تصاعدت التوترات على الحدود التايلاندية الكمبودية بشكل حاد، حيث أعلنت السلطات التايلاندية عن مقتل أربعة جنود إضافيين في اشتباكات مسلحة يوم السبت. يأتي هذا بالتزامن مع قرار كمبودي بإغلاق جميع المعابر الحدودية، مما يشير إلى انهيار سريع للتهدئة التي كانت قد بدأت تلوح في الأفق قبل ساعات. وتثير هذه الأحداث مخاوف بشأن استقرار المنطقة وتأثيرها على السكان المدنيين.
ووفقًا للمتحدث باسم وزارة الدفاع التايلاندية، سوراسانت كونغسيري، وقعت المواجهات في منطقة تشونغ آن ما، ليرتفع بذلك إجمالي عدد القتلى في صفوف الجيش التايلاندي إلى 14 منذ تجدد القتال مطلع الأسبوع. في المقابل، لم يصدر تعليق فوري من الجانب الكمبودي حول أعداد الضحايا في صفوفه.
إغلاق الحدود وتصعيد عسكري على الحدود التايلاندية الكمبودية
استجابة للتصعيد، أعلنت الحكومة الكمبودية إغلاقًا فوريًا لجميع المعابر الحدودية مع تايلاند، مع تعليق كامل لحركة الدخول والخروج حتى إشعار آخر. يعكس هذا القرار تحولًا في الموقف الكمبودي من اشتباكات محدودة إلى مواجهة شاملة، وفقًا لبيان صادر عن وزارة الخارجية الكمبودية.
في الوقت نفسه، أصرت بانكوك على استمرار العمل العسكري، مؤكدةً أن العمليات ستتواصل طالما استمرت التهديدات. صرح رئيس الوزراء التايلاندي أنوتين تشارنفيراكول بأنه لا يوجد التزام عملي بوقف إطلاق النار في الوقت الحالي، مشددًا على حق تايلاند في الدفاع عن أراضيها.
تبادل القصف والاتهامات
أفادت تقارير إعلامية بأن القوات التايلاندية نفذت ضربات جوية فجر السبت، استهدفت جسورًا داخل الأراضي الكمبودية، بدعوى استخدامها في نقل الأسلحة إلى مناطق القتال. وأكد المتحدث باسم القوات الجوية التايلاندية، تشاكريت ثامافيتشاي، أن الضربات تمت باستخدام أسلحة دقيقة لتجنب إلحاق الأذى بالمدنيين.
في المقابل، اتهمت وزارة الدفاع الكمبودية، عبر منصة “إكس”، الطائرات المقاتلة التايلاندية من طراز إف-16 بإلقاء سبع قنابل على مواقع مختلفة داخل كمبوديا. كما اتهم وزير الإعلام الكمبودي، نيث فيكترا، تايلاند بتوسيع نطاق هجماتها لتشمل البنية التحتية المدنية والسكان، وهو ما لم تؤكده بانكوك بعد.
تصاعدت الاتهامات المتبادلة، حيث أعلن الجيش التايلاندي عن إصابة أربعة مدنيين جراء صواريخ أُطلقت من الجانب الكمبودي. وتشير هذه التقارير إلى تزايد المخاطر التي تواجه المدنيين في المناطق الحدودية.
تدخل دولي ومحاولات للتهدئة
جاء هذا التصعيد بعد ساعات من إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن بانكوك وبنوم بنه اتفقتا على وقف كامل لإطلاق النار. لكن رئيس الوزراء التايلاندي أوضح لاحقًا أن الاتصال مع ترامب لم يتضمن طلبًا واضحًا بوقف العمليات العسكرية، مؤكدًا أن المسؤولية تقع على عاتق الطرف الذي انتهك التفاهم.
وأفاد ترامب عبر شبكته “تروث سوشل” بأنه أجرى محادثات مع رئيسي وزراء البلدين، أسفرت عن تفاهم للعودة إلى اتفاق السلام الأصلي، بمساعدة رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم. ومع ذلك، فإن تنفيذ هذا التفاهم يبدو الآن في خطر.
جذور النزاع
يعود النزاع الحدودي بين تايلاند وكمبوديا إلى خلافات تاريخية حول مناطق حدودية غنية بالمعابد الأثرية التي تعود إلى إمبراطورية الخمير. هذه الخلافات تتعلق بتفسيرات مختلفة لخرائط حدودية قديمة رُسمت خلال الحقبة الاستعمارية الفرنسية.
على الرغم من توقيع اتفاق وقف إطلاق نار برعاية أمريكية في 26 أكتوبر، إلا أن بانكوك علّقت العمل به لاحقًا بعد انفجار لغم أرضي أدى إلى إصابة عدد من جنودها. أدى هذا التعليق إلى عودة الاشتباكات إلى الواجهة مجددًا، مما يعيق أي تقدم نحو حل دائم. تعتبر قضية الألغام الأرضية من القضايا الحساسة التي تزيد من تعقيد الوضع على الحدود.
الوضع الحالي يتطلب تدخلًا دوليًا مكثفًا لإعادة الأطراف إلى طاولة المفاوضات وتجنب المزيد من التصعيد. من المتوقع أن تستأنف الولايات المتحدة وماليزيا جهودهما الدبلوماسية في الأيام القادمة، لكن نجاح هذه الجهود يبقى غير مؤكدًا في ظل استمرار التوترات الميدانية والاتهامات المتبادلة. يجب مراقبة تطورات الوضع عن كثب، خاصةً فيما يتعلق بحماية المدنيين وتجنب أي خطوات أحادية الجانب قد تؤدي إلى تفاقم الأزمة.













