تشهد البنوك العالمية إقبالاً متزايدًا على الاستثمار في البنوك الهندية، مدفوعة بتخفيف القيود الحكومية والتنظيمية على الاستحواذ الأجنبي على حصص كبيرة. وقد شهد القطاع المالي الهندي صفقات بقيمة 8 مليارات دولار منذ بداية العام، وهو ما يمثل ارتفاعًا كبيرًا مقارنة بالعامين السابقين، مما يعكس ثقة متزايدة في الاقتصاد الهندي وإمكانات نمو القطاع المصرفي.
وتأتي هذه الصفقات في وقت تسعى فيه الحكومة الهندية إلى تعزيز ودمج القطاع المصرفي، مع طموحات لإنشاء المزيد من “البنوك الكبرى”. ويجري بنك الاحتياطي الهندي (البنك المركزي) حاليًا مراجعة القيود المفروضة على ملكية المستثمرين الأجانب، مما قد يفتح الباب لمزيد من الاستثمارات.
صفقات الاستحواذ على البنوك الهندية تتصاعد
كانت أكبر صفقة استحواذ في هذا القطاع هذا العام هي استحواذ بنك الإمارات دبي الوطني على حصة 60% في بنك “آر بي إل” مقابل 3 مليارات دولار. كما استثمرت مجموعة سوميتومو ميتسوي المالية اليابانية 1.7 مليار دولار لشراء حصة 24.2% في بنك “يس”، لتصبح بذلك أكبر مساهم فيه.
الاستثمار الأجنبي المباشر في القطاع المصرفي الهندي يشهد زخمًا ملحوظًا. وتجري حاليًا محادثات متقدمة بين مجموعة ميتسوبيشي “يو إف جيه” المالية وعدد من المؤسسات المالية غير المصرفية للاستحواذ على حصص كبيرة. على الرغم من التقارير التي أشارت إلى مفاوضات مع بنك “إم يو إف جي” وشركة “شريرام فاينانس” بقيمة 2.6 مليار دولار، إلا أن الصفقة لم تكتمل بعد، ويجري “إم يو إف جي” تقييم خيارات أخرى.
العوامل المحفزة لاهتمام البنوك الأجنبية
يرجع الاهتمام المتزايد من البنوك الأجنبية إلى النمو الاقتصادي القوي في الهند، بالإضافة إلى فرص النمو المتاحة في القطاع المصرفي. وفقًا لياتين سينغ، الرئيس التنفيذي للخدمات المصرفية الاستثمارية في شركة “إمكاي غلوبال فايننشال سيرفيسز”، فإن الاقتصادات الناضجة مثل اليابان تبحث عن طرق لتوظيف رأس المال بكفاءة، وتعتبر الهند وجهة جذابة من هذا المنظور.
بالإضافة إلى ذلك، فإن التغييرات في العقلية التنظيمية والحكومية، التي تسمح للبنوك بالاستفادة من رأس المال العالمي، تلعب دورًا رئيسيًا. ويشير فيكرام راغاني، الشريك الأول في شركة “جيه إس إيه” للمحاماة، إلى أن عمليات الاندماج والاستحواذ السابقة غالبًا ما شملت مؤسسات إقراض كانت تواجه تحديات.
توسع الاستثمار ليشمل بنوك الظل
لا يقتصر اهتمام المستثمرين الأجانب على البنوك التقليدية، بل يمتد ليشمل بنوك الظل أيضًا. بعد تخفيف بنك الاحتياطي الهندي للقيود المفروضة على هذه المؤسسات في عام 2023، شهد القطاع انتعاشًا، مما أدى إلى زيادة الإقراض والنمو. وقد شهد بنك الظل الهندي “سمان كابيتال” استحواذًا من قبل الشركة القابضة الدولية الإماراتية مقابل مليار دولار.
وتظهر تقييمات قطاع الخدمات المالية في الهند جذابة مقارنة بأسواق أخرى، مما يزيد من جاذبيته للمستثمرين الأجانب. ويرى كونال شروف، الشريك الإداري في شركة كريس كابيتال للاستثمار الخاص، أن هذا يمثل فرصة استثمارية واعدة.
القطاع المصرفي الهندي يشهد تحولاً هيكلياً ملحوظاً. ويؤكد مصدر مطلع في بنك الاحتياطي الهندي أن البنك يتجه نحو زيادة المشاركة الأجنبية، واصفًا موجة الصفقات الأخيرة بأنها “تصويت ثقة” في الاقتصاد الهندي وقطاعه المصرفي. ويستهدف المستثمرون الأجانب بشكل خاص البنوك متوسطة الحجم التي يسهل الاستحواذ عليها وتتمتع بإمكانات نمو أكبر.
من المتوقع أن يستمر بنك الاحتياطي الهندي في مراجعة القيود المفروضة على ملكية المستثمرين الأجانب في الأشهر المقبلة. ويراقب السوق عن كثب أي تغييرات في السياسات التنظيمية، بالإضافة إلى تطورات المفاوضات الجارية للاستحواذ على حصص في المؤسسات المالية الهندية. وستظل هذه التطورات مؤشرًا رئيسيًا على صحة القطاع المصرفي الهندي وجاذبيته للاستثمار الأجنبي.












