الخليل – تصاعدت الأحداث المأساوية في الضفة الغربية مع استشهاد شابين فلسطينيين برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي في حادثتين منفصلتين، بعد اتهامهما بتنفيذ عمليتي دهس وطعن أدت إلى إصابة جنود إسرائيليين. تأتي هذه الأحداث في ظل توترات متزايدة وحصار مشدد تفرضه إسرائيل على المدن الفلسطينية، مما يفاقم الأوضاع الإنسانية والأمنية، ويثير تساؤلات حول مستقبل الوضع في الضفة الغربية.
وقعت الحادثتان في جنوب ووسط الضفة الغربية، بالتزامن مع اليوم الثالث والخمسين من وقف إطلاق النار في قطاع غزة. ويشهد الضفة الغربية إجراءات عسكرية مكثفة، تشمل حواجز ونقاط تفتيش متعددة، بالإضافة إلى عمليات اقتحام مستمرة للمدن والقرى، مما يعيق حركة السكان ويؤثر على حياتهم اليومية.
استشهاد شابين فلسطينيين وعقوبات جماعية
أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية عن استشهاد مهند طارق محمد الزغير (17 عامًا) في مدينة الخليل، بعد وقت قصير من إعلان الجيش الإسرائيلي عن قتل منفذ عملية دهس في المنطقة نفسها، والتي أسفرت عن إصابة جنود. وبالمثل، أعلنت الوزارة عن استشهاد محمد رسلان محمود أسمر (18 عامًا) من بلدة بيت ريما شمال غرب رام الله، بعد إعلان الجيش عن إصابة جنود في عملية طعن وتعقب المنفذ حتى مقتله.
وعقب الحادثتين، فرض الجيش الإسرائيلي حصارًا خانقًا على مدينتي الخليل ورام الله، وأغلق الحواجز والنقاط العسكرية الرئيسية، مما تسبب في عرقلة حركة السكان وتعطيل حياتهم. وتُعتبر هذه الإجراءات بمثابة عقوبات جماعية تستهدف المدنيين الفلسطينيين.
التصعيد الإسرائيلي في الضفة الغربية
يشير المراقبون إلى أن التصعيد الإسرائيلي في الضفة الغربية يأتي في أعقاب مساعي الكنيست الإسرائيلي لإقرار قانون يسمح بإعدام الأسرى الفلسطينيين المتهمين بجرائم أمنية. وتعتبر هذه الخطوة تصعيدًا خطيرًا في السياسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين، وقد تؤدي إلى مزيد من العنف والتوترات.
وبحسب الباحث الميداني في مركز المعلومات الفلسطيني “معطى”، فقد شهدت الضفة الغربية منذ بداية العام الجاري ارتفاعًا ملحوظًا في عدد العمليات التي تستهدف قوات الاحتلال والمستوطنين، بما في ذلك إطلاق النار والعبوات الناسفة وعمليات الدهس والطعن. وتشير هذه الأرقام إلى حالة من الغضب والإحباط لدى الشباب الفلسطينيين نتيجة للأوضاع السيئة والاقتصادية الصعبة التي يعيشونها.
لماذا تتصاعد عمليات الطعن والدهس؟
يتساءل مراقبون عن الأسباب التي تدفع الشباب الفلسطينيين إلى تنفيذ عمليات الطعن والدهس، والتي غالبًا ما تنتهي باستشهادهم. ويرى المحلل السياسي معمر العويوي أن هذه العمليات هي نتيجة مباشرة للحصار الإسرائيلي المستمر، وعمليات الاقتحام المتكررة، وسياسات القمع التي تمارسها إسرائيل بحق الفلسطينيين.
ويضيف العويوي أن استباحة الدم الفلسطيني وتعامل إسرائيل مع الفلسطينيين يخلّقان حالة من الغضب والإحباط، والتي قد تدفع بعض الشباب إلى الانخراط في أعمال عنفية. ويشير إلى أن عمليات الاعتقال الجماعية، والإخفاء القسري، والجرائم المرتكبة بحق الأسرى الفلسطينيين، تزيد من حدة التوتر وتعمق الشعور بالظلم.
معطيات رقمية حول الأوضاع في الضفة الغربية
أفاد مركز المعلومات الفلسطيني “معطى” باستشهاد 254 فلسطينيًا وإصابة حوالي 2600 آخرين في الضفة الغربية منذ بداية العام الجاري، نتيجة المواجهات مع الجيش الإسرائيلي والعمليات العسكرية. كما وثق المركز نحو 9900 حالة اعتقال، بالإضافة إلى 14359 عملية اقتحام لمختلف مناطق الضفة.
وفي سياق منفصل، أكد نادي الأسير الفلسطيني أن إسرائيل صعّدت من عمليات الاعتقال بشكل غير مسبوق، وأن عدد المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية وصل إلى نحو 21 ألفًا. وحذر النادي من الجرائم الممنهجة التي ترتكبها إسرائيل بحق المعتقلين وعائلاتهم، والتي تشمل الإعدام الميداني والإخفاء القسري.
المستقبل المجهول
من المتوقع أن تستمر التوترات في الضفة الغربية في التصاعد، خاصة في ظل استمرار الحصار الإسرائيلي وسياسات القمع. كما يجب مراقبة مساعي الكنيست الإسرائيلي لإقرار قانون إعدام الأسرى، والذي قد يشكل نقطة تحول خطيرة في الأوضاع. يبقى الوضع في الضفة الغربية هشًا وغير مستقر، ويتطلب تدخلًا دوليًا عاجلًا لإنهاء الاحتلال و تحقيق سلام دائم.













