وقد رصدت منصات التواصل الاجتماعي الصينية هذه الظاهرة، إذ ينشر العاطلون عن العمل صورًا ليومياتهم “العملية” كما لو كانوا في وظائف حقيقية. يقضي هؤلاء الأشخاص ساعات يومهم في مكاتب وهمية، يحضرون اجتماعات غير حقيقة، ويتظاهرون بالانشغال.
ويتقاضى هؤلاء العاملون في “الظل” نحو ستة يورو في اليوم. وبحسب الأرقام الرسمية، فإن 17 في المئة من الصينيين الذين تقل أعمارهم عن 24 عامًا عاطلون عن العمل، غير أن خبراء يرجحون أن النسبة الحقيقية أعلى من ذلك. وقد باتت بطالة الشباب تحديًا يؤرق السلطات الصينية، خاصة في المدن الكبرى.
وقد انتهز عدد من رجال الأعمال الفرصة، ليعرضوا خدماتهم بخطاب تسويقي غير مألوف: “في شركتي، لا أحد يعمل فعليًا… لكن الجميع يبدو مشغولًا. عاطل عن العمل؟ تعال واصنع يومك كما يحلو لك”.
ومن بين هؤلاء يبرز اسم يولونغ ليو، الذي يقدّم نفسه كمدير لمؤسسة وهمية تستضيف عاطلين عن العمل مقابل أجر رمزي. يستقبل ليو الزوار في مكاتب مؤثثة بعناية، ويأمل في أن يصل عدد الموظفين الوهميين إلى خمسة عشر شخصًا.
يرافق ليو الزوار في جولة داخل شركته الوهمية، ويشرح: “هذه منطقة الاستقبال، لكنها فارغة. هذه مساحة العمل، هناك أجهزة، لكنها للزينة فقط. أما هذا المكتب الذي يتمتع بإطلالة ساحرة، فنستخدمه للعب أو أخذ قيلولة.”
بالنسبة إلى داني وو، البالغة من العمر 21 عامًا، فإن هذه الحياة الوهمية تتيح لها شيئًا من الراحة النفسية. تنتقل يوميًا منذ شهرين إلى المكتب الوهمي، تنام فيه أحيانًا، وتعود إلى منزلها في الخامسة مساءً. داني، التي تركت مسقط رأسها للعمل في مدينة تشونغتشينغ، لم تخبر حتى شريكها بأنها عاطلة عن العمل.
تقول داني: “ألتقط صورًا لبيئة عملي، لأن عائلتي تسألني دومًا عن طبيعة الوظيفة. بهذه الطريقة أطمئنهم، وأخبرهم عن مشاريع وهمية. إنهم يصدقونني”. وتضيف: “كل من حولي لديه وظيفة، وهذا يجعلني أشعر بعدم الارتياح. أخفي الأمر حتى عن صديقي”.
أما جيهان وو، وهي عاطلة عن العمل أيضًا، فتلخص تجربتها بقدر من الواقعية: “سوق العمل سيء. وإن حصلت على وظيفة حقيقية، فغالبًا ما تكون ساعات العمل طويلة والظروف مرهقة أو مهينة”.
ولو أن كل ما يفعلونه هو شرب القهوة والتقاط الصور… هل بات البعض يرى أن التظاهر بالعمل، ولو مؤقتًا، أفضل من الاعتراف بالبطالة؟