وبحسب الصحيفة، فإن عناصر الجيش أطلقوا النار على القافلة التي كانت تضم ثلاث مركبات إسعاف، استُهدفت رغم تفعيلها أضواء الطوارئ الحمراء ووجود إشارات مرئية واضحة تدل على طبيعتها الإنسانية. وأشارت إلى أن الضحايا كانوا يرتدون سترات برتقالية عاكسة للضوء وقفازات طبية زرقاء، وهو ما يدحض مزاعم الجيش حول الاشتباه بهويتهم.
وأشار التحقيق إلى أن “مقتل هؤلاء المسعفين لم يكن حادثًا عرضيًا، بل كشف زيف روايات الجيش الإسرائيلي التي تذرعت، كما في مرات كثيرة سابقة، بوجود “إرهابيين” أو “بنى تحتية عسكرية” في المنطقة، فيما أثبتت الحقائق الميدانية عكس ذلك” حسب قولها. واستندت الصحيفة إلى شهادات ميدانية، وصور جوية، وتقارير منظمات دولية وتحليلات منطقية لتفنيد الرواية العسكرية الرسمية.
وأشارت الصحيفة إلى أن الأمم المتحدة، وعلى غير عادتها، نشرت مشاهد مروّعة من موقع القصف الذي وقع على طريق حي تل السلطان، وأظهرت جثث الضحايا مدفونةً تحت الرمال إلى جانب مركباتهم. ولم يسمح الجيش الإسرائيلي لفرق الإغاثة الفلسطينية وموظفي الأمم المتحدة بالوصول إلى المكان إلا بعد أربعة أيام من الهجوم، رغم الشائعات المبكرة التي انتشرت حول الواقعة.
وردًا على هذه المشاهد، لجأ الجيش الإسرائيلي، بحسب “هآرتس”، إلى ترويج سلسلة من المزاعم التي تبيّن لاحقًا أنها غير صحيحة، مثل القول إن المركبات لم تقم بتفعيل أضواء الطوارئ، وهو ما فندته لقطات وثقها أحد الضحايا قبل مقتله. ثم قال الجيش إن السيارة المستهدفة لم تكن سيارة إسعاف بل مركبة شرطة تابعة لحركة حماس، قبل أن يتراجع عن ذلك أيضًا.
ومن بين الادعاءات الأخرى، قال الجيش إن تسعة من القتلى كانوا ينتمون لحماس، ثم عاد وقلّص العدد إلى ستة، دون أن يقدم أي دليل يدعم هذه الادعاءات. كما ادعى أن المنطقة كانت مغلقة أمام المدنيين، في حين تبيّن أن أمر الإخلاء صدر بعد الحادث بثلاث ساعات.
وبينما قال الجيش إن الجنود أطلقوا النار من مسافة بعيدة، أثبتت التحليلات والوقائع أن الرصاص أُطلق من مسافة قريبة تتراوح بين 12 و18 مترًا فقط.
وأشار التحقيق إلى أن هذه “المجزرة” ليست معزولة، بل تعكس نمطًا متكرّرًا من الانتهاكات خلال الحرب التي بدأت في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، حيث يبدو أن الجيش الإسرائيلي ألغى كل القيود القانونية والأخلاقية، ما أدى إلى ارتكاب عدد لا يُحصى من “جرائم الحرب”، في ظل غياب المساءلة واستمرار الإفلات من العقاب بحسب الصحيفة.