بايدن الضعيف والمشوش وغير المركز في زيادة الشكوك حول قدرته على هزيمة الرئيس السابق دونالد ترامب، وعن استطاعته أن يخوض المناظرة الثانية المقررة نهاية سبتمبر/أيلول المقبل، ناهيك عما إذا كان سيتمكن صحيا وذهنيا من أداء مهامه مدة 4 سنوات أخرى في منصب الرئيس.
وفي حديث مع شبكة “إم إس إن بي سي” (MSNBC) قال السيناتور الديمقراطي السابق كلير مكاسكيل من ولاية ميسوري إنه كان لدى جو بايدن شيئا واحدا ليفعله الليلة، وهو طمأنة أميركا بأنه على مستوى الوظيفة رغم عمره المرتفع، “لكنه فشل في ذلك”.
وليست هذه المرة الأولى التي يجري فيها الديمقراطيون مناقشة حول قدرات بايدن، حيث دق عدد من الإستراتيجيين البارزين ومنذ أكثر من عام ناقوس الخطر خلف الأبواب المغلقة، مثل مستشار باراك أوباما السابق ديفيد أكسلرود، ومستشار بيل كلينتون السابق جيمس كارفيل، لكن النقاش أصبح علنيا وصاخبا بعد ليلة أمس.
حلفاء بايدن يتراجعون
ويخشى المعلقون الديمقراطيون من أن تصبح مناظرة أمس مثل مناظرة الرئيس السابق ريتشارد نيكسون عام 1960، الذي تصبب عرقا أثناء حديثه، واعتُبر أداؤه الأكثر كارثية في تاريخ المناظرات الرئاسية.
وكرر أنصار الرئيس أنه رغم وجود بعض اللحظات الجيدة، وحتى لو تم الربط بين صوت بايدن المهزوز وإصابته بالبرد، لكن لا يمكن تجاهل عمره، أو كيف تحدث بتردد، أو عدد المرات التي تعثر فيها بكلماته.
وأدى ضعف بايدن الواضح وإجاباته المتقلبة وزلاته المستمرة إلى قول نيكولاس كريستوف كاتب العمود في صحيفة نيويورك تايمز: “آمل أن يراجع بايدن أداءه في المناظرة وينسحب من السباق، ويدفع باختيار مرشح ديمقراطي آخر للمؤتمر في أغسطس/آب”.
وكتب توماس فريدمان، وهو الذي يُعد أحد أقرب الكتاب لبايدن، ومن أصدقائه القريبين، أن المناظرة جعلته يبكي، وقال: “جو بايدن رجل جيد ورئيس جيد، لكنه ليس مؤهلا لإعادة انتخابه، يجب أن ينسحب من السباق”.
في حين قال مسؤول بالبيت الأبيض لموقع “بوليتكو” واشترط عدم نشر اسمه: “إنه أمر محزن، ولكن أيضا أشعر بالجنون الشديد لتفكير بعض الأشخاص الأذكياء، الذين يكذبون ويحاولون إنجاح هذا الأمر والوقوف خلف ترشح بايدن”.
هل فات الأوان؟
وبالفعل، بدأت الدوائر الديمقراطية في التكهن حول ما إذا كان يمكن استبدال بايدن على بطاقة الحزب الديمقراطي في هذا التاريخ المتأخر، أم أنه من غير المرجح أن يحدث هذا.
وقال ناشط ديمقراطي: “أعتقد أن هناك قوائم قصيرة يتم إعدادها لبدائل بايدن”، منهم حاكمة ولاية ميشيغان جريتشن ويتمير، وحاكم ولاية كنتاكي آندي بيشير، وحاكم ولاية كارولينا الشمالية روي كوبر، والأهم حاكم كاليفورنيا جافين نيوسوم، بينما استبعد أغلب الخبراء كامالا هاريس نائبة الرئيس نظرا لتدني شعبيتها، رغم كونها الوريث السهل والطبيعي لبايدن.
وكتب مسؤول سابق في إدارة أوباما عن كيفية انسحاب بايدن، وقال: “نحتاج إلى اتفاق مفتوح، عليه أن يذهب”، وسرد الأسماء الرئيسية التي يمكن أن تواجه بايدن بالواقع المؤلم، وهي 3 حلقات:
- عائلته، وخاصة زوجته جيل وشقيقته فاليري بايدن.
- أقرب مستشاريه، وهم تيد كوفمان، توم دونيلون، رون كلاين، ستيف ريتشيتي وأنيتا دن.
- المسؤولون السابقون وكبار الحزب الديمقراطي، مثل باراك أوباما، آل غور، نانسي بيلوسي، أو جيم كلايبورن.
وأضاف أن السؤال سيبقى مطروحا حول إذا ما سيتم كسر المحظور أخيرا، أم أن مساعدي بايدن سيبقون صامتين مرة أخرى، في وقت يشير فيه بعض الديمقراطيين المخضرمين، ممن يعرفون بايدن جيدا، إلى أنه لن يتنحى جانبا ولا توجد عملية واضحة لاستبداله.
وقال: “لذلك سيكون لدينا بضعة أيام من الجنون، عندها سيدرك الجميع أن الخطوط الرئيسية للسباق لم تتغير حقا، وسنعود جميعا إلى زوايانا، حيث يراقب الجمهوريون بايدن، ويركز الديمقراطيون على التخويف من احتمالات فوز ترامب”.