تواجه الدول الغربية تحديًا متزايدًا فيما يتعلق بمصير الأصول الروسية المجمدة، والتي تتجاوز قيمتها مئات المليارات من الدولارات. وتتصاعد الدعوات لاستخدام هذه الأصول لدعم أوكرانيا، بينما تظهر خلافات حول الآليات القانونية والسياسية لتنفيذ ذلك. هذا المقال يناقش آخر التطورات المتعلقة بـ الأصول الروسية المجمدة، والجدل الدائر حول كيفية الاستفادة منها، والآثار المحتملة على الاقتصاد العالمي.
بدأت عمليات تجميد الأصول الروسية في فبراير/شباط 2022، عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، كجزء من حزمة عقوبات اقتصادية واسعة النطاق تهدف إلى الضغط على موسكو. تشمل هذه الأصول مجموعة متنوعة من الممتلكات، بما في ذلك الحسابات المصرفية والعقارات والأسهم والسندات والأصول الفاخرة، بالإضافة إلى احتياطيات الذهب والعملات الأجنبية. ووفقًا لتقارير إعلامية، فإن الجزء الأكبر من هذه الأصول، حوالي 70%، مُودع في مركز إيداع الأوراق المالية البلجيكي “يوروكلير”.
الاستفادة من الأصول الروسية المجمدة: خيارات مطروحة
في البداية، ركزت المناقشات على استخدام الفوائد المتأتية من هذه الأصول لتقديم الدعم المالي لأوكرانيا. وقد اتفقت دول مجموعة السبع في أكتوبر/تشرين الأول 2024 على هذا النهج، مع تقدير قيمة القروض التي يمكن تأمينها لأوكرانيا بحوالي 45 مليار يورو. هذا الإجراء يهدف إلى توفير تمويل مستدام لأوكرانيا دون الحاجة إلى اللجوء إلى مصادرة الأصول بشكل مباشر.
ومع ذلك، يرى العديد من المراقبين أن مجرد استخدام الفوائد ليس كافيًا، وأن هناك حاجة إلى استكشاف خيارات أكثر جذرية. وتشمل هذه الخيارات استخدام الأصول نفسها – وليس فقط الفوائد – لتعويض أوكرانيا عن الأضرار الناجمة عن الحرب. هذا النهج يثير تساؤلات قانونية معقدة، ولكنه قد يوفر موارد أكبر بكثير لدعم جهود إعادة الإعمار في أوكرانيا.
الخلافات الأوروبية حول مصادرة الأصول
توجد خلافات كبيرة بين الدول الأوروبية حول مدى إمكانية وشرعية مصادرة الأصول الروسية. ففي حين تدعو دول مثل ليتوانيا إلى اتخاذ إجراءات أكثر حزمًا، تعرب دول أخرى، مثل فرنسا وألمانيا وهولندا، عن تحفظاتها. تخشى هذه الدول من أن مصادرة الأصول قد تنتهك القانون الدولي وتؤدي إلى رد فعل عنيف من روسيا، بالإضافة إلى تقويض ثقة المستثمرين في النظام المالي الأوروبي.
وتشير هذه الدول إلى أن هناك عقبات قانونية كبيرة تحول دون مصادرة الأصول، وأن مثل هذه الخطوة قد تتطلب تغييرات في القوانين الأوروبية والدولية. بالإضافة إلى ذلك، هناك مخاوف من أن مصادرة الأصول قد تؤدي إلى نزاعات قانونية طويلة الأمد في المحاكم الدولية. وتعتبر هذه الدول أن الحفاظ على استقرار اليورو وجذب الاستثمارات الأجنبية أمران بالغا الأهمية، وأن أي إجراء قد يهدد هذا الاستقرار يجب تجنبه.
مقترح ليتوانيا، الذي يرى في الأصول الروسية المصادرة قرضًا لأوكرانيا لتمويل تعويضات الحرب، يمثل أحد الحلول الوسط المطروحة. يهدف هذا المقترح إلى تحقيق التوازن بين الحاجة إلى دعم أوكرانيا والحفاظ على الالتزامات القانونية. ومع ذلك، لا يزال هذا المقترح قيد الدراسة، ولا توجد ضمانات بأنه سيتم اعتماده.
بالإضافة إلى الجدل حول مصادرة الأصول، هناك أيضًا نقاش حول كيفية إدارة هذه الأصول في الوقت الحالي. تطالب بعض الدول بزيادة الشفافية في عمليات إدارة الأصول، وضمان عدم استخدامها لتمويل أنشطة غير قانونية. كما تدعو هذه الدول إلى وضع آليات فعالة لمنع محاولات روسيا لاستعادة السيطرة على هذه الأصول.
تتأثر هذه القضية أيضًا بالتوترات الجيوسياسية الأوسع نطاقًا، بما في ذلك الحرب في أوكرانيا والعلاقات المتوترة بين روسيا والغرب. وتعتبر هذه القضية جزءًا من صراع أوسع نطاقًا حول مستقبل النظام الدولي والقيم التي يقوم عليها. وتشمل التحديات الثانوية المرتبطة بهذا الموضوع أيضًا مسألة تحديد المستفيدين من أي تعويضات يتم دفعها لأوكرانيا، وضمان توزيع هذه التعويضات بشكل عادل وشفاف.
من المتوقع أن تستمر المناقشات حول مصير الأصول الروسية المجمدة في الأشهر المقبلة. وستعتمد الخطوات التالية على التطورات السياسية والقانونية، بالإضافة إلى موقف الدول الغربية. من المرجح أن يتم التركيز على إيجاد حلول قانونية قابلة للتطبيق تسمح باستخدام هذه الأصول لدعم أوكرانيا، مع مراعاة المخاطر المحتملة على الاستقرار المالي العالمي. يجب مراقبة التطورات القانونية في المحاكم الدولية، بالإضافة إلى أي تغييرات في السياسات الأوروبية والدولية، لتقييم المسار المستقبلي لهذه القضية المعقدة.













